تجنب التصعيد وأهمية ضبط النفس: ما الذي ناقشه مجلس الأمن في جلسته الطارئة حول العدوان الإسرائيلي على إيران؟

عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة، الجمعة، لبحث تطورات الوضع في إيران، عقب سلسلة الهجمات التي شنتها «إسرائيل» على إيران صباح أمس.
وأكدت الأمم المتحدة أن الحل السلمي عبر المفاوضات يظل أفضل وسيلة لضمان الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني، داعية إلى تجنب أي تصعيد متزايد للوضع بأي ثمن، محذرة من أن ذلك «ستكون له عواقب عالمية وخيمة».
واستمع المجلس إلى إحاطتين من وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام، روزماري ديكارلو، والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل ماريانو غروسي، وفق بيان للأمم المتحدة.
وجددت ديكارلو إدانة الأمين العام أنطونيو غوتيريس «لأي تصعيد عسكري في الشرق الأوسط»، وأكدت التزام الدول الأعضاء «بعدم استخدام القوة ضد سلامة أراضي أي دولة أو استقلالها السياسي»، وفقا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
– الجيش الإسرائيلي يعلن ضرب «منظومات دفاعية» إيرانية في منطقة طهران
كما جددت دعوة الأمين العام للجانبين «لممارسة أقصى درجات ضبط النفس في هذه اللحظة الحرجة، وتجنب الانزلاق إلى صراع إقليمي أعمق وأوسع نطاقا بأي ثمن».
وأعربت المسؤولة الأممية عن قلقها البالغ إزاء الضربات التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية، بما في ذلك مجمع نطنز للتخصيب الذي أفادت التقارير بتعرضه لأضرار جسيمة، بما في ذلك قاعات أجهزة الطرد المركزي.
وقالت ديكارلو إن التصعيد الخطير الأخير يأتي في أعقاب «بعض التطورات الدبلوماسية المهمة»، حيث كان من المقرر استئناف المحادثات بين إيران والولايات المتحدة في عُمان غدا الأحد، وأضافت: «أشجع على استمرار مثل هذه الجهود الدبلوماسية».
وكان الجيش الإسرائيلي قد بدأ سلسلة من الغارات الجوية على إيران فجر الجمعة، استهدفت مقرا للحرس الثوري وقواعد عسكرية ومنشآت رادار ومناطق سكنية في طهران ومنشآت نووية، وقُتل فيها ما لا يقل عن أربعة من كبار القادة العسكريين الإيرانيين وحوالي تسعة علماء نوويين، بحسب السلطات الإيرانية، كما وردت أنباء عن مقتل وإصابة عدد من المدنيين.
وردا على ذلك، بدأت إيران ردا على الهجوم الإسرائيلي.
وقالت «ديكارلو» إن تأثير هذه الهجمات كان ملموسا بالفعل في جميع أنحاء المنطقة، حيث أغلقت الدول المجاورة مجالها الجوي ووضعت قواتها الأمنية في حالة تأهب قصوى.
التطورات تثير قلقا بالغا
بدوره، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل ماريانو غروسي إن الوكالة على اتصال بسلطات الأمان النووي الإيرانية للحصول على معلومات عن حالة المرافق النووية المعنية وتقييم أي آثار أوسع نطاقا قد تترتب على صعيد الأمان والأمن النوويين.
وحذر من أن هذه التطورات تثير قلقا بالغا، مضيفا «لقد ذكرتُ مرارا وتكرارا أن المرافق النووية لا ينبغي أن تتعرض أبدا للهجوم – بصرف النظر عن السياق أو الظروف – لأن ذلك قد يلحق أضرارا بالناس والبيئة على حد سواء.. وتترتب على هذا النوع من الهجمات آثار خطيرة فيما يخص الأمان والأمن النوويين والضمانات، وكذلك فيما يخص السلام والأمن على الصعيدين الإقليمي والدولي».
ودعا غروسي – الذي تحدث عبر الفيديو – جميع الأطراف إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس لتجنب المزيد من التصعيد، مؤكدا أن أي عمل عسكري يخلُّ بأمان المرافق النووية وأمنها قد يؤدي إلى عواقب وخيمة تؤثّر في الشعب الإيراني والمنطقة والخارج.
وأشار إلى القرار الذي اعتمده مجلس محافظي الوكالة يوم الخميس بشأن التزامات إيران المتعلقة بالضمانات، مشيرا إلى أن المجلس شدد في قراره على أنه يدعم التوصل إلى حل دبلوماسي للمشاكل التي يثيرها البرنامج النووي الإيراني.
تحرك «إسرائيل» كان «أحادي الجانب»
وأكد مجددا استعداد الوكالة لتيسير المناقشات التقنية ودعم الجهود التي تعزز الشفافية والأمان والأمن والحل السلمي للمسائل المتعلقة بالمجال النووي في إيران.
وقال المسؤول الرفيع في مكتب شؤون المنظمات الدولية بوزارة الخارجية الأميركية، ماكوي بيت، إن تحرك «إسرائيل» ضد إيران كان «أحادي الجانب»، مضيفا أن بلاده «أُبلغت بالضربات مسبقا، لكنها لم تشارك عسكريا فيها».
وشدد السيد بيت على أنه لا ينبغي «لأي حكومة أو وكيل أو جهة مستقلة» استهداف المواطنين أو القواعد أو أي بنية تحتية أمريكية أخرى في المنطقة، مضيفا: «ستكون العواقب وخيمة على إيران».
وقال إن الرئيس ترامب انتخب «بتفويض شامل من الشعب الأمريكي لتعزيز السلام وتجنب الأخطاء الجسيمة التي ارتكبتها الإدارات السابقة والتي أدت إلى حروب لا تنتهي»، حسبما قال.
وأضاف أن الولايات المتحدة ستواصل السعي إلى حل دبلوماسي يضمن عدم حصول إيران على سلاح نووي أو تشكيل تهديد للاستقرار في الشرق الأوسط، مضيفا «ستكون من الحكمة أن تتفاوض القيادة الإيرانية في هذا الوقت».
من جانبه أكد مندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني، حق بلاده في «الدفاع عن النفس، كما هو منصوص عليه في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة»، مضيفا أن «إيران سترد بحزم وتناسب على هذه الأعمال العدوانية، في الوقت والمكان والوسيلة التي تختارها».
وأضاف: «هذا ليس تهديدا. إنها النتيجة الطبيعية، القانونية، والضرورية لهجوم عسكري غير مبرر. رد إيران سيكون حازما، وقانونيا، وضروريا لاستعادة الردع، والدفاع عن سيادتنا، والتمسك بمبادئ القانون الدولي. لا يمكن السماح لأي معتدٍ بالتصرف دون عقاب».
وقال إن بلاده طلبت عقد هذا الاجتماع الطارئ «لأننا نتوقع من هذا المجلس أن يفي بولايته بموجب الميثاق»، داعيا مجلس الأمن لأن «يدين، بأشد العبارات الممكنة، العدوان الإسرائيلي غير المشروع. ويجب أن يتخذ إجراءات فورية وملموسة لمحاسبة النظام الإسرائيلي ومنع المزيد من تآكل السلم والأمن الدوليين». وأضاف أن أي إجراء أقل من ذلك «سيشير إلى انهيار النظام الدولي ويدعو إلى الفوضى».
وأضاف: «اسمحوا لي أن أختتم بحقيقة بسيطة لا يمكن إنكارها: إسرائيل هاجمت إيران. إسرائيل انتهكت القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. ويجب محاسبة إسرائيل. يجب على مجلس الأمن أن يتصرف الآن ويوقف هذه الأعمال العدوانية فورًا. الصمت تواطؤ في هذه الجريمة».
وقال المندوب الدائم لـ«إسرائيل» لدى الأمم المتحدة السفير داني دانون، إن مئات الصواريخ الباليستية ذات الحمولات التقليدية ضربت المراكز السكانية الإسرائيلية أثناء انعقاد الاجتماع، وطلب من أعضاء المجلس أن يتخيلوا «لو كان هذا النظام المتطرف يمتلك اليوم رؤوسا نووية لتلك الصواريخ».
وأضاف أن إسرائيل انتظرت بينما قامت إيران بتخصيب اليورانيوم إلى ما يقارب درجة صنع الأسلحة وأنشأت صواريخ باليستية «ضخمة ومتطورة لدرجة أنها كانت تهدف إلى تحدي حتى القدرات الأمريكية والروسية».
وقال إن بلاده أعطت الوقت للدبلوماسية لتعمل مع استمرار المفاوضات، مضيفا أن «الانتظار انتهى الليلة الماضية».
وتابع «دانون» إن العملية الإسرائيلية نُفذت «كي لا يستيقظ الأطفال اليهود في القدس على صوت صفارات الإنذار من الغارات الجوية الناجمة عن إطلاق نووي».