الأزمة الحالية بين الولايات المتحدة وإسرائيل

اعتمد الكيان الصهيوني، المسمى إسرائيل، الذي نصبته الإمبريالية كقاعدة متقدمة لها في منطقة الشرق الأوسط بالغة الأهمية لها جيو-سياسياً وجوياً، في حروبه في المنطقة منذ نصبه، على الحرب المفاجئة الخاطفة، أي ما يعرف بمبدأ «الصدمة والرعب، أو الترويع Shock and owe». بحيث يختار بعناية أهدافاً عسكرية واسترتيجية منتقاة طبقاً لمعلومات استخباراتية موثوقة يشل بواسطتها قدرات العدو على الرد. أي أنه يحافظ على التفوق العسكري الذي يضمن له القدرة على الردع وفق مبدأ «أفضل وسيلة للدفاع، الهجوم».
لكن هذه «القدرة على الردع» أخذت تتآكل منذ سنة 2000 عندما اضطر الكيان إلى أن يسحب قواته من جنوب لبنان بسبب الخسائر التي تكبدها من قبل المقاومة اللبنانية. واتضح هذا التآكل بشكل أقوى عندما هُزِم جيش العدو الصهيوني في محاولة اجتياحه جنوب لبنان سنة 2006 أمام تصدي المقاومة اللبنانية له.
إلا أن فشله في التصدي لمفاجأة عملية ما سُمي «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر 2023، وإخفاقه لمدة 20 شهراً في القضاء على فصائل المقاومة الفلسطينية، وضع قدرته على الرد موضع تزعزع على الصعيد العالمي كما على صعيد شعبه، إضافة إلى ما أحدثه دخول حزب الله اللبناني ومنظمة أنصار الله الحوثية باليمن في حرب إسناد غزة من تأثيرات فعالة داخل الكيان المحتل.
الآن يبدو أن قدرة العدو الصهيوني على الردع قيد السقوط نهائياً بسبب الردع الإيراني لهذا الكيان الغاصب ولجمه.
من نافلة القول، أن الكيان الصهيوني مدعوم من القوى الغربية الإمبريالية، وعلى رأسها أميركا وأن الأخيرة أذنت للكيان الصهيوني بالقيام بضربة استباقية على إيران اعتقاداً منها أن دولة الكيان قادرة على ضرب المشروع النووي الإيراني وقدرات إيران الهجومية والدفاعية. لقد كانت الضربة موجعة فعلاً وأثرت تأثيراً عميقاً لا يمكن إنكاره على الوضع في إيران. بيد أن إيران تعافت بسرعة وتماسكت وردت رداً مزعزعاً على دولة الكيان قد يكون أكثر إيجاعاً من الضربة التي تعرضت هي لها.
راهناً، تجد أميركا ودولة الكيان، كلتاهما، في مأزق حقيقي بسبب النتائج الماثلة التي لا تصب في مصلحة الكيان الصهيوني. فأميركا تعلن أنها تنأى بنفسها عن «التدخل المباشر» في هذه الحرب ضد إيران لأكثر من سبب، فهي تعرضت منذ فترة بسيطة لهزيمة، أو على الأقل، إخفاق حقيقي أمام جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن، وقياساً عليه، كيف ستكون النتائج في حال الدخول في حرب مباشرة مع دولة قوية مثل إيران. وهناك احتمال أن مثل هذا التدخل المباشر سيجر أطرافاً أخرى، مثل باكستان وروسيا والصين وكوريا الشمالية، إلى التدخل في الصراع على نحو أو آخر.
لكن، من جانب آخر، لا يمكن لأميركا السماح بهزيمة الكيان الصهيوني هزيمة مذلة، كما أنها لا تسمح بأن تخرج إيران من هذه المواجهة منتصرة، الأمر الذي يجعل منها قوة عسكرية مهيمنة في المنطقة.
وإذن، فالمخرج الوحيد من هذا المأزق هو الحل الدبلوماسي. غير أن الحل الدبلوماسي بين أميركا وإيران لم يتحقق طوال عشرات السنوات، وفي حالة استمرار ميلان كفة هذه الحرب لصالح إيران فستكون أكثر معاندة وتشبثاً بصون ما تعتبره أمنها القومي.