“فرانس برس”: مخاوف في طرابلس من احتمال تجدد النزاع بعد عيد الأضحى

“فرانس برس”: مخاوف في طرابلس من احتمال تجدد النزاع بعد عيد الأضحى

سلط تقرير من وكالة الأنباء الفرنسية الرسمية الضوء على حالة من التوتر التي تسود طرابلس، عشية عيد الأضحى، في ظل مخاوف حقيقية من احتمال تجدّد القتال بين المجموعات المسلحة المتنافسة، بعد جولة دامية في منتصف شهر مايو، بين مجموعات مسلحة عقب مقتل رئيس جهاز دعم الاستقرار عبدالغني الككلي ومحاولة حكومة الوحدة الوطنية الموقتة فرض ترتيبات أمنية جديدة في العاصمة.

ونقلت «فرانس برس» عن رندا المحمودي (في الثلاثينات) التي كانت تملأ عربة تسوّق في أحد المتاجر الكبرى في حي السياحية غرب طرابلس، قولها «هناك اختناقات مرورية، والمحلات التجارية والمدارس مفتوحة، وحركة الطيران… كل شيء عاد إلى طبيعته في طرابلس، لكننا نشعر أن هناك شيئا ما غير طبيعي».

وتتابع الأم لثلاثة أولاد والمعلمة «نحاول، من أجل الأطفال فقط، أن نفعل الأشياء كالمعتاد، دون التفكير في ما قد يحدث. وإلا لن نتمكّن من الاستمرار». بينما يقول نور الدين الشاوش (48 عاما) إن أطفاله «يرتجفون عندما يسمعون الألعاب النارية في حفلات الزفاف»، بسبب الصدمة التي أصابتهم نتيجة أعمال العنف التي هزّت العاصمة على مرّ السنين.

ويؤكد حمزة الأحمر (39 عاما)، وهو موظف في شركة خاصة، «يوجد تخوّف عمّا سيحصل بعد العيد. هل ستتجدّد الاشتباكات؟»، مضيفا «لا توجد رسالة طمأنة من الحكومة». ويتابع: «نحاول بدء عطلة عيد الأضحى في جوّ من التفاؤل (…)، ونترك التساؤلات ونحاول التنعّم بأجواء عائلية هادئة».

استمرار التحركات العسكرية في طرابلس
وتؤكد «فرانس برس» استمرار التحركات العسكرية في طرابلس على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار، حيث تنشر بين الحين والآخر مقاطع فيديو يصعب التحقّق من صحتها، عن توافد فوات عسكرية داعمة لحكومة الوحدة الوطنية الموقتة برئاسة عبدالحميد الدبيبة من مصراتة إلى طرابلس.

– «الردع» يرحب بتشكيل اللجنة الأمنية والعسكرية في طرابلس.. ويرفض مظاهر الفوضى
– وزارة الدفاع بحكومة الدبيبة: ملتزمون بإخلاء طرابلس من المظاهر المسلحة
– وزارة الداخلية ترحب بإجراءات المجلس الرئاسي الأمنية والحقوقية
– «حكومة الوحدة»: المنفي والدبيبة يتفقان على تشكيل لجنة أمنية وعسكرية لإخلاء طرابلس من المظاهر المسلحة

وقالت «فرانس برس» إن الدبيبة قرّر في منتصف مايو الماضي، تفكيك «جميع الميليشيات» التي تتقاسم النفوذ في طرابلس، والتي اتهمها بأنها أصبحت «أقوى من الدولة»، ما أدّى إلى اندلاع قتال في وسط المدينة أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص على الأقل، بحسب الأمم المتحدة.

واندلعت المواجهات الأولى في أعقاب مقتل رئيس جهاز دعم الاستقرار، القيادي البارز عبدالغني الككلي، المعروف باسم «غنيوة»، وهي جماعة مسلحة متمركزة في ضاحية أبوسليم جنوب غرب طرابلس وبات لها نفوذ في قطاعات اقتصادية رئيسية بالدولة.

وفي اليوم التالي، اندلعت معارك منفصلة أكثر عنفا بين اللواء 444 قتال التابع لحكومة الوحدة الوطنية وجهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وهي مجموعة أخرى شديدة النفوذ تسيطر على شرق العاصمة والمطار وأكبر سجون المدينة.

إعادة ترتيب مناطق نفوذ الجماعات المسلحة
وقالت «فرانس برس» إن قرار الدبيبة أدّى إلى إعادة ترتيب مناطق نفوذ الجماعات المسلحة.

ويقول فتحي شبلي، وهو مدرّس متقاعد يبلغ من العمر 64 عاما، «ظاهريا، قد يكون هناك هدوء، لكن لا أعتقد أن الأمور عادتن الى طبيعتها. الناس لا يزالون يخشون تجدّد الاشتباكات في أي وقت، لأن المشكلة التي حدثت بسببها هذه الاشتباكات لم تنته بعد».

وتابع: «رحيل عبدالحميد الدبيبة الآن لن يحلّ الأزمة في ليبيا، لأن الدبيبة هو جزء من المشكلة وليس كل المشكلة. الأجسام السياسية التي فقدت شرعيتها تشكّل المشكلة»، داعيا إلى «انتخاب سلطات جديدة لإعادة الاستقرار لليبيا».

انتهاكات جسيمة بمراكز الاحتجاز في طرابلس
وتحدّث المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك أمس الأربعاء عن «انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية التي يديرها جهاز أمن الدولة».

وبحسب مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، عثر على ما لا يقل عن «10 جثث متفحمة» في مقر جهاز دعم الاستقرار، فضلا عن «67 جثة في مشرحتي مستشفيي أبوسليم والخضراء»، في حين «تم اكتشاف موقع دفن في حديقة حيوانات طرابلس التي كانت تحت سيطرة جهاز دعم الاستقرار في ليبيا».

وسيطر القوات التابعة لحكومة الحكومة الوطنية الموقتة على مقار جهاز دعم الاستقرار بعد مقتل قائده عبدالغني الككلي. وتقول رنا المحمودي «ننتظر لنرى. هناك وضع جديد في طرابلس بعد مقتل غنيوة والمشاكل مع الردع لم تنته».

تظاهرات مؤيدة ومعارضة لحكومة الدبيبة في طرابلس
على مدار ثلاثة الأسابيع الماضية، تجمّع مئات الليبيين كل يوم جمعة، أغلبهم من حي سوق الجمعة حيث معقل جهاز الردع، في وسط المدينة للمطالبة باستقالة حكومة الدبيبة. فيما خرجت تظاهرة مؤيدة لحكومة الدبيبة يوم الجمعة الماضي، تطالب بحلّ كافة المجموعات المسلحة وترفض الحرب في طرابلس.

وتشهد طرابلس من حين إلى آخر اشتباكات بين مجموعات مسلّحة متنافسة لأسباب تتعلّق بالصراع على مناطق النفوذ والمواقع الحيوية، رغم أن الهدوء النسبي الذي تعيشه العاصمة الليبية منذ الهجوم العسكري الواسع النطاق الذي شنّته قوات القيادة العامة بقيادة المشير خليفة حفتر في 2019 وانتهى في يونيو 2020 بتوقيع اتفاق وقف لإطلاق النار برعاية الأمم المتحدة.