نماذج وصور الشويرف

نماذج وصور الشويرف

أودع الأستاذ عبد اللطيف الشويرف بكتابه الذي وسمه بنماذج وصور، وأناط نشره في الطبعة الثانية والمزيدة بدار الوليد، ثمانية وثلاثين نصًا نثريًا كان قد نشر جلها على صفحات جريدة الليبي، وهي تستأنف صدورها في السنوات الأخيرة من خمسينيات القرن الماضي، فتزامنه مع انتخاب صاحبها الأستاذ علي الديب عضوًا بالمجلس التشريعي الطرابلسي في هيئته الثالثة ووجود شيء من الوقت ما ساعده ـ أي الديب ـ على إرضاء طموحه القيادي، فأتاح للشويرف، عندما آنسَ فيه الاستعداد، فرصة المشاركة بالصحيفة المذكورة ليكون ضمن الذين ساهموا في إحلالها المنزلة المميزة، أما الجزء القليل فقد كان مما نشره الشويرف بصحيفة البلاغ لصاحبها المرحوم علي اوريث، تلك التي كانت واحدة من أربع صحف رَخّصت لها حكومة الدكتور فكيني، هي الحقيقة والحرية والشعب والبلاغ، إلى جانب الأيام. كان الترخيص صادرًا من وزارة الإنباء والإرشاد، وتحديدًا مصلحة المطبوعات والنشر، وقد حمل حقيبة الوزارة الأستاذ عبد اللطيف الشويرف، أما خلفيات التصريح فتعود بالنسبة للحقيقة والحرية لعلاقة السيدين محمد بشير الهوني ومحمد عمر الطشاني بالسيد سيف النصر عبد الجليل وزير الدفاع بحكومة فكيني ورئيس المجلس التنفيذي السابق لولاية فزان المعروف بإدراكه لأهمية الصحافة، وليس من المستبعد أن يكون من الذين دفعوا بضرورة الانفتاح، فيما كان وجود الأستاذ علي المصراتي عضوًا بمجلس النواب وجمعه بين المكانة الأدبية والوطنية ومناصرة التجديد للسيد مفتاح عريقيب في رئاسة مجلس النواب والامتناع عن تأييد محمد عثمان الصيد ما ضاعف من أهليته لإصدار صحيفة الشعب، لتبقى فقط صحيفة الأيام التي أصدرها الأستاذ عبد الله شرف الدين تنفيذًا لحكم المحكمة العليا، وهو الحكم الذي شمل صحيفة الميدان لصاحبها الأستاذ فاضل المسعودي فقوبل بالتلكؤ إلى أن أُقيلت حكومة فكيني ولم يُخفِ المسعودي ارتياحه من إزاحة الدكتور فكيني عندما لم يتأخر في مشاركة الذين أبرقوا إلى الملك مُهنئين بإقالة فكيني لتأتي حكومة محمود المنتصر الثانية ويقوم وزير الإنباء بها السيد حسن بركان بالترخيص لجريدة الميدان بالصدور فتُفصح عن حرفية اعترف بها المختلفون معها قبل المتفقين، دون أن أتنصل على الصعيد الشخصي من صلتي بها من أول عدد صدر في العهد الملكي والأخير الذي صدر في زمن الفاتح من سبتمبر 69 حيث تم إقفالها بقرار من مجلس قيادة الثورة في الأسابيع الأولى وخروج المرحوم فاضل المسعودي عن طريق الحدود التونسية إثر تلقيه علمًا بأن النظام بصدد اعتقاله، وهو ما أثبتته المحاكمة التي عُقِدت لمن أُطلِقَ عليهم المتهمون في مؤامرة الجنوب عندما أُعلِنَ اسمه بين المحكوم عليهم بالإعدام دون تبيان التهمة بالقدر الذي يبرر الحكم، هذا وقد وجد في المحاكمات الاستثنائية ما يبرر الأحكام! وقد كان الأستاذ الشويرف في مستوى إنصافه المعهود عندما أشار إلى المقطوعة المعنونة بمغرور، وبدا فيها ما قد يفيد بأنها قد كُتِبَت في زمن الفاتح عندما استأنفت البلاغ صدورها فأكد ـ رحمه الله ـ أنها كانت ضمن منشوراته في الليبي وأنه لا يريد لنفسه ادعاء بطولة لم يقم بها، ويظل الكتاب على رأس الشواهد التي يمكن لكل دارس لفن المقالة بليبيا أن يتوقف عندها إذا ما أراد تقديم ما ينصف الأجيال وليرحم الله الأستاذ الشويرف ويجازيه عن الأدب والثقافة والحقيقة وافر الجزاء.