«تدوين الأشواك».. بانو مشتاق من الهند تتحول آلامها إلى أدب يلامس العالمية

«تدوين الأشواك».. بانو مشتاق من الهند تتحول آلامها إلى أدب يلامس العالمية

تؤمن المؤلفة الهندية والناشطة في مجال حقوق المرأة بانو مشتاق، التي نالت في مايو الفائت جائزة بوكر الأدبية الدولية، بضرورة استلهام الكاتب الواقع، ولو كان شديد العنف. ومن هذا المنطلق، لم تتردد في جعل إحدى أقصوصات مجموعتها الفائزة بالمكافأة المرموقة تتناول محاولة انتحار حرقًا، مشابهة لتلك التي أقدمت عليها بنفسها.

وقالت بانو مشتاق (77 عامًا): «لا يمكن المرء أن يكتب لمجرّد وصف وردة. لا يمكنه أن يكتفي بالقول إن لها هذا العطر، وهذه البتلات، وذاك اللون. عليه أيضًا أن يكتب عن الأشواك. إنها مسؤوليته وعليه أن يفعل»، في مقابلة مع وكالة «فرانس برس».

تتناول مجموعتها القصصية الفائزة بجائزة بوكر، وتحمل عنوان «هارت لامب» Heart Lamp (مصباح القلب)، في أقصوصاتها الاثنتي عشرة القوية، جوانب من حياة نساء مسلمات يعانين توترات أسرية ومجتمعية؛ تحمّل بعضهنّ العنف المنزلي، أو ابتُليت أخريات بوفاة أطفالهن، أو تعرضن للخيانة من أزواجهن.

– سامنثا هارفي الفائزة بجائزة بوكر تروي رحلتها الأدبية إلى الفضاء
– من بوابة الـ«بوكر» الدولية 2024.. الأديب الليبي هشام مطر يغازل العالمية مجددا بـ«أصدقائي»

وتعد هذه القصص، المنشورة في الأصل بين عامي 1990 و2023، أول عمل أدبي باللغة الكانادية، وهي اللغة المحكية في جنوب الهند خصوصًا، يُترجَم إلى الإنجليزية.

وفازت المترجمة ديبا بهاستي بجائزة بوكر مناصفةً مع المؤلفة.

وذكّر منظّمو الجائزة بأن الكتاب تعرّض للرقابة من جانب الدوائر المحافظة في الهند، وتجاهلته الجوائز الأدبية الكبرى في الدولة الآسيوية العملاقة، لكنّ النقاد أشادوا بما ينطوي عليه أسلوب الكاتبة من فكاهة تعبّر في الوقت نفسه عن الألم وقساوة القصة، وبموقفها الحازم بلا مهادنة من طغيان النظام الأبوي والطبقية والتطرف الديني على المجتمع الهندي.

وتلقت مشتاق، المولودة عام 1948 لعائلة مسلمة، تعليمها باللغة الكانادية، لا بالأردية التي تُعدّ اللغة الثقافية لمسلمي الهند.

وبعدما كانت بدايات بانو مشتاق في مجالي الصحافة والتعليم، امتهنت المحاماة، وناضلت بصفتها الحقوقية ضد الأصولية وغياب العدالة الاجتماعية.

ومع أن زواجها كان نتيجة قصة حب، سرعان ما شعرت بالاختناق. وقالت: «لم يكن يُسمح لي بنشاطات فكرية وبالكتابة».

محاولة الانتحار حرقًا
وبعدما أصبحت أمًا، أنهكتها الحياة الأسرية، فما كان منها، لشدة يأسها، وكانت في السابعة والعشرين تقريبًا، إلا أن سكبت على نفسها الوقود لإحراق نفسها.

وهرع زوجها إليها مع ابنتهما البالغة ثلاثة أشهر. وقالت: «وضعها عند قدميّ، وجعلني أركّز انتباهي إليها، وعانقني، ثم ضمّني إليه، وبهذه الطريقة تمكن من ثنيي» عن الانتحار.

وفي أقصوصتها، تكون الطفلة هي صاحبة الفضل في لجم محاولة أمها. ورأت الكاتبة أن «شيئًا من شخصية الكاتب ينعكس في مؤلفاته، سواءً بوعي أو بغير وعي».

وتملأ الكتب منزل بانو مشتاق الواقع في بلدة حسان الصغيرة في جنوب الهند. وعلى الجدران، علّقت الجوائز والشهادات التي حصلت عليها، ومنها جائزة بوكر التي تسلمتها في لندن.

وغيّرت هذه الجائزة حياتها «بشكل إيجابي»، على ما أكّدت، مع أنها شكت ما تفرضه هذه الشهرة من عبء عليها.

وتستقبل الكاتبة الكثير من الزوار. وقالت بأسف: «لم يعد لديّ وقت للكتابة التي تُشعرني بمتعة وارتياح كبيرين».

وأشادت لجنة تحكيم جائزة بوكر بشخصيات روايات بانو مشتاق، ووصفتها بأنها «صور مذهلة للقدرة على الاستمرار».

وشددت بانو مشتاق على أن شخصياتها ليست خاصة ببلد بعينه أو مجتمع بذاته، بل تنطبق على كل زمان ومكان. وقالت: «في كل مكان، تعاني النساء هذا النوع من القمع والاستغلال والسلطة الأبوية. المرأة هي المرأة، في كل مكان من العالم».

ومع أنها أقرّت بأن أعمالها قد لا تحظى بإعجاب حتى من تكتب لأجلهنّ، تنوي مواصلة «قول ما يحتاج إليه المجتمع». وقالت مشتاق: «الكاتب دائمًا مؤيد للشعب».