«بنك أوف أميركا»: السعودية تتهيأ لنزاع أسعار مع منافسيها في سوق النفط

قال محللو «بنك أوف أميركا» إن المملكة العربية السعودية تستعد لحرب سعرية مطولة في أسواق النفط بهدف استعادة حصتها السوقية، منبهين من تداعيات تلك الحرب على صناعة النفط الصخري الأميركي التي لا تزال هشة بحسب تعبيره.
وقال رئيس أبحاث السلع في «بنك أوف أميركا»، فرانسيسكو بلانش، في تصريحات إلى «بلومبرغ» الأميركية، إن «المملكة السعودية تستعد لحرب سعرية مطولة ضد منافسيها من منتجي النفط»، مضيفًا أنها «ستكون حربًا طويلة وسطحية وليست قصيرة كما مضى».
أوقات صعبة
ويشير تقرير نشره موقع «أويل برايس» الأميركي أمس الثلاثاء إلى «أوقات عصيبة يستعد لها التجار في الوقت الراهن؛ حيث يراهن تجار العقود الآجلة على أن التراجع المستمر عن تخفيضات الإنتاج من قِبل (أوبك بلس) سيؤدي في النهاية إلى وفرة في المعروض وانخفاض أكبر في أسعار النفط».
ووفقًا لأحدث تقرير التزام المتداولين الصادر عن مجموعة «سي إم إي»، فقد بلغ حجم الاهتمام المفتوح بخيارات فروق الأسعار التقويمية مستويات قياسية خلال الأسبوع الجاري؛ حيث يحتفظ المضاربون بأكبر رهانات صافية على ضعف منحنى العقود الآجلة للنفط الخام الأميركي منذ العام 2020.
– لماذا قررت «أوبك بلس» رفع إنتاجها النفطي مع انخفاض الأسعار؟
– أسعار النفط تتراجع مدفوعة بمخاوف من ارتفاع إنتاج «أوبك بلس»
– توقعات بتراجع إنتاج الولايات المتحدة من النفط الصخري بعد أن بلغ ذروته
كما تظهر مخططات العقود الآجلة للنفط منحنى غير اعتيادي؛ حيث تسعر أسواق النفط إمدادات محدودة حتى العام 2025، تليها زيادة في المعروض في العام 2026.
وانخفض الفارق بين عقد خام غرب تكساس الوسيط لشهر يوليو وعقد أغسطس بمقدار 3 سنتات في 5 يونيو ليصل إلى 0.93 دولار للبرميل، بينما اتسع الفارق بين عقد ديسمبر 2025 وعقد ديسمبر 2026 بمقدار 10 سنتات ليصل إلى 0.53 دولار.
مخاطر تسيطر على الأسواق
تعليقًا على الوضع، قال رئيس التحليلات في شركة «إنرجي أسبكتس» المحدودة، نيكي فيرجسون: «هناك الكثير من المخاطر في التجارة. النشاط المتزايد مدفوع بالآجال القوية، والأرصدة المؤجلة الضعيفة، والبيئة الجيوسياسية المتغيرة للغاية التي تجعل الاحتفاظ بالعقود الآجلة أمرًا صعبًا».
وأشار «أويل برايس» إلى أن «هذه ليست المرة الأولى التي تنخرط فيها السعودية في «سباق مع خصومها»، مضيفًا: «فقد اتبعت المملكة استراتيجية مماثلة مرتين على الأقل خلال العقد الماضي، وحققت درجات متفاوتة من النجاح».
وخلال العام 2015، صمدت صناعة النفط الصخرية بالولايات المتحدة في حرب سعرية عن طريق إعادة تنظيم آليات الإنتاج والبيع، قادرةً على تحقيق التعادل عند سعر منخفض لخام غرب تكساس الوسيط يبلغ 35 دولارًا للبرميل، منخفضا من 70 دولارًا للبرميل.
وفي العام 2020، تطلبت أزمة النفط الصخري الأميركي التدخل المباشر من الرئيس آنذاك دونالد ترامب، الذي أقنعت تهديداته بسحب الدعم العسكري للسعودية.
هشاشة النفط الصخري الأميركي
غير أن التقرير الأميركي أشار إلى «هشاشة صناعة النفط الصخري بالولايات المتحدة هذه المرة»، حيث يتطلب القطاع أن تكون أسعار خام غرب تكساس الوسيط 65 دولارًا للبرميل أو أكثر لتحقيق ربحية الحفر.
وقد انخفض عدد منصات الحفر الأميركية بالفعل بنسبة 4% على أساس سنوي، وهي الآن أقل بنسبة 7% من متوسطها على مدى خمس سنوات، مع تقليص المنتجين لأنشطة الحفر في ظل ارتفاع التكاليف.
يعزى ذلك جزئيًا إلى الرسوم الجمركية على واردات الصلب الأميركية، مما أدى إلى زيادة أسعار معدات التكسير الهيدروليكي. وفي الوقت نفسه، تشكل القيود الجيولوجية أيضًا عقبة كبيرة أمام الجهود المبذولة لزيادة الإنتاج، مع تباطؤ طفرة النفط الصخري التي استمرت قرابة عقدين.
وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية زيادة طفيفة في إنتاج النفط الصخري إلى 14 مليون برميل يوميًا في العام 2027، ارتفاعا من 13.2 مليون برميل في العام 2024.
زيادة إنتاج «أوبك بلس»
يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه دول تكتل «أوبك بلس» زيادة ثالثة في الإنتاج النفطي بمقدار 411 ألف برميل يوميا خلال أشهر مايو ويونيو ويوليو.
يتفق ذلك مع تحذيرات المحللين العام الماضي بأن «المملكة السعودية مستعدة للتخلي عن دورها التقليدي باعتبارها المنتج المتأرجح في (أوبك بلس)، والتحلي كذلك عن هدف الوصول إلى سعر غير رسمي للبرميل عند 100 دولار لصالح زيادة الإنتاج».
وكانت حصة السعودية من تخفيضات الإنتاج التي طبقتها المجموعة بلغت 2 مليون برميل يوميا من إجمالي 3.15 مليون برميل يوميا قبل أن تبدأ في تخفيف التخفيضات في أبريل الماضي.