اﻟﻤﺼﺮﻳﻮن ﻳﻮاﺟﻬﻮن اﻟﻐﻼء ﺑـ»ﺳﻼح اﻟﺘﻘﺸﻒ«

خبراء: التجار يستغلون الأزمات لصناعة الثروات..ضبط الأسواق وحماية السلع من الاحتكار طوق النجاة«الغرف التجارية»: زيادة أسعار السلع 20% بعد تحريك أسعار الوقود
تزامنا مع ارتفاع أسعار الوقود، يشهد الشارع المصرى حالة من الغليان نتيجة لارتفاع أسعار تعريفة الركوب، وأسعار السلع الغذائية، التى تأثرت بحركة النقل التى تعتمد بشكل أساسى على الوقود مع توقعات صعود مؤشرات التضخم، وتذبذب حركة البيع والشراء فى الأسواق، الأمر الذى يهدد باستغلال التجار لهذه الأزمات ويحتكرون السلع، وبالتالى تتفاقم الأزمة وتحدث حالة احتقان وسط المواطنين إن لم تشدد الرقابة من قبل الجهات المعنية.
يقول حاتم النجيب، رئيس شعبة الخضراوات والفاكهة بغرفة القاهرة التجارية، إن لم يكن هناك ارتفاع فى أسعار السلع نتيجة تحرك أسعار الوقود حتى الآن، وربما تظل هذه الحالة فى مواسم الإنتاج.
وأضاف «النجيب» فى تصريحات لـ «تواصل»، أن توافر الإنتاج فى الأسواق هو المتحكم الرئيسى فى استقرار الأسواق، وليس ارتفاع الوقود، لافتا إلى أن تكلفة نقل الخضراوات والفاكهة ربما تتأثر بارتفاع قيمته 25 قرشا للكيلو الواحد، مؤكدا أن أرتفاع أسعار السلع عادة ما يحدث نتيجة لقلة الإنتاج واختفائه من الأسواق خارج الموسم.
وتابع، أن 99 % من حركة نقل الخضراوات والفاكهة تعتمد على السولار، وربما نشهد خلال الموسم الجديد ارتفاع الأسعار نتيجة لارتفاع تكلفة الإنتاج المرتبطة بشكل أساسى على الوقود المستخدم فى ماكينات الرى، والرفع، وغيرها من مستلزمات الزراعة، لذلك يجب أخذ الإجراءات اللازمة من الجهات المعنى بالدولة لمواجهة ذلك التحدى وعدم استغلاله، موضحا أن كارثة الغلاء بالأسواق عادة تكمن فى جشع التجار، ولا بد من مواجهته بوعى المواطنين.
وأكد مصدر بالاتحاد العام للغرف التجارية، رفض ذكر أسمه، إن مشكلة ليست فى ارتفاع أسعار البنزين، وإنما بالسولار، باعتباره العمود الفقرى لحركة النقل بين الأسواق، حيث إنه لا توجد سلعة أو منتج لا تدخل تحت عامل النقل، وبالتالى يظهر تأثيره المباشر على الأسعار.
وأوضح المصدر فى تصريحات لـ«تواصل»، أن زيادة الوقود بنسبة 15% تعنى زيادة فى أسعا السلع بنسبة 20%، وقد تختلف من سلعة أخرى، مشيرا إلى أن جميع السلع ستتأثر بتحرك أسعار الوقود « حتى ساندوتش الفول» الذى يستخدم فى البوتاجاز.
ولفت إلى أن هناك قطاعات تمثل الوقود نسبة 70 % من تكلفة الإنتاج بها، مثل المحاجر وبعض الأعمال التى تعتمد على اللوادر والحفارات ، ويعتبر السولار سلعة حاكمة للأسعار، وبالتالى فإن القطاعات الأكثر تأثر بتحرك الوقود، المقاولات، الصناعة، القطاع الغذائى، مؤكدا أن الغرف التجارية دورها الأساسى رصد الأسعار وإرشاد التجار، والرقابة تعتمد بشكل أساسى على الحكومة والجهات المعنية.
وحذر من الإنفلات واستغلال الأزمات، فعلى سبيل المثال يفرض السائقين تعريفات مضافعة عن الأسعار المعتمدة من الحكومة، لافتا إلى أن الاتحاد سيعقد اجتماعا فى 19 إبريل لمناقشة تداعيات الرسوم الجمركية التى أقرها الرئيس الأمريكى ترامب، وتحريك أسعار الوقود على الأسواق.
وأكد الدكتور سيد خضر، الخبير الاقتصادى، أن ارتفاع أسعار الوقود سيفاقم الوضع الاقتصادى فى مصر ، وسيعمل على ارتفاع مؤشر التضخم، تزامنا مع تدنى دخل المواطنين.
وأضاف «خضر»، فى تصريحات لـ «تواصل»، ان التجار فى الأسواق يرفعون شعار «استغلال الأزمات»، ويحتكرون الأسعار فى خطوة لتكوين ثروات من ذلك، وبالتالى لابد من رقابة الأسواق بقبضة من حديد، ومراعاة تدنى دخل المواطنين.
قال الدكتور حسام الغايش المحلل الإحصائى وخبير دراسات الجدوى الاقتصادية، إنه بعد الزيادة الأخيرة فى أسعار الوقود، من المفترض أن تأخذ الحكومة المصرية عدة إجراءات رقابية لضبط الأسواق وحركة النقل والمواصلات، بهدف حماية المواطنين من الاستغلال وضمان استقرار.
وأضاف فى تصريحات لـ «تواصل»، أنه يجب ان تشدد الحكومة على تكثيف الرقابة على الأسواق لمواجهة أى زيادات غير مبررة فى أسعار السلع، ويتم تشكيل غرف عمليات مركزية فى مديريات التموين بالمحافظات لمتابعة توافر السلع الأساسية وضمان التزام التجار بالأسعار المقررة، كما يتم تكثيف الحملات التفتيشية على محطات الوقود والأسواق لضبط أى مخالفات.
فيما يتعلق بوسائل النقل، تابع أنه يجب توجه التنمية المحلية المحافظات بتحديد تعريفة الركوب الجديدة بناء على الزيادة فى أسعار الوقود، مع التأكيد على ضرورة وضع التسعيرة الجديدة فى أماكن واضحة بالمواقف وعلى الزجاج الأمامى والخلفى للمركبات، كما يتم تكثيف الحملات الرقابية للتأكد من التزام السائقين بالتعريفة المقررة.
وأشار إلى ضرورة عمل الأجهزة الرقابية مثل مباحث المرور والتموين وغرف المتابعة على مستوى الجمهورية لمتابعة تطبيق التعريفة الجديدة، مع توفير أرقام خطوط ساخنة لتلقى شكاوى المواطنين بشأن أى مخالفات، مع ضرورة مطالب نواب البرلمان الحكومة بتشديد الرقابة على الأسواق ووسائل النقل، للتأكيد على ضرورة تطبيق العقوبات المنصوص عليها فى قانون المرور على المخالفين، مثل فرض غرامات مالية أو سحب التراخيص فى حالات التلاعب.
أما من حيث ارتفاع الأسعار فى ظل تدنى الدخول وغياب تطبيق إعانة البطالة لفئات واسعة من المواطنين أكد الخبير الدكتور «الغايش»، إن ذلكً يسبب ضغطًا كبيرًا على موازنة الأسرة المصرية، وينعكس سلبًا على الحياة اليومية، ومن التأثيرات الأساسية تآكل القدرة الشرائية، حيث أن الدخول الثابتة لا تواكب الزيادات مما يعنى أن المواطن يشترى كميات أقل من السلع والخدمات بنفس الدخل نتيجة ارتفاع معدلات التضخم، خاصة وأن الطبقات المتوسطة والفقيرة تتأثر بشدة، تزامنا مع ارتفاع أسعار الوقود، التى تؤدى إلى زيادة أسعار النقل والسلع الغذائية.
ولفت إلى أن المواطنين يلجأون إلى التقشف الإجبارى فى نفقات مثل العلاج، التعليم، والترفيه، وبعض الأسر قد تستبدل البروتين الحيوانى بالبقوليات أو تخفض عدد الوجبات، ويعتمد البعض على الاقتراض أو الشراء بالأجل لتلبية الاحتياجات الأساسية، ما يراكم الأعباء، خاصة وان ارتفاع أسعار الفائدة يزيد الأمر سوءا.
وذكر أنه رغم وجود بعض برامج الحماية مثل تكافل وكرامة إلا أن فئات كثيرة غير مشمولة خصوصاً العاطلين عن العمل غير المسجلين، كما أن عدم وجود إعانة بطالة شاملة يزيد من هشاشة أوضاع العاطلين والشباب، أما فى حال قررت الحكومة المصرية رفع الدعم تدريجيًا عن السلع والخدمات والاتجاه إلى نظام الدعم النقدى المباشر سيكون عليها التعامل بحذر شديد مع متطلبات الاقتصاد الحر، وذلك لتحقيق توازن بين العدالة الاجتماعية وكفاءة السوق.
وتوقع أن تتعامل الحكومة مع هذا التحول، باستهداف الدعم بشكل أكثر دقة، والتحول للدعم النقدى يعنى أن الحكومة لن تدعم السلعة، بل ستعطى المواطن مبلغًا ماليًا مباشرا، مما يستدعى وجود قاعدة بيانات دقيقة للمستحقين لتجنب تسرب الدعم لغير المحتاجين، كما سيتم تفعيل دور البطاقات الذكية أو المحافظ الإلكترونية لصرف الدعم بشكل شهرى أو دورى.
وأردف «الغايش» أنه مع رفع الدعم عن السلع (مثل الوقود أو الخبز أو الكهرباء)، ستُترك الأسعار للسوق، لكن لضمان عدم التلاعب، ستكثّف الحكومة من الرقابة على الأسواق والمحتكرين، وقد يتم تفعيل آليات تسعير رقابية مرنة مؤقتة فى بعض القطاعات الأساسية لضمان العدالة.