العذاب في التأمين الصحي بأكتوبر

العذاب في التأمين الصحي بأكتوبر

من البديهيات التى قام عليها التأمين الصحى الاجتماعى الشامل انه نظام صحي إلزامي تكافلي اجتماعي يعمل وفق القانون رقم 2 لسنة 2018 والذي ينص على أنه نظام إلزامى، يقوم على التكافل الاجتماعى وتغطى مظلته جميع المواطنين المشتركين في النظام، وتتحمل الدولة أعباءه عن غير القادرين  لكن عندما خضت هذه التجربه بنفسي متمثله فى اجراء جراحه لحميه لحفيد يوسف مصطفى طارق وجدت ان عبارة ( تتحمل الدولة أعباءه عن غير القادرين  ) تحتاج الى تفسير شاق فى كيفية تحمل الدوله لهذا العبء ، هل هو عبء تواجد الأطباء في العيادات وعدم التخلف عن أداء واجبهم المهنى ، ام عبء الانتقالات من ادارة الى اخرى ومن محافظه الى غيرها بسبب نقص التخصصات ، ام فى توفير الادويه والمستلزمات واجراء العمليات الجراحية وغيرها.

لم اتخيل حجم هذه الأعباء  التى يتعرض لها المريض الا عندما خضت هذه التجربه بنفسي مع حفيدى يوسف مصطفى طارق الذى ذهب به والده الى التامين الصحي بالبدرشين لإجراء عملية جراحية في الانف وفوجىء بعد ذهابه عدة مرات بعدم وجود طبيب انف واذن وحنجره وتم توجيهه الى مجمع التأمين الصحي بالحى السابع بمدينة ٦ اكتوبر  ، فلم يكذب الخبر وتوجه بصحبة ابنه ٤ سنوات ليصل إلى المكان فى اكثر من ساعتين ونصف الساعه ، وشاء حظه العثر ألا بجد طبيب فى هذا اليوم

وعاد بابنه بعد ان ضاع اليوم منه وتخلف عن عمله ليذهب فى اليوم الثانى بعد تدخلى والتحدث مع بعض الزملاء بالعلاقات العامه بالتامين الصحى بالجيزه ، وتم تحديد الموعد ولم يحضر الطبيب للمره الثانيه ، وبعد تدخلات ووساطات بعدم العودة ، اضطر لانتظار طبيب الساعه الثانيه ظهرا ، وتم الكشف الطبي ، و تم منحه علاج لمدة شهر ، وبعد الشهر عاد  للذهاب مره اخرى ،  وتكرر نفس الامر الطبيب يعتذر ، واضطر ايضا للانتظار حتى الثانية ظهرا ،  وتم الكشف الطبي وطلب الطبيب اجراء اشعه مقطعيه على الانف وقمت انا كاتب هذه السطور بالذهاب مع حفيدى حتى بتمكن والده بالذهاب الى عمله وتوحهت   يوم الاحد الموافق ٤/١٣ لاجراء الاشعه وخوفا من العوده تواجدت امام مجمع التامين الصحي بالحى السابع فى الساعه السابعه و٤٥ دقيقه ، وسالت عن الإجراءات فوجدت عدد من  المواطنين يقومون  بتجميع الاسماء والاوراق تطوعا  وتقسيمها الى مجموعات  لحين حضور موظفة الامن فى الثامنه والنصف صباحا والتى استلمت الاوراق بتبرم وضيق شديد

والتف الجميع حولها فى حديقة المجمع بطريقه عشوائيه ليطمان ان المجموعه المقيد بها الاسماء  وصلت كانله الى سيادتها ،   وانتظر الجميع للساعه الحاديه عشره صباحا حتى صدور الموافقات بالتسعير ، او العوده الى الادارات التابعه ، او استكمال الاوراق ، وكان من حظى هو سداد رسوم الاشعه ،  وعندما توجهت للشباك الخاص بسداد تكاليف الاشعه ، نصحتنى احدى الموظفات اشفاقا على وعلى نجلى الذى تحمل عبء الذهاب والعوده حوالى ٦ مرات ، ان اعود الى الموظفه المسؤله عن التسعير ، لسداد قيمة التخدير حتى لا اعود مره اخرى ، وعندما طلبت من موظفة الامن هذا الطلب ، توجهت الى الموظفه المسؤله عن التسعير

وعادت لتخبرنى بعبارة غايه في الغرابه (بعد ان شطبت تاشيرتها السابقه )وهى من الذى اتى بك الى هنا ، اذهب الى البدرشين مقر اقامتك ، فاسقط فى يدى ،  وتوجهت مسرعا الى مدير العياده وعرفته بنفسي ومعترضا على هذه السياسه ، وهذا العذاب للمرضى وذويهم ، فوجدت الامر لديه هيننا موجها لى النصيحه بان البدرشين افضل لى ، فعلى صوتي قائلا يا سبحان الله ومن الذى ارسل بى الى هنا إلا ادارة البدرشين ، فطلب منى الهدوء وعدم التحدث بهذه الطريقة ، وتدخل عدد من الأطباء ليوضحوا ان العوده  لادارة البدرشين الصحيه هى الافضل  لى بعيدا عن العذاب بين مراكز الاشعه فى أكتوبر ، والتى تتطلب منى الحضور اربعة مرات ، فظللت ثابتا على موقفى اطلب معاقبة من منح ابنى خطاب بالحضور إلى خدمة العملاء باكتوبر  لاجراء الاشعه ، فقام مدير العياده امام الجميع بتوجيه السباب والشتائم لى باننى خرجت عن نطاق الادب ، فشكرته ومزقت الاوراق وانصرفت بحفيدى الذى لايدرى ما يحدث حوله إلا انه توجه ٦ مرات الى عبادات التأمين الصحي باكتوبر والبدرشين دون جدوى ولازالت حالته المرضية كماهى

وتعاطف معى احد الاطباء التابعين للتامين الصحي قائلا ، هذا غيض من فيض ونحن كاطباء نرفض التعاقد لان قيمة  الساعه ماديا  تتراوح ما بين  ٣٠ جنيه وحتى ٨٠ جنيه ، لذلك نعتذر عن الحضور بسبب هذا المقابل المادي المهين ، الذى لا بتناسب مع طبيب استشاري قضى معظم عمره فى تلك المهنه
هذه الصرخه وهذا العجز وهذه الاهانه للمرضى وذويهم ، موجهه الى الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء ونائب رئيس الوزراء الدكتور خالد عبد الغفار وزير الصحه والدكتور  أحمد مصطفى رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحي لاعادة النظر في المنظومه برمتها قبل تعميمها على مستوى الجمهورية