ليست نزهة!

ليست نزهة!

بعد التعليق المؤقت لـ«مشروع ترامب»، بفرض رسوم جمركية على عشرات الدول، باتت الولايات المتحدة الآن «معزولة»، وبُدون أصدقاء، بعد انتقال بعض «الحلفاء» إلى صفوف الأعداء، خصوصًا في أوروبا وجنوب شرق آسيا.

وعلى وَقْع إخفاقه في إشعال حرب تجارية عالمية، يواجه «دونالد ترامب» ثورتين، في الداخل والخارج، أسفرت «بشائرهما» حتى الآن عن تدهور قيمة الدولار، وتصاعد حالة الكساد والركود في الاقتصاد الأمريكي.

الآن، يحاول «ترامب» صرف الأنظار عن رعونته السابقة، بارتكاب حماقة جديدة، من خلال محاولته التوصل إلى «اتفاق سريع ومباشر» يُنقذ ماء وجهه، في الملف النووي الإيراني، ولو باستخدام القوة العسكرية الساحقة ضد طهران.

ورغم كل تلك الإخفاقات، واستمرار سلسلة الضربات العنيفة للولايات المتحدة في اليمن، وتقديم الدعم اللامحدود لحرب الإبادة الصهيونية في غزة، وانتهاكات «إسرائيل» لسيادة لبنان وسوريا، لم يتوقف وعيد «ترامب» بشنّ ضربة قاسية ضد إيران!

بالطبع لن يكون من مصلحة أمريكا ـ في الماضي أو الحاضر ـ أن تخوض «مغامرة حرب» مع إيران، نظرًا لعواقبها الكارثية على المنطقة والعالم، بل على الولايات المتحدة ذاتها، لأن مشكلة «ترامب التاجر» أن حساباته لن تحقق أرباحًا في كل مرة!

على مدار عقود، رضخت الولايات المتحدة في سياستها الخارجية لرغبات «الصهاينة»، مما خلق عداءً متزايدًا لها حول العالم، خصوصًا في ظل اعتماد إدارات «البيت الأبيض» المتعاقبة على مستشارين متطرفين يدينون بالولاء المطلق لـ«الكيان الصهيوني».

لذلك، ينبغي ألا ينصاع الرئيس الأمريكي إلى تضليل «نتنياهو»، وانقياده الأعمى لقائمة أهدافه، لأنه رغم مرور 10 سنوات على توقيع الاتفاق النووي، و7 سنوات على الانسحاب الأحادي منه، لم يتم تقديم أي دليل يثبت انتهاك إيران لهذا الالتزام، في ظل تأكيد قاطع من «تولسي جابارد» مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية.

إذن، يجب تغليب صوت العقل واستبعاد «الحل العسكري»، لأن تداعياته مع إيران ستكون كارثية على الجميع، خصوصًا أن طهران تزوِّد العالم بـ3% من النفط، وفي حال اندلاع الحرب، قد يرتفع سعر البرميل الواحد إلى أكثر من 200 دولار!

يقينًا، تدرك واشنطن أن شنّ الحرب سيعوق الملاحة في مضيق هرمز، في ظل قدرة إيران على استهداف البنية التحتية النفطية والقواعد العسكرية الأمريكية في الخليج، التي ستُخَلِّف اضطرابات كبيرة، وستؤدي حتمًا إلى ارتفاع تكاليف الطاقة اللازمة للصناعات التحويلية والزراعة والنقل بشكل حادٍّ وخروجها عن السيطرة.

أخيرًا.. لن نتحدث عن باقي التأثيرات المرعبة، لكن تأثيرها السياسي سيكون أقسى على أمريكا، لأن الحرب قد تعني نهاية استمرار رئاسة «ترامب»، وربما نهاية للأكثرية «الجمهورية» في مجلسي النواب والشيوخ، وهو تحول سياسي لم تشهده بلاد «العم سام» منذ انتخابات الرئيس «فرانكلين روزفلت» في العام 1932. 

فصل الخطاب:

يقول الروائي «فيودور دوستويفسكي»: «عادتي السيئة أنني دائمًا ما أرى نهاية الأشياء منذ بدايتها، ومع ذلك اُكمل الطريق حتى آخره لأتأكد من ذكاء غبائي».

[email protected]

 

وسوم: