“لوسي” تقترب من كويكب دونالد جوهانسون.. محطة جديدة في رحلة استكشاف بقايا النظام الشمسي

في خطوة جديدة ضمن مهمتها الطموحة لدراسة أصول النظام الشمسي، تستعد مركبة الفضاء “لوسي” التابعة لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا للاقتراب من كويكب “دونالد جوهانسون”، الذي يقع في الحزام الرئيسي للكويكبات، وذلك بعد ظهر يوم الأحد. وستكون هذه هي المرة الثانية التي تقترب فيها “لوسي” من أحد الكويكبات خلال مهمتها التي تمتد على مدار 12 عامًا، والتي تهدف إلى دراسة “الحفريات السماوية” التي تشكلت خلال المراحل المبكرة من عمر النظام الشمسي.
وبحسب بيان رسمي صادر عن وكالة ناسا، فإن المركبة ستصل إلى أقرب نقطة من الكويكب، على بُعد حوالي 960 كيلومترًا، في تمام الساعة 1:51 مساءً بتوقيت شرق الولايات المتحدة. وقد سُمي هذا الكويكب على اسم عالم الأنثروبولوجيا الشهير دونالد جوهانسون، الذي يُنسب إليه اكتشاف الهيكل العظمي البشري المعروف بـ”لوسي”، والذي شكّل علامة فارقة في علم الأحياء القديمة – وهو ما يربط بين اسم المهمة وأهدافها في التنقيب عن أصول الأشياء، سواء كانت بشرية أو كونية.
وستقوم “لوسي” باستخدام ثلاث أدوات علمية متقدمة لالتقاط بيانات دقيقة وصور عالية الجودة للكويكب خلال هذا التحليق، حيث ستدور المركبة مع حركة الكويكب لبضع ساعات لتتمكن من رسم صورة كاملة لتكوينه وشكله وسطحه. لكن في مرحلة معينة من التحليق، ستضطر المركبة إلى التوقف عن تتبع الكويكب مؤقتًا لتجنب تعرض أجهزتها لأشعة الشمس المباشرة، مما قد يؤدي إلى تلفها.
وتعد هذه المحطة الثانية في مسيرة “لوسي”، التي كانت قد زارت في عام 2023 كويكبًا صغيرًا يُدعى “دينكينيش”، حيث كشفت الملاحظات عن مفاجأة مثيرة؛ فقد تبين أن دينكينيش يدور حول قمر مزدوج – يُعرف باسم “الثنائي التلامسي” – يتكون من جسمين صغيرين متصلين يشبهان حبة الفول السوداني. هذه النتائج فتحت آفاقًا جديدة لفهم تنوع الكويكبات وتركيبتها.
وفي تصريحات مفعمة بالحماسة، قال الدكتور توم ستاتلر، عالم برنامج مهمة “لوسي”، إن “لكل كويكب قصة مختلفة، وهذه القصص المتنوعة تتشابك لترسم لنا تاريخ نظامنا الشمسي المعقد”. وأضاف: “كل مرة نزور فيها كويكبًا جديدًا نشهد مفاجآت مذهلة، مما يدل على أننا لا نزال في بدايات فهم هذا التاريخ العميق والثرِي. تشير التقديرات التلسكوبية إلى أن دونالد جوهانسون يحمل قصة فريدة، وأنا على يقين أنه سيُدهشنا مجددًا”.
بعد الانتهاء من دراسة كويكب “دونالد جوهانسون”، ستتجه “لوسي” نحو أهدافها الرئيسية في الفضاء العميق، وهي مجموعة كويكبات تُعرف باسم “طروادة”، والتي تتبع مدار كوكب المشتري حول الشمس. وتُعتبر هذه الكويكبات من أقدم الأجسام في النظام الشمسي، ومن المتوقع أن تصل “لوسي” إلى أولها في عام 2027.
من خلال هذه المهمة الرائدة، تأمل ناسا في تقديم رؤية أوضح لتاريخ النظام الشمسي وتكوين الكواكب، والكشف عن الأسرار الكامنة في هذه الأجسام الفضائية التي لم تتغير كثيرًا منذ تشكّل الكون. “لوسي” ليست مجرد مركبة فضاء، بل أشبه بآلة زمن حديثة تنبش في أعماق الماضي الكوني بحثًا عن إجابات قد تُعيد رسم فهمنا للكون ومكاننا فيه.