ارتفاع “نولون” النقل يشعل أسعار السلع

ارتفاع “نولون” النقل يشعل أسعار السلع

 

«خزيم»: الاقتصاد المصرى سيدفع ثمن خطأ رفع الوقود 

«محمود»: إنشاء صندوق لتمويل فروق أسعار المنتجات البترولية ضرورة حتمية 

«أنيس»: حان وقت تنفيذ «عقود تحوط» طويلة الأمد لمشتريات مصر من النفط

 

 

 

قبل أيام قليلة، فاجأت الحكومة المواطنين برفع أسعار الوقود بأنواعه المختلفة، رغم انخفاض الأسعار العالمية للنفط. 

ووفقا لبيانات وزارة البترول، تتحمل الدولة تكلفة دعم منتجات السولار والبوتاجاز والبنزين بقيمة يومية تصل إلى 366 مليون جنيه، تعادل 11 مليار جنيه شهريًا، بسبب الفجوة بين تكلفة الإنتاج وسعر البيع للمواطن.

وقد بشرت لجنة تسعير المواد البترولية الشعب بأن أسعار الوقود لن تشهد زيادة جديدة قبل مرور 6 أشهر، أى خلال الربع الرابع من عام 2025. يأتى ذلك تنفيذا لسياسة الدولة التى تتبعها فى خفض الدعم تدريجيًا.

وتستورد مصر من الخارج نحو 40% من السولار، و50% من البوتاجاز، و25% من البنزين. إلا أن خبراء الاقتصاد اكدوا لـ«تواصل» ان الحكومة كان أمامها خيارات عدة بدل رفع أسعار الوقود طالما أن الهدف من وراء هذه الخطوة توفير 35 مليار جنيه من قيمة دعم المواد البترولية فى الموازنة العامة، ومن أهمها خفض سعر الفائدة من 1 إلى 5% تدريجيا، لتوفير 180 مليار جنيه وليس 35 مليارا فقط، خاصة أن الدين وصل إلى مستويات قياسية.

وحذروا من رفع أسعار الوقود الذى سيؤدى بالضرورة لرفع نسبة التضخم واشتعال الاسعار بعدما كانت الأسعار تشهد استقرارا نسبيا مؤخرا، وسيؤدى إلى نتائج عكسية على الاقتصاد المصرى كنا فى مأمن منها. 

المستشار الاقتصادى، أحمد خزيم

قال المستشار الاقتصادى، أحمد خزيم، إن رفع أسعار البنزين يؤدى إلى ارتفاع أسعار كافة السلع والخدمات، سواء سلعا غذائية أو كهرباء ومواصلات، ورفع معدل التضخم فى النهاية. 

ويرى خزيم، أنه كان من الممكن أن تتخذ الحكومة قرارا بخفض أسعار الفائدة 1% فقط، لخفض عجز الموازنة بقيمة 100 مليار جنيه، ما يساعد على زيادة التشغيل وفرص العمل والاستثمارات وتشجيع المستثمرين لضخ استثمارات فى الاقتصاد المصرى، مقارنة بـ 35 مليار جنيه فقط سيتم توفيرها من رفع أسعار الوقود. 

وأكد المستشار الاقتصادى، أن ما حدث سوف يدفع الاقتصاد المصرى ثمنه أضعافا مضاعفة، من رفع أسعار السلع والتضخم خلال الفترة المقبلة. 

وأوضح «خزيم»، أن الدعم هو الفارق بين تكلفة المنتج وقيمة بيعه، وبالتالى طالما أن هناك ارتفاعا مستمرا فى الدولار أمام الجنيه، فى الوقت الذى نستورد فيه كميات كبيرة من الوقود، سيستمر دعم الوقود ولن يتم التخلص منه نهائيا. 

وتابع، «لابد من تغيير تفكير أسلوب وإدارة الاقتصاد المصرى حاليا، فالحكومة تصف القروض وبيع الأصول استثمارات وهذا غير صحيح، فعليها أن تضع قوانين مشجعة للاستثمار, وتوفر بيئة ومناخا استثماريا يجذب المستثمرين المحليين والأجانب، من أجل زيادة الإنتاج».

مشيرا إلى أن المضاد الحيوى السريع للاقتصاد المصرى هو تشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة من أجل زيادة الإنتاج والتصدير، وجذب عملة صعبة تستطيع من خلالها مواجهة أى تقلبات اقتصادية عالمية. 

الباحث الاقتصادى، محمد محمودالباحث الاقتصادى، محمد محمود

الباحث الاقتصادى، محمد محمود، قال إن تقدير الحكومة لبرميل البترول فى الموازنة العامة كان يدور حول 80 دولار، والأسعار حاليا تدور حول 60 و65 دولار، لكن المؤكد أن الحكومة قامت بشراء البترول بعقود آجلة عندما كان السعر مرتفعا، وبالتالى اضطرت إلى رفع الأسعار، نتيجة استيراد جزء من الخارج بالدولار، ولذلك فإن البنزين الموجود فى محطات الوقود حاليا تم شراؤه منذ أشهر. 

أوضح محمود، أنه لكى نشعر بتحسن فى أسعار الوقود نحتاج إلى ثبات الأسعار العالمية حول 60 دولارا لمدة لا تقل عن 3 إلى 4 أشهر، وهذه الخطوة ترجع إلى سياسة المشتريات فى الحكومة، ومتى يتم اتخاذ قرار الشراء المناسب فى التوقيت المناسب، مضيفا، «الأسعار النهاردة بـ 60 و65 دولار ممكن فى أى لحظة ترتفع وتوصل إلى أرقام عالية لو حصلت حاجة سياسية أو عسكرية قوية أثرت على الأسعار»، وبالتالى اتخاذ قرار الشراء المناسب مسألة ليست سهلة، لكن الأهم هو الشراء عندما تكون الأسعار فى أدنى مستوياتها. 

وأشار الباحث الاقتصادى، إلى ضرورة إيجاد آلية تمنع تحمل المستهلك النهائى نسبة الزيادة بمفرده مع مراعاة عجز الموازنة العامة للدولة، ولذلك أصبح من الضرورى التفكير فى دراسة إنشاء صندوق , لتمويل فروق أسعار المنتجات البترولية لمزيد من التحوط وتخفيض الآثار السلبية على الموازنة العامة للدولة دون تحمل المواطن هذه الفروق أو على الأقل تحميله بشكل نسبى مع مراعاة عجز الموازنة العامة للدولة. 

ولفت إلى أن هذا الشكل هو الأنسب للحالة المصرية والتى لا تتحمل الزيادات المستمرة، مع الأخذ فى الاعتبار ضرورة البحث عن اكتشافات بترولية جديدة , تسهم فى سد الفجوة الاستيرادية لضبط الطلب والعرض. 

وأكد محمود، ضرورة أن يكون إنشاء هذا الصندوق بشكل منضبط وبعد دراسة متأنية، وتعيين مدير له على درجة عالية من الكفاءة يستطيع توجيه واستثمار أمواله فى قطاعات معينة تعود بالربحية على الصندوق، بحيث يتم زيادة رأسمال الصندوق من العوائد ووجود سيولة كافية نستطيع من خلالها تحمل فروق الأسعار وإزالة هذا العبء من على المواطن، لأن مصر لا تتحمل استمرارية زيادة الأسعار كل 3 أو 6 أشهر. 

وتابع، «أهمية المنتجات البترولية تتمثل فى أنها مكون مهم فى تكلفة جميع السلع تقريبا، وبالتالى يمكن القول وبشكل عام إن سعر المنتجات البترولية يشكل عاملا مؤثرا فى نسبة التضخم وعلى حركة الأسواق بشكل عام». 

ولفت محمود، إلى أن رفع أسعار الوقود من أهم النقاط التى يتبناها صندوق النقد الدولى فى إطار التفاهم مع الحكومة المصرية بشأن برنامج الاصلاح الاقتصادى، حيث يشترط الصندوق ألا تتحمل الموازنة العامة للدولة دعما للمنتجات البترولية، مؤكدا أن هذه العوامل تشكل ضغوطا بلا شك على تسعير المنتجات البترولية.

الخبير الاقتصادى، محمد أنيسالخبير الاقتصادى، محمد أنيس

وقال الخبير الاقتصادى، محمد أنيس، إنه كان يتمنى عدم رفع أسعار الوقود فى اجتماع لجنة تسعير المواد البترولية الأخير، وتأجيل هذه الخطوة إلى اجتماع يوليو أو أكتوبر.

أضاف أنيس، أن ذلك كان أفضل حتى نعطى الفرصة للبنك المركزى أن يتخذ قرارا بخفض الفائدة فى اجتماع 17 إبريل واجتماع 22 مايو بإجمالى 5%، مشيرا إلى أن تخفيض الفائدة بـ 5% يوفر على الحكومة 180 مليار جنيه فى خدمة الدين، لكن تقليل دعم المحروقات سيوفر 20 مليار جنيه فقط وسيرفع التضخم من جديد، ويضطر البنك المركزى إلى الانتظار حتى يخفض الفائدة.

وأوضح الخبير الاقتصادى، أنه حان وقت تنفيذ عقود تحوط طويلة الأمد لمشتريات مصر من النفط والغاز الطبيعى، لافتا إلى أن مستويات أسعار النفط الحالية ما بين 60 إلى 65 دولارا للبرميل مع وجود ضبابية كبيرة تخص مستقبل الاقتصاد العالمى، وهى الظروف المناسبة لتنفيذ عقود التحوط.

 

رحلة رفع أسعار الوقود فى مصر منذ ٢٠١٦ 

شهدت أسعار الوقود فى مصر سلسلة زيادات متتالية منذ تأسيس لجنة تسعير الوقود فى نوفمبر 2016، التى تراجع الأسعار كل 3 أشهر، وفقا لمعادلة سعرية تأخذ فى الاعتبار أسعار خام برنت عالميا، وسعر صرف الجنيه أمام الدولار، وتكاليف النقل والتكرير. وقد ارتفعت أسعار الوقود خلال السنوات التسع الماضية بنسبة تراوحت بين 145% و570%. 

وقد كان شهر نوفمبر 2016 بداية الزيادة، حيث رفعت اللجنة أسعار الوقود فى أول اجتماع لها، ليرتفع بنزين 80 إلى 2.35 جنيه للتر بدلًا من 1.6 جنيه، وبنزين 92 إلى 3.5 جنيه، وارتفع سعر السولار إلى 2.35 جنيه وأسطوانة البوتاجاز من 8 إلى 15 جنيهًا للتر.

وفى يونيو 2017، ارتفع سعر بنزين 80 إلى 3.65 جنيه، كما ارتفع سعر بنزين 92 إلى 5 جنيهات، والسولار إلى 3.65 جنيه، وأصبحت أسطوانة البوتاجاز بسعر 30 جنيهًا للتر.

استمرت الأسعار فى الزيادة خلال يونيو 2018، ووصل بنزين 80 إلى 5.5 جنيه، وبنزين 92 إلى 6.75 جنيه، وبنزين 95 إلى 7.75 جنيه، والسولار إلى 5.5 جنيه للتر.

وفى يوليو 2019، ارتفع سعر بنزين 80 إلى 6.75 جنيه، وبنزين 92 إلى 8 جنيهات، وبنزين 95 إلى 9 جنيهات، والسولار إلى 6.75 جنيه للتر الواحد.

وقد شهد أكتوبر 2019، أول انخفاض فى أسعار البنزين بأنواعه الثلاثة بمقدار 25 قرشًا، ليبلغ سعر بنزين 80 نحو 6.30 جنيه، وبنزين 92 نحو 7.30 جنيه، وبنزين 95 نحو 8.75 جنيه للتر.

ثم عاد تثبيت الأسعار فى يناير 2020، تزامنا مع جائحة كورونا لتخفيف الأعباء عن المواطنين.

إلا أنه فى يوليو 2021، رفعت اللجنة أسعار الوقود ليصل بنزين 80 إلى 6.85 جنيه، وبنزين 92 إلى 8.25 جنيه، وبنزين 95 إلى 9.25 جنيه، والسولار إلى 6.75 جنيه للتر.

ثم توالت الارتفاعات فى الأنواع الثلاثة خلال 2022 و2023 و2024 حتى وصل سعر بنزين 80 فى أكتوبر 2024 إلى 13.25 جنيه، وسعر بنزين 92 إلى 15.25 جنيه، وبنزين 95 إلى 17 جنيه، والسولار إلى 13.5 جنيه للتر الواحد.

ومؤخرا، منذ أيام رفعت اللجنة سعر بنزين 80 إلى 15.75 جنيه للتر وبنزين 92 إلى 17.25 جنيه للتر، وبنزين 95 إلى 19 جنيها للتر، والسولار إلى 15.5 جنيه للتر، ووصلت أسطوانة البوتاجاز إلى 200 جنيه.