مطالب بزيادة الحد الأدنى للأجور لمواجهة الغلاء

مطالب بزيادة الحد الأدنى للأجور لمواجهة الغلاء

يخوض المواطن محدود الدخل صراعًا دائمًا مع موجة الغلاء العاتية التى يصطدم بها يوميًا، فى محاولة مستمرة للبحث عن مخرج من هذه الأزمة الاقتصادية التى لا تعرف الرحمة.
أصبح الغلاء همًا يوميًا يثقل كاهل المواطن، فى ظل موجة ارتفاع أسعار لم تترك سلعة إلا وطالتها، من الخضروات إلى الأدوية، ومن المواصلات إلى فواتير الكهرباء، بات المواطن فى صراع مرير مع الحياة، يركض خلف أسعار لا تعرف الثبات، ويحلم فقط بالاستقرار لا الرفاهية.
فى ظل الارتفاع المتواصل فى أسعار السلع والخدمات، يخوض المواطن محدود الدخل صراعًا يوميًا مع موجة غلاء لا تهدأ، بحثًا عن سبيل لتوفير احتياجاته الأساسية فى ظل أزمة اقتصادية باتت تزداد قسوة يومًا بعد يوم.
الارتفاع المتسارع فى الأسعار طال مختلف جوانب الحياة، ما جعل المواطن يركض خلف أسعار تتغير باستمرار، باحثًا عن حد أدنى من الاستقرار.
ويعانى المواطن الذى لا يتجاوز دخله الحد الأدنى للأجور، والمُقدّر بـ7000 جنيه شهريًا، من عجز كبير فى تلبية متطلبات أسرته الأساسية، خاصة إذا كانت الأسرة مكونة من أربعة أفراد، فحتى الطعام بات عبئًا كبيرًا على الميزانية.
وبحسبة بسيطة فإن الإجمالى اليومى للطعام فقط: 217 جنيهًا، أى ما يعادل 6510 جنيهًا شهريًا، يتبقى منها 490 جنيهًا فقط من إجمالى الحد الأدنى للأجور، فكيف يمكن للأسرة أن تغطى باقى التكاليف الأساسية مثل فواتير الكهرباء، والمياه، والغاز، والإيجار، فضلًا عن الطوارئ الطبية أو المصاريف المدرسية؟
أما الاحتياجات الصحية المفاجئة، كزيارة الطبيب أو شراء الأدوية، تشكل تحديًا إضافيًا، أما النفقات التعليمية، فهى تمثل عبئًا ثابتًا وشبه دائم، ما يدفع العديد من الأسر إلى الاقتراض أو تحمل ديون، لتوفير مستلزمات الدراسة، وهو ما ينعكس سلبًا على استقرارها المعيشى.
هذا الواقع الاقتصادى المتأزم يطرح تساؤلاً ملحًا: إلى متى سيبقى المواطن يحارب وحده؟
يؤكد الخبير الاقتصادى الدكتور رشاد عبده، أن رئيس الجمهورية كان قد أشار قبل نحو عام إلى أن الأسرة المصرية لا يمكن أن تعيش بشكل معقول بدخل أقل من 10 آلاف جنيه شهريًا.
ويضيف أن موجات التضخم المستمرة، وخاصة بعد رفع أسعار البنزين، أدت إلى زيادة شاملة فى أسعار جميع السلع والخدمات، ما يجعل الـ10 آلاف جنيه نفسها غير كافية حاليًا، ويحتاج المواطن إلى دخل يتراوح بين 12 إلى 13 ألف جنيه شهريًا لضمان حياة كريمة.
وأوضح «عبده» أن التضخم يلتهم الأجور ويؤثر بشكل مباشر على القوة الشرائية، فحتى إذا ظل الحد الأدنى للأجور ثابتًا، فإن قدرته على تغطية نفس الاحتياجات تتراجع بمرور الوقت.
كما أشار إلى أهمية التمييز بين الدخل النقدى، وهو ما يتقاضاه الفرد من أموال، والدخل الحقيقى، الذى يُقاس بمدى كفاية هذا الدخل لتلبية متطلبات الحياة اليومية.
ويؤكد عبده أن السؤال الجوهرى الذى ينبغى طرحه اليوم هو: هل ما زال الحد الأدنى للأجور كافيًا لتغطية احتياجات المواطن؟، مشددًا على ضرورة مراجعة هذا الحد بانتظام، بما يتماشى مع معدلات التضخم وتغيرات السوق.
ويختتم قائلًا: الهدف الأساسى من تحديد الحد الأدنى للأجور هو الحفاظ على كرامة العامل وتمكينه من تلبية احتياجاته الأساسية، وإذا كان الحد الأدنى لا يتناسب مع تكاليف المعيشة، فإن ذلك يُنذر بارتفاع معدلات الفقر وتزايد الاعتماد على برامج الدعم الحكومى.
ويقول الخبير الاقتصادى على الإدريسى، إن الارتفاع المستمر فى أسعار السلع والخدمات يُشكّل تحديًا جسيمًا لحياة المواطن، إذ أفضى إلى تآكل القوة الشرائية وتفاقم معاناة الأسر فى تغطية احتياجاتها الأساسية.
وأوضح «الإدريسى» أن الاقتصاد يواجه موجة تضخمية أثّرت بشكل مباشر على أسعار المواد الأساسية، ما جعل من الصعب على المواطن تأمين الغذاء، والوقود، والكهرباء، وغيرها من الضروريات.
يرى «الإدريسى» أن الحد الأدنى للأجور المعتمد حاليًا لا يعكس الواقع الاقتصادى المعاش، حيث إن الأجور الثابتة لا تواكب الزيادة المستمرة فى الأسعار.
وأشار إلى أن هذا التباعد بين الدخل المادى والقوة الشرائية الحقيقية يستلزم تعديل السياسات المالية لتحقيق عدالة أكثر فى توزيع الثروة، مؤكداً أهمية ربط الحد الأدنى للأجور بمؤشرات اقتصادية حقيقية لضمان تحقيق معيشة كريمة للمواطن.
اختتم «الإدريسى» حديثه بالتأكيد على أن اتخاذ إجراءات فورية لتعديل الحد الأدنى للأجور يجب أن يكون جزءاً من استراتيجية أوسع تشمل إصلاحات نقدية ومالية تسعى إلى تقليل فجوة الدخل وتأمين استقرار اقتصادى يعيد للمواطن قدرته على تلبية احتياجاته بشكل فعّال، مشدداً على ضرورة اتخاذ خطوات جدية لتحديث سياسات الأجور، وتحسين بيئة الأعمال بما يكفل توزيعًا أكثر عدالة للدخل.