حماس تستعد للتنحي وتتمسك بالخط الأحمر.. فيديو

في محاولة جديدة لكسر جمود مفاوضات التهدئة المتعثرة في قطاع غزة، أبدت حركة حماس استعدادها لتقديم تنازلات سياسية كبيرة، لكنها في المقابل تصر على الاحتفاظ بسلاحها، وهو ما يبدو أنه لن يغير الكثير على أرض الواقع في ظل إصرار إسرائيل على هدفها المعلن بالقضاء على الحركة.
فقد نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر سياسي أن حماس أبدت استعدادًا للتخلي عن حكم قطاع غزة ضمن أي تسوية مستقبلية، مؤكدًا أن الحركة أظهرت مرونة فيما يخص إدارة القطاع، لكنها ترفض بشكل قاطع نزع سلاحها، وهو ما ترفضه تل أبيب بشدة.
وتشير المصادر إلى أن حماس ترغب في البقاء كلاعب ميداني قوي على الأرض، بما يضمن استمرار جناحها العسكري ومحاكاة نموذج حزب الله في لبنان.
سبق وأن أبدت حماس موافقتها على مقترحات عدة للتهدئة، لكن ظل سلاحها يشكل المعضلة الرئيسية. ورغم ذلك، كشفت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أن حماس أبلغت الوسطاء الأسبوع الماضي أنها مستعدة للدخول في هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل، تقوم خلالها بوقف جميع العمليات العسكرية، بما في ذلك تطوير الأسلحة وحفر الأنفاق.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين قولهم إن الهدنة ستكون جزءًا من اتفاق شامل تسعى إليه الحركة من أجل إنهاء حرب غزة، وأن حماس مستعدة للتنازل عن حكم غزة لهيئة مستقلة من التكنوقراط الفلسطينيين، وتنفيذ وقف للأنشطة العسكرية ضد إسرائيل، بل وأبدى بعض مسؤولي حماس استعدادهم لوضع جميع أسلحتهم في مستودع يخضع للحراسة.
في المقابل، تؤكد إسرائيل عزمها على مواصلة بل وزيادة الضغط على حماس. فقد أفادت القناة الثانية عشرة الإسرائيلية بأن الحكومة تدرس عددًا من الخطوات بعد تعثر الاتفاق حول صفقة الرهائن، من بينها إعادة اعتقال الأسرى الذين تم إطلاق سراحهم في صفقات سابقة، خاصة أولئك الذين تم إطلاق سراحهم في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وفي تأكيد على سياسة الضغط القصوى، قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلاي سموترتش إن “إعادة الرهائن من غزة ليست الهدف الأهم، بل الهدف هو القضاء على حركة حماس”.
وتترجم إسرائيل هذه التصريحات على الأرض، حيث أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن الجيش الإسرائيلي أقام 15 موقعًا عسكريًا جديدًا بمنطقة العزل داخل غزة، ضمن خطة لبنيامين نتنياهو تهدف لتكريس الاحتلال الكامل والدائم للقطاع.
وكشفت مصادر فلسطينية مطلعة عن تسليم حركة حماس رسائل إلى رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، تتضمن استعدادها للتنحي عن حكم قطاع غزة، والدخول في هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل، وتسليم كافة الرهائن، وذلك ضمن اتفاق شامل ينهي الحرب الدائرة في القطاع.
وأوضحت المصادر أن رئيس الوزراء القطري سينقل هذه الرسائل إلى مبعوث الرئيس الأمريكي السابق، ترامب، إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، في محاولة لاستئناف المفاوضات المتعثرة بشأن وقف إطلاق النار في غزة.
ويأتي هذا العرض من حماس في ظل تصاعد حدة التصريحات الإسرائيلية، حيث أكد وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، أن “إعادة المحتجزين ليست الهدف الأهم”، مشددًا على أنه “لا يمكن الاستمرار في بقاء حماس في القطاع”، وأضاف سموتريتش أن “البديل لاستسلام حماس هو احتلال قطاع غزة أو تدمير الحركة”.
وفي نقاش مع الدكتور حسام الدجاني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأمة بغزة، عبر قناة “سكاي نيوز عربية”، أوضح أن حماس تتحدث عن التخلي عن الحكم منذ الأشهر الثلاثة الأولى للحرب، وقد وافقت على تشكيل لجنة للإسناد المجتمعي لا تتضمن أسماء من حماس أو مناصريها، كما أبدت موافقتها على الخطة المصرية التي تتضمن إدارة غزة لمرحلة انتقالية ثم تولي السلطة الفلسطينية المسؤولية.
وأضاف الدجاني أن حماس تدرك أن أي حكم لها في غزة يمثل “قفزة في الهواء”، لأن المجتمع الدولي لن يقدم أي دعم لإعادة الإعمار في ظل وجود حماس في المشهد الحكومي، معتقدًا أن ما يجري الآن هو الترتيبات النهائية لتسويق أسماء اللجنة التي ستتولى الحكم.
وحول إصرار حماس على الاحتفاظ بسلاحها، أكد الدجاني أن التجارب التاريخية أثبتت أن الشعوب تحت الاحتلال تتمسك بمقاومتها حتى إنهاء الاحتلال، مشيرًا إلى أن سلاح حماس، رغم بساطته مقارنة بالترسانة الإسرائيلية، يمثل “رسائل نضالية”.
وشدد على أن التخلي عن السلاح يعني التخلي عن المقاومة، وأنه لا يوجد عاقل يمكن أن يطالب شعبًا تحت الاحتلال بالتخلي عن مقاومته قبل إنهاء الاحتلال، مستشهدًا بتصريح خليل الحية بأن “اعطوا الفلسطينيين دولة وكل الفلسطينيين بصوت واحد سيقولون انزعوا السلاح”.
وحول ما ورد عن استعداد حماس لوضع سلاحها في مستودع تحت الحراسة مقابل هدنة طويلة الأمد، أبدى الدجاني تحفظه على دقة هذه المعلومات، مؤكدًا أنه في حال وجود حل سياسي وإقامة الدولة الفلسطينية، فلا داعي لأي فصيل فلسطيني للاحتفاظ بسلاح خارج إطار الجيش الفلسطيني التابع للدولة.