The Last of Us.. موت جويل يُفجر مفاجآت ويقلب موازين اللعبة

The Last of Us.. موت جويل يُفجر مفاجآت ويقلب موازين اللعبة

شهد الموسم الثاني من مسلسل “ذا لاست أوف أس” من إنتاج HBO انطلاقة نارية قلبت موازين الأحداث رأسًا على عقب، مع تركيز عاطفي ودرامي هائل أعاد تعريف مسار الشخصيات. خلال الحلقتين الأولى والثانية، لم يكتفِ المسلسل بمواصلة الاعتماد على لعبة الفيديو الأصلية، بل توسّع في تقديم مشاهد ملحمية جديدة، أبرزها معركة جاكسون هول التي شكّلت ذروة الحدث، وموت شخصية جويل الصادم، الذي زلزل قلوب المشاهدين وأعاد إشعال الجدل حول سرد القصة واختياراتها الجريئة.

معركة جاكسون هول: ملحمة تلفزيونية على مستوى “صراع العروش”

في الحلقة الثانية، يتصدى تومي وماريا لهجوم كاسح من المصابين على بلدة جاكسون هول. هذه المعركة، التي لم يسبق لها مثيل في اللعبة أو في الموسم الأول، جاءت بإخراج بصري مذهل ذكّرنا بلحظات كلاسيكية من أعمال مثل “هيلم ديب” في “سيد الخواتم” أو “معركة القلاع” في “صراع العروش”. الدفاعات المحكمة، من براميل الزيت المشتعلة إلى وحدات قاذفات اللهب، لم تمنع لحظة الانهيار حين اجتاح المصابون الأسوار، فكانت النتيجة مذبحة بصرية محكمة الإخراج، حملت كثيرًا من الخسائر والألم، لكنها أيضًا أبرزت صمود السكان وانتصارهم في النهاية.

 رحيل جويل: صدمة درامية من العيار الثقيل

وسط أحداث العنف والمأساة، جاء الحدث الأكثر تأثيرًا: مقتل جويل، أحد أعمدة السرد، على يد “آبي” وفريقها، في مشهد فاجأ المتابعين، حتى أولئك الذين لعبوا اللعبة. على عكس اللعبة، حيث يُكشف دافع آبي لاحقًا، يسرّع المسلسل بالإفصاح أن جويل قتل والدها الطبيب في نهاية الموسم الأول لإنقاذ إيلي، مما يُضفي على قصة الانتقام بعدًا إنسانيًا ويجعل آبي شخصية أكثر تعقيدًا من مجرد “عدو”.

ردّة فعل إيلي على هذا الموت كانت مأساوية، خصوصًا عندما فُرض عليها أن تشهد المشهد بنفسها. الممثلة بيلا رامزي قدّمت أداءً عاليًا يعكس الصدمة والانكسار والغضب، مما يُمهّد لدورها القيادي في بقية الموسم.

 المخاطرة بأيقونة المسلسل: قرار شجاع من HBO

اختيار قتل شخصية جويل، التي يؤديها النجم بيدرو باسكال، في وقت مبكر من الموسم، خطوة جريئة تشبه ما حدث مع نيد ستارك في “صراع العروش”. رغم نجومية باسكال وانتشاره الواسع، التزم صنّاع العمل بأمانة السرد، واضعين ثقتهم في طاقم الممثلين، خاصة بيلا رامزي، التي ستتحمل عبء السرد من الآن فصاعدًا.

 كايتلين ديفر تُشعل الأضواء بشخصية آبي

مع تقديم شخصية آبي في بداية الموسم، حملت كايتلين ديفر الدور بثقة، مُبرزة شراسة شخصيتها وعمق دوافعها، وإن لم تكن بنفس القوة الجسدية التي اشتهرت بها آبي في اللعبة. توازن أداؤها بين الغضب الداخلي والقرارات القاسية، خصوصًا في مشاهدها مع جويل ودينا، أضاف لُحمة قوية للحبكة.

استجابة لانتقادات الموسم الأول بشأن قلة مشاهد المصابين، جاءت هذه الحلقات لتُظهرهم بأكثر صورة مرعبة وتنظيمًا. من الكشوف المفاجئة تحت الجليد، إلى الانفجار الجماعي للمُصابين، كانت تلك اللحظات دموية، سريعة، ومنسقة، أعادت للمسلسل عنصر الرعب والحركة في توازن مذهل مع السرد الدرامي.

من الواضح أن كريج مازن والمخرج مارك ميلود قرّرا أن يتعاملوا مع الموسم الثاني كفرصة لرفع مستوى الإنتاج والقصة معًا. التوازن بين المشاعر، الحنين، والحركة يجعل هذه الحلقات من أقوى ما قدمه المسلسل حتى الآن. وإذا كان موت جويل هو بداية ما هو قادم، فإن هذا الموسم يحمل في جعبته الكثير من المفاجآت والآلام والنضوج السردي.

في النهاية، يمكن القول إن “ذا لاست أوف أس” لم يعد مجرد مسلسل مقتبس عن لعبة، بل تجربة درامية إنسانية ملحمية، تطرح أسئلة عميقة حول الحب، الفقد، والعدالة في عالم مكسور. وإذا استمرت الجودة بهذا المستوى، فقد نشهد أحد أقوى المواسم التلفزيونية لهذا العقد.