توطين صناعة الصلب من أولويات الحكومة

إذا أردتَ أنْ تنظرَ إلى معدلاتِ النموِّ فى أيِّ دولةٍ عليكَ أنْ تبدأَ بالنظرِ أولًا إلى النموِّ الذى تحققُهُ هذهِ الدولةُ فى صناعةِ الصلبِ والسببُ باختصارٍ شديدٍ هوَ، أنَّ صناعةَ الصلبِ هيَ محورُ أيِّ تنميةٍ، ولذلكَ تصنفُها الدولُ الصناعيةُ الكبرى وفى مقدمتِها الولاياتُ المتحدةُ الأمريكيةُ، والصينُ، والهندُ وغيرُها كصناعةٍ إستراتيجيةٍ. لقدْ عرفتْ مصرُ صناعةَ الصلبِ منذُ عامِ 1917 معَ اكتشافِ الجيولوجيِّ لبيبِ نسيمٍ أولَ خاماتِ الحديدِ فى أسوانَ جنوبَ مصرَ، ولم يكنِ العالمُ العربيُّ عن بكرةِ أبيهِ فى هذا الوقتِ يعرفُ شيئًا عن هذهِ الصناعةِ المصريةِ العتيقةِ، ومعَ مرورِ الوقتِ تطورتْ صناعةُ الصلبِ فى مصرَ تطورًا كبيرًا، وزادَ عددُ المصانعِ ليصلَ لنحو 35 مصنعًا تستطيعُ أنْ تنتجَ أكثرَ من 15 مليونَ طن وربما 18 مليونَ طن سنويًا فى حالةِ تشغيلِها بكاملِ طاقاتِها الإنتاجيةِ. وحقيقةُ الأمرِ أنَّ الرئيسَ عبدَ الفتاحِ السيسى يبدى اهتمامًا كبيرًا بتوطينِ الصناعةِ بوجهٍ عامٍّ فى مصرَ، ويكلفُ المسئولينَ دائمًا بتذليلِ كافةِ العقباتِ التى تعترضُ الصناعةَ فى كافةِ المجالاتِ ومنها صناعةُ الصلبِ معَ ضرورةِ العملِ على جذبِ المستثمرينَ للاستثمارِ فى صناعاتٍ متنوعةٍ وتستجيبُ الحكومةُ لتكليفاتِ الرئيسِ السيسى وتنفذُها بكلِّ دقةٍ، ويبرهنُ على ذلكَ بقوةٍ ما قامَ بهِ الفريقُ مهندسُ كاملُ الوزيرُ وزيرُ الصناعةِ والنقلِ نائبُ رئيسِ الوزراءِ للتنميةِ الصناعيةِ مؤخرًا لتقنينِ أوضاعِ مصانعِ الصلبِ الصينيةِ التى تعملُ فى مصرَ وعددُها أكثرَ من 20 مصنعًا تتواجدُ فى أماكنَ مختلفةٍ ومنها، الطريقُ الصحراويُّ، ومدينةُ 6 أكتوبرَ، والعاشرُ من رمضانَ وغيرُها. تعملُ هذهِ المصانعُ ومنها ورشٌ صغيرةٌ فى إنتاجِ البليتِ وحديدِ التسليحِ، وغالبيتُها تعملُ بشكلٍ غيرِ قانونيٍّ وبأفرانٍ متهالكةٍ لفظتْها الصينُ نفسُها ولم تعدْ تستخدمُها فى صناعةِ الصلبِ ومن قبلِها أوروبا تسمَّى «أفرانَ الحثِّ الذاتيِّ».
لم يغلقِ الفريقُ كاملُ الوزيرِ هذهِ المصانعَ بلْ منحَها الفرصةَ الكاملةَ من خلالِ لجانٍ فنيةٍ متخصصةٍ لتقنينِ أوضاعِها والعملِ بشكلٍ قانونيٍّ تحتَ مظلةِ الدولةِ المصريةِ، وأنْ تؤديَ ما عليها من حقوقٍ للخزانةِ العامةِ، وحصلَ 12 مصنعًا بالفعلِ على رخصِ التشغيلِ والإنتاجِ بعدَ موافقةِ مجلسِ الوزراءِ، وسددَ كلُّ مصنعٍ 15 % من قيمةِ الرخصةِ على أنْ تستكملَ باقى السدادِ خلالَ 6 أشهرٍ، معَ الإشارةِ إلى أنَّ ثمنَ الرخصِ قدْ تحددَ وفقًا للطاقاتِ الإنتاجيةِ ورؤوسِ الأموالِ المستثمرةِ وقدْ تصلُ الأموالُ التى ستدخلُ الخزانةَ العامةَ للدولةِ من هذهِ الرخصِ لأكثرَ من 5 ملياراتِ جنيهٍ وهو إنجازٌ يحسبُ للحكومةِ، أما المصانعُ التى لم تحصلْ على الموافقاتِ فتمَّ منحُها فرصةً لتوفيقِ أوضاعِها.
إنَّ تدخلَ وزيرِ الصناعةِ بهذا الشكلِ الحاسمِ والقاطعِ فى قضيةِ مصانعِ الصلبِ الصينيةِ فى مصرَ لهُ عدةُ دلالاتٍ هامةٍ جدًّا ذاتِ مردودٍ مباشرٍ على الاقتصادِ بشكلٍ عامٍّ، والصناعةِ بشكلٍ خاصٍّ ومن هذهِ الدلالاتِ:
أولًا: تعظيمُ صناعةِ الصلبِ فى مصرَ، ودورُ القطاعِ الخاصِّ.
ثانيًا: المساهمةُ فى تعظيمِ إيراداتِ الخزانةِ العامةِ للدولةِ.
ثالثًا: حمايةُ الصناعةِ والاقتصادِ من المنافساتِ غيرِ العادلةِ.
رابعًا: أنَّ الحكومةَ أصبحتْ داعمةً ومحفزةً لأيِّ مستثمرٍ.