سلام القتلة!

فى زمن عزّ فيه الشرف، تتحدث إسرائيل عن السلام ولا تنظر إلى أيديها الملطخة بالدماء وهى تبيد شعباً أعزل وتستولى على أرضه لإنشاء متنزه فوقه بمساعدة شريكها أمريكا، ولا تبالى إسرائيل بقتلها أكثر من 14 ألف طفل فلسطينى، وإصابة مئات الآلاف، وقتل مئات الآلاف من أسرهم، وإجبار حوالى مليونى فلسطينى على التهجير القسرى، وهى تزعم بأنها تحترم اتفاقياتها من أجل السلام.
أى سلام يتحدث عنه قتلة الأطفال ومغتصبو الأوطان؟ بالقانون الإنسانى والقانون الدولى ومنظمات حقوق الإنسان فى العالم، وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، عمليات إسرائيل فى قطاع غزة غير مشروعة لأنها من المفترض حمايتها الأراضى الفلسطينية وفقاً للقانون الدولى وليس العدوان عليها، تنفيذاً لقرارات الأمم المتحدة، التى تنص على أن فلسطين تحت إدارة إسرائيل وليس تحت سيادتها، وهى مطالبة بتنظيم شئونه وتقديم الخدمات لأهله وضمان الاستقرار فيه.
ما يحدث فى فلسطين من قوات الاحتلال الإسرائيلى يؤثر على مصر لأن ما تقوم به إسرائيل من تهديد لأمن المنطقة يؤثر على مصر كدولة مجاورة لفلسطين ومرتبطة بها، وتمت مراعاة ذلك منذ اتفاقية السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل عام 1979، برعاية أمريكية وهو ما جعل هناك إدارة مباشرة بين مصر وإسرائيل لمعبر «كرم أبوسالم» ومن حق مصر أن تدين ما تقوم به إسرائيل لأنه مخالف لاتفاقية السلام وهو ليس عدوانا على مصر، ولكنه تهديد لأمنها، وطبقاً للقانون الدولى يمنع على أى دولة استخدام القوة أو التهديد بها وهو ما قامت به إسرائيل. وبذلك تكون إسرائيل خالفت بنود التعاون المنصوص عليها فى اتفاقية السلام مع مصر.
إن ما تقوم به إسرائيل من دفع للفلسطينيين تحت تهديد الإبادة بالقنابل نحو التهجير لمصر، هو بمثابة اعتداء مباشر على السيادة المصرية والحدود المصرية من جانب إسرائيل، والحدود المصرية مصانة من الجيش المصرى ومن حق مصر ألا تسمح بأى طريق كان دون أى شخص لها من رفح وفى حال إقدام إسرائيل على هذا التصرف المشين المنافى للقانون الدولى يعد اعتداء منها على مصر ومن حق مصر الرد عليه وبقوة وهى قادرة على تلقين إسرائيل درساً يذكرها بما حدث فى 6 أكتوبر 1973.
لا شك أن اجتياح إسرائيل لرفح الفلسطينية يعد مخالفة لاتفاقية السلام مع مصر، ويؤكد أن إسرائيل تعمل على زعزعة الاستقرار فى المنطقة بهدف إبادة غزة وتحويلها إلى مجرد ذكرى سيئة لتاريخ أسود خطته إسرائيل بدماء شعب أعزل للاستيلاء على وطنه. ولا تريد إسرائيل الاكتفاء بالاستيلاء على غزة وتشريد أكثر من مليونى فلسطينى بخلاف آلاف الشهداء الذين أبادتهم منذ 7 أكتوبر 2024، ولكنها تتوغل أيضاً فى الأراضى السورية واللبنانية فى ظل مساندة أمريكية بقواعدها المنتشرة فى بعض الأراضى العربية وبتأييد ودعم منها.
إزاء هذه الجرائم الإسرائيلية البشعة التى تمارسها ضد الشعب الفلسطينى فى تحدٍ سافر لكل القوانين ولكل المشاعر الإنسانية، وفى ظل اختراق إسرائيل لاتفاقية السلام، فإن مصر مازالت تمارس ضبط النفس، وتسعى إلى وقف إطلاق النار فى غزة، وقدمت خطة لإعمار غزة، ووضع حل دائم وشامل ومناسب للقضية الفلسطينية يحافظ للفلسطينيين على وطنهم فى إطار حل الدولتين، وتسعى مصر إلى إحلال السلام الدائم والشامل فى المنطقة حفاظاً على أرواح الشعوب البريئة، كما أنها تحافظ فى نفس الوقت على قطعة من الوطن العربى وهى دولة فلسطين فى إطار دور مصر التاريخى الذى لم تتخل فى أى لحظة منه عن فلسطين وحقوقها المشروعة، وتؤكد الأيام والمناسبات والأحداث أهمية الدور الذى قامت وما زالت تقوم به مصر لنصرة القضية الفلسطينية، ومن أجل ذلك فإن مصر دولة تحترم اتفاقاتها وتعهداتها ولم تنتهك اتفاقاً أبرمته ولن تتراجع عن تعهد تعهدت به، احترماً لدستورها الذى يلزمها بذلك، ورغم أن الواقع يؤكد أن إسرائيل هى التى تتربص باتفاقية السلام من خلال تواجد قواتها بمحور فلادلفيا، وتواجد قواتها فى قطاع غزة، كما تعمل علي تغيير الوضع الديمغرافى على الحدود المصرية عن طريق محاولاتها تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، فإن مصر مازالت ملتزمة بضبط النفس، ولا تريد أن تختبر إسرائيل صبرها، لأن الرد سيكون موجعاً وقوياً ولكن مصر مازالت متمسكة بالسلام، ولن تغير موقفها إلا إذا فرض عليها القتال، فإنه سيكون هناك رد يوجع إسرائيل لأن مصر كشعب وجيش وقائد يد واحدة، إذا لزم الأمر، ونادى مُنادٍ إلى القتال.