المطارات فرصة مثالية لكتابة قصص نجاح جديدة

يبدو التساؤل منطقيا ومعتادا عما يمكن الاستثمار فيه فى بلادنا، لتتنوع الإجابات بين مشروعات ريادة الأعمال، التكنولوجيا الذكية، الرعاية الصحية، التعليم، الطاقة المتجددةـ وغيرها. وأتصور أن هناك قطاعا مُهما وحيويا ويُتيح فرصا عظيمة لكتابة قصة نجاح للقطاع الخاص وهو قطاع الاستثمار فى مشروعات المطارات.
لقد تذكرت الفرص المتاحة وأنا أطالع تقرير حديثا صدر قبل أيام بشأن أكثر المطارات الدولية ازدحاما فى العالم خلال 2024. وفيه يأتى مطار دُبى الدولى فى المركز الأول عالميا فى استيعاب المسافرين خلال العام بإجمالى عدد بلغ 92.3 مليون مسافر، وبزيادة قدرها 6 فى المئة عن عام 2023. ويليه مطار هيثرو فى لندن بإجمالى عدد مسافرين بلغ 79.2 مليون مسافر، ثم مطار إنشيون فى سيول عاصمة كوريا بعدد 70.7 مليون مسافر، بينما يأتى فى المراكز الخمسة التالية مطارات سنغافورة، امستردام، باريس، اسطنبول، وفرانكفورت. وعلى مستوى نقل البضائع يأتى مطار هونج كونج فى المركز الأول كأكثر المطارات ازدحاما بالبضائع إذ استوعب خلال العام نحو 4.9 مليون طن مترى من البضائع، يليه مطار شنغهاى.
وهذه الأرقام تعكس عدة دلائل مهمة ربما أولها أن الدول التى تستوعب مطاراتها أعدادا كثيفة من المسافرين والبضائع، هى دول منتعشة سياحيا بالضرورة، ومتطورة تجاريا وإنتاجيا وبشريا، ومن ثم فهى متحققة اقتصاديا، ولديها نظم رقمية ميسرة ومتميزة تجعلها أشبه بمراكز طيران إقليمية. كما أن نسب البطالة فيها منخفضة، إذ تساهم حركة الرواج السياحى والتجارى على توليد وظائف جيدة بشكل مستمر.
وإذا كانت مصر قد أعلنت قبل شهور عن فرص جيدة للقطاع الخاص للاستثمار فى مجال المطارات، وإذ شهد الإعلان حالة استنكار وتردد ثُم خفت التوجه رويدا، فإن علينا أن نعرف أن المطارات الأنجح فى العالم هى تلك التى تديرها شركات القطاع الخاص المحترفة، وعلينا أن نتذكر أن المكاسب المتحققة من فتح باب تشغيل مطارات جديدة من خلال القطاع الخاص تتجاوز العائد التقليدى المفترض دفعه كنظير لتشغيل هذه المطارات.
فمصر مثلا تُخطط للوصول بعدد السياح إلى 30 مليون سائح بجلول عام 2028، ولا شك أن ذلك يستلزم إضافة طاقة فندقية، كما يستلزم أيضا إحداث عملية تطوير شاملة فى قطاع المطارات.
كذلك تطمح مصر لزيادة صادراتها إلى 145 مليار دولار سنويا فى 2030 ضمن خطة تستهدف تنمية القطاعات الاقتصادية والإنتاجية المختلفة، ولا يمكن تحقيق هذا الهدف دون رفع كفاءة وقدرات المطارات الرئيسية فى مصر وتطوير مستوى الخدمات وتحسين أداء الموارد البشرية فيها، وهو ما يدفع بقوة للاستعانة بالقطاع الخاص.
إن مصر تمتلك 23 مطارا بعد إنشاء 4 مطارات خلال السنوات التسع الأخيرة وهى سفنكس والعاصمة الإدارية وبرنيس والبردويل، وتبلغ السعة الاستيعابية للمطارات المصرية 63.5 مليون راكب بنهاية عام 2023. وتشمل المطارات المخطط طرحها قريبا للقطاع الخاص مطارى الأقصر وأسوان، ومطار جديد على أطراف مطار القاهرة يخدم العاصمة الإدارة الجديدة. وأعتقد أنها من الفرص الاستثمارية الجيدة التى ينبغى استغلالها لدفع السياحة والتجارة فى مصر فى وقت يشهد فيه العالم انكماشا وكسادا عالميا وتراجعا لكثير من الاقتصادات الدولية.
وسلام على الأمة المصرية.