صناع الدراما: أرض الفيروز فى حاجة لمشروع قومى درامى

صناع الدراما: أرض الفيروز فى حاجة لمشروع قومى درامى

مجدى صابر: التكنولوجيا الحديثة تمنحنا فرصة ذهبية لتوثيق بطولات سيناء دراميًّا

محمد فاضل: توثيق البطولات واجب وطنى فى ظل مطامع الغرب

 

احتفالية عيد تحرير سيناء، التى تُقام فى 25 إبريل من كل عام، تمثل لحظة فارقة فى تاريخ مصر الحديث، حيث تجسد انتصار الإرادة المصرية وتحرير الأرض من الاحتلال الإسرائيلى، كما أن هذه المناسبة ليست فقط ذكرى عسكرية، بل هى مناسبة وطنية تعكس التضحيات والبطولات التى قدمها الجيش المصرى والشعب من أجل استعادة سيناء، بما لها من أهمية استراتيجية وتاريخية، وفى هذه الاحتفالية، يتم التأكيد على أهمية توثيق تلك اللحظات البطولية من خلال الأعمال الفنية والدرامية، التى تسهم فى نقل هذه القصص للأجيال القادمة، وتبقى شاهدة على عظمة هذا الوطن وصمود أبنائه.

“تواصل” سألت كتاب الدراما حول اهمية توثيق احداث سيناء، وتحدث الكاتب الكبير مجدى صابر عن أهمية توثيق بطولات سيناء من خلال الدراما والفن، مشيراً إلى أن العصر الرقمى والتطور التكنولوجى الهائل، خاصة فى مجالات الذكاء الاصطناعى والتصوير والكاميرات، يتيح فرصة كبيرة لإنتاج أعمال فنية ضخمة تخلد بطولات الجيش المصرى والشرطة المصرية.

وقال صابر: «فى ظل الإمكانيات المتاحة حالياً، نحن قادرون على تقديم أعمال عظيمة عن الحروب التى دارت فى سيناء، سواء كانت حرب أكتوبر 1973 أو حرب الاستنزاف، التى لم تنل حقها الكامل من الدراما، رغم أنها كانت تمهيدًا أساسيًّا لنصر أكتوبر، وامتلأت بقصص بطولات عظيمة للغاية، سواء من الجنود أو الضباط المصريين».

وأضاف: «حتى فى حرب 1967، رغم ما شهدته من نكسة، إلا أنها شهدت أيضًا قصصًا مشرفة من البطولة والشجاعة تستحق التوثيق فى الدراما، لأنها تُظهر الوجه الحقيقى للمقاتل المصرى، وتبرز عظمة هذا الوطن، ويجب ألا تبقى هذه البطولات مجرد نصوص فى كتب القراءة المدرسية، بل يجب أن تُجسد من خلال صورة حية تصل للأجيال الجديدة، ليشاهدوا عظمة ما حدث ويستوعبوا قيمته».

وأكد صابر أن تحويل هذه البطولات إلى أعمال درامية ليس مجرد عمل فنى، بل هو «واجب وطني»، مضيفاً: «يجب أن ننتج عشرات الأعمال عن سيناء، عن الخداع الاستراتيجى قبل حرب أكتوبر، عن استرداد الأرض، عن الكفاح المسلح والبطولات القانونية فى معركة طابا، لأن هذه القضايا لا تقل أهمية عن القتال العسكري».

وأشار إلى أن سيناء كانت دائماً عبر التاريخ بوابة للجيوش الغازية، وكانت تمثل تهديداً لمصر حتى تم تحريرها وتأمينها بالكامل، وقال: «اليوم سيناء فيها قوتنا، فيها رجالنا، فيها دباباتنا، ولكن على مدار التاريخ كانت ممراً للهكسوس وغيرهم، وهذا التاريخ يجب أن يُسجل فى أعمال درامية أو أفلام وثائقية تُنتج بشكل سريع ومُعاصر، بتكاليف ليست باهظة كما كان يُعتقد فى الماضي».

واعتبر المؤلف أن الدراما هى الوسيلة الأهم فى التوثيق، قائلاً: «الكتب كثيرة، لكن المؤسف أن أغلبية هذه الكتب لم تتحول إلى أعمال درامية، بينما الدراما هى الوثيقة الحية التى تصل للناس عبر التليفزيون، عبر المنصات، عبر الهاتف المحمول، فتُشاهد وتُخلَّد».

واختتم مجدى صابر تصريحاته لـ«تواصل» قائلاً: «هذه مسئولية الدولة، لا يستطيع أى منتج بمفرده أن يتكفل بإنتاج عمل وطنى ضخم عن بطولات سيناء أو حرب أكتوبر، هذا دور يجب أن تتحمله مؤسسات الدولة، وعلى رأسها الشركة المتحدة، التى قدمت أعمالاً ناجحة مثل الاختيار، نحن بحاجة إلى مشروع قومى تكون بطولته سيناء، ويشمل الدراما والسينما وحتى المسرح، ويجب ألا ننتظر عيد تحرير سيناء كى نتذكرها، بل يجب أن تبقى حاضرة فى وجدان الأمة طوال الوقت».

واتفق المخرج الكبير محمد فاضل مع الكاتب مجدى صابر على ضرورة تقديم اعمالا فنية توثق الاحداث المهمة فى تحرير سيناء، وأبدى استياءه من غياب التوثيق الفنى الكافى للبطولات الوطنية بشكل عام، مشيرًا إلى أن الفنانين بمساعدة الجهات المعنية، يجب التعاون معا لتقديم اعمال اكثر عمقا عن تلك البطولات التى تعتبر توثيقا لتاريخ مصر.

وأضاف فاضل: «نحتفل اليوم بعيد تحرير سيناء الـ43، وأنا أتشرف أننى كنت صاحب أول احتفالية فنية أقيمت عقب التحرير عام 1982، وكانت احتفالية غنائية شارك فيها الفنان الكبير محمود رضا بفرقة رضا، وعدد من المطربين».

وتابع المخرج القدير حديثه قائلاً: «هناك الكثير من اللحظات البطولية والقصص التى تستحق التوثيق الدرامي، رغم مرور 50 عاماً على حرب أكتوبر المجيدة، والتى بموجب البروتوكولات الدولية يُفترض أن تُفرج عن معلوماتها لتُتاح للإنتاج الفني».

وأكد فاضل ان لديه العديد من المشروعات التى توثق أحداث البطولات منها مشروع عن الشهيد إبراهيم الرفاعى، وكذلك فيلم سينمائى مستند إلى كتاب «رحلة إلى جهنم» للواء نبيل أبو النجا، وما زلت اتمنى تنفيذها.

واستشهد فاضل بالتجربة الامريكية فى توثيق الاحداث قائلاً: «أمريكا التى هُزمت فى حرب فيتنام، قدّمت عشرات الأفلام عنها كأنها كانت منتصرة، رغم أنها خرجت مهزومة فعليًّا، لكنهم وثقوا القصة من وجهة نظرهم، أما نحن فلدينا مئات القصص البطولية فى حرب أكتوبر 73، التى استُكملت بتحرير سيناء ثم الانتصار القانونى فى قضية طابا، وأغلبها لم توثق بالشكل الكافى واعتقد ان توثيقها إلزامى خاصة فى هذه الفترة الحرجة التى تعتبر سيناء مطمعًا للجميع».

وأكد فاضل أن «الانتصار المصرى لم يكن فقط عسكرياً، بل كان أيضاً قانونيًّا، كما حدث فى طابا، وهذه الانتصارات تحتاج إلى أن تُسجل فى أعمال فنية سواء كانت درامية أو تسجيلية.

واختتم المخرج الكبير حديثه قائلاً: «الفنانون ليسوا ممتنعين، بل على العكس هناك محاولات عديدة، ولكن لم يُكتب لها التنفيذ، وتم إنتاج عدد قليل جدًّا من هذه الأعمال مقارنة بحجم البطولات والقصص التى تستحق أن تُروى».