وﻳﺘﻜﻮف« ﻳﻌﻮد إﻟﻰ ﻣﻮﺳﻜﻮ وﺳﻂ ﺗﺼﺎﻋﺪ اﻟﻀﺮﺑﺎت اﻟﺮوﺳﻴﺔ ورﻓﺾ »زﻳﻠﻴﻨﺴﻜﻰ« اﻟﺘﺮاﺟﻊ

وﻳﺘﻜﻮف« ﻳﻌﻮد إﻟﻰ ﻣﻮﺳﻜﻮ وﺳﻂ ﺗﺼﺎﻋﺪ اﻟﻀﺮﺑﺎت اﻟﺮوﺳﻴﺔ ورﻓﺾ »زﻳﻠﻴﻨﺴﻜﻰ« اﻟﺘﺮاﺟﻊ

واصلت روسيا قصفها لأوكرانيا بطائرات مسيّرة، فى الوقت الذى عاد فيه المبعوث الأمريكى ستيف ويتكوف إلى موسكو لإحياء جهود السلام، بينما تصاعد الجدل حول مقترحات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، التى وصفها الكرملين بـ«الجدية»، لكنّها أثارت انتقادات حادة من كييف ولندن، وسط تمسك الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى برفض التنازل عن أى أراضٍ تحت الاحتلال الروسى، بما فيها شبه جزيرة القرم.

كما ذكرت وكالتا الأنباء الروسيتان ماش وشوت أن ضابطا كبيرا فى الجيش الروسى قتل اليوم الجمعة بعد انفجار سيارة فى بلدة بالاشيخا فى منطقة موسكو.

وأوضح ماش أن الضابط هو ياروسلاف موسكاليك، نائب رئيس إدارة العمليات الرئيسية فى هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية.

وأفادت وكالة «أسوشيتد برس» بأن ثلاث ضحايا لقوا حتفهم، بينهم طفل وامرأة مسنّة تبلغ من العمر 76 عامًا، وأُصيب عشرة آخرون، بعد أن أصابت طائرة روسية بدون طيار مبنى سكنيًا فى مدينة بافلوغراد بمنطقة دنيبروبيتروفسك، جنوب شرق أوكرانيا. وأعلن سيرهى ليساك، رئيس الإدارة الإقليمية، عبر تيليجرام، أن القوات الروسية أطلقت 103 طائرات بدون طيار من طراز شاهد وطائرات وهمية على خمس مناطق أوكرانية خلال الليل، ما أدى إلى موجة دمار جديدة.

تزامن القصف مع وصول ويتكوف إلى موسكو، فى زيارة هى الثانية خلال شهر أبريل، والرابعة منذ يناير. ويُنظر إلى عودته كجزء من مساعٍ مكثّفة تقودها إدارة ترامب الجديدة للوصول إلى اتفاق ينهى الحرب، التى دخلت عامها الثالث. ويأتى هذا التحرك بعد أيام من تأكيد المتحدث باسم الكرملين ديمترى بيسكوف أن مقترحات ترامب «تستحق الدراسة الجادة».

أكد وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف عن موقف أكثر انفتاحاً، قائلاً لشبكة «سى بى إس نيوز» إن موسكو «مستعدة للتوصل إلى اتفاق، ولكن لا تزال هناك بعض النقاط المحددة التى تحتاج إلى ضبط دقيق، ونحن مشغولون بهذا». وأضاف مادحاً ترامب: «ربما هو الزعيم الوحيد على وجه الأرض الذى أدرك الحاجة إلى معالجة الأسباب الجذرية لهذا الوضع».

أما الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، فقد صرّح بلهجة مباشرة: «أقول لبوتين: توقف عن هذه الحرب. توقف عن محاولة الاستيلاء على البلاد بأكملها. هذا هو التنازل الكبير الذى نقدمه. نحن نمنحهم فرصة للانسحاب دون إذلال». وأضاف: «نريد سلامًا دائمًا، لا هدنة موقتة». واعتبرت وسائل إعلام أميركية هذا التصريح نبرة جديدة فى انتقاد الرئيس الروسى.

ورغم الطرح الأمريكى، لا تزال العقبات قائمة أمام أى اتفاق. فقد جدد زيلينسكى تمسكه الكامل بسيادة بلاده على جميع أراضيها، قائلاً: «نفعل كل ما اقترحه شركاؤنا؛ ولا نستطيع أن نفعل إلا ما يتوافق مع تشريعاتنا والدستور». ويحظى زيلينسكى بدعم ثابت من زعماء غربيين بارزين، بينهم رئيس الوزراء البريطانى كير ستارمر، والرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، والأمين العام لحلف الناتو مارك روته، الذى صرّح بأن «موسكو، وليس كييف، هى التى تحتاج إلى المضى قدمًا فى المفاوضات».

الانتقادات الموجهة لمقترحات ترامب جاءت أيضًا من داخل المعسكر الغربى. فقد هاجم رئيس الوزراء البريطانى السابق بوريس جونسون اتفاق السلام المقترح، وقال لصحيفة «الجارديان»: «أوكرانيا لن تحصل على أى شىء بموجب الشروط التى عرضها ترامب»، مؤكدًا أن مثل هذه المقترحات تمثل «صفقة سيئة» لأوكرانيا. ويعتقد جونسون، ومعه عدد من المسؤولين الأوروبيين، أن المبادرة الأمريكية قد تؤدى إلى وقف إطلاق نار يخدم المصالح الروسية، دون ضمانات حقيقية لاستعادة الأراضى المحتلة أو منع التصعيد مستقبلاً.

وعلى الجانب الروسى، تواصل موسكو التنصل من أى التزام صريح بسحب قواتها من الأراضى الأوكرانية، كما لم تطرح حتى الآن جدولًا زمنيًا لانسحاب محتمل. ويرى مراقبون أن التحرك الأميركى يمثل اختبارًا كبيرًا لنيات الكرملين، ومدى استعداده لقبول تسوية لا تشمل شروطًا مفروضة على كييف.

فى هذه الأجواء، يواصل ويتكوف التحرك بهدوء بين العواصم، حاملاً ما يصفه مسؤولون أمريكيون بـ«مبادرة سلام متكاملة» تنال دعم ترامب وتستند إلى «مقاربة واقعية» للحل، دون المساس بجوهر السيادة الأوكرانية. لكن تفاصيل هذه المبادرة لا تزال غامضة، ما يزيد من الشكوك حول جدواها.

فى الوقت نفسه، تستمر روسيا فى تعزيز مكاسبها الميدانية، مستفيدة من الانقسامات الغربية والتردد الدولى. وتدرك كييف أن التراجع عن مواقفها قد يؤدى إلى فقدان الدعم العسكرى والسياسى، ما يفسر رفضها المتكرر لأى «صفقات مؤقتة».

وفى هذا السياق، كشفت رويترز عن وثيقتين توضحان حجم الخلاف بين المقترحات الأمريكية والموقف الأوكرانى-الأوروبى. فقد تضمنت مبادرة ويتكوف، التى وصفها وزير الخارجية الأمريكى ماركو روبيو بـ«الإطار العام»، اعترافاً رسمياً بسيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم ومناطق من شرق وجنوب أوكرانيا، مقابل ضمانات أمنية لكييف لا تشمل الانضمام إلى الناتو. فى المقابل، ترفض الوثيقة الأوروبية-الأوكرانية الاعتراف بسيطرة روسيا على أى أراضٍ، وتؤجل مناقشة وضع السيادة إلى ما بعد وقف إطلاق النار.

أما بشأن الأمن، فقد اكتفت مقترحات ويتكوف بالإشارة إلى «ضمانات قوية» من دول صديقة، وتنص الوثيقة المنافسة على الحق الكامل لأوكرانيا فى استضافة قوات أجنبية دون قيود، وفق آلية شبيهة بالمادة الخامسة فى حلف الناتو. واقتصادياً، تطالب الوثيقة الأوكرانية بتخفيف تدريجى للعقوبات على روسيا، مقابل تنفيذ الاتفاق، مع آلية لإعادة فرض العقوبات عند الخروقات، إلى جانب الحصول على تعويضات من الأصول الروسية المجمدة. أما الوثيقة الأميركية، فتنص على رفع فورى للعقوبات، دون تحديد مصادر واضحة للتعويضات.

وتُعد هذه الوثائق أول عرض شامل للخلافات التى تعيق التوصل إلى اتفاق، فى لحظة يُراهن فيها ترامب على تحقيق اختراق دبلوماسى قبل تصاعد إضافى فى الحرب.