رئيس جامعة الأزهر: بناء الإنسان جسمًا وروحًا جوهر الرسالات السماوية

أكد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، أن بناء الإنسان ماديًا وروحيًا هو الأساس الذي قامت عليه جميع الشرائع السماوية.
جاء ذلك خلال كلمته بالمؤتمر الدولي الخامس لكلية الشريعة والقانون بالقاهرة، الذي انعقد تحت عنوان «بناء الإنسان في ضوء التحديات المعاصرة».
وأوضح الدكتور داود أن المؤتمر يأتي استكمالًا لمسيرة الكلية العلمية، مشيرًا إلى أن المجالس العلمية بالأزهر لا يُملّ منها، مستشهدًا بقول الخليل بن أحمد الفراهيدي: «مرحبًا بزائر لا يُمل»، مؤكدًا أن هذه المجالس تهدف لتعزيز التفكير العلمي وإنتاج المعرفة لدى الجميع، من المعيد إلى العميد.
وأشار رئيس جامعة الأزهر إلى أن كلية الشريعة والقانون بالقاهرة هي أم كليات الشريعة بجامعة الأزهر، ولها فضل السبق والريادة في تخريج العلماء والقضاة والمفتين، مستذكرًا عددًا من رموزها البارزين، مثل الدكتور محمد عبد الرحمن الضويني، وكيل الأزهر، والدكتور نصر فريد واصل، مفتي الديار المصرية الأسبق، والدكتور شوقي علام، المفتي السابق.
وأضاف أن الأزهر الشريف كان وسيظل قادرًا على مواجهة الانحرافات الفكرية والشذوذ الذي يهدد الأمن المجتمعي، مشددًا على دور الأزهر في الجمع بين الأصالة والمعاصرة، والتمسك بثوابت الدين مع الانفتاح على التجديد العلمي المدروس.
وفي سياق كلمته، أوضح الدكتور داود أن الشرائع السماوية اهتمت ببناء الإنسان جسمًا وروحًا، داعيًا إلى تقوية مناعة الروح بالأخلاق الفاضلة والفضائل الإنسانية، كما تُقوّى مناعة الجسد بالتطعيمات والتحصينات، مشيرًا إلى أهمية غرس مكارم الأخلاق منذ الصغر.
وأكد فضيلته أن الإسلام يحث على تحقيق التوازن بين متطلبات الجسد والروح، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ: «إن لربك عليك حقًا، وإن لجسدك عليك حقًا، وإن لأهلك عليك حقًا، فأعطِ كل ذي حق حقه»، مبينًا أن العناية بالجسد لا تقل أهمية عن رعاية الروح.
كما تناول رئيس الجامعة اهتمام القرآن الكريم بالإنسان، حيث ورد ذكره مفردًا في 56 موضعًا، وجمعًا في 172 موضعًا، مبينًا أن تخصيص سورتي «الإنسان» و«الناس» يعكس عناية الشريعة بالإنسان فردًا وجماعة.
وفي حديثه عن العدوان على غزة، دعا الدكتور سلامة داود بالنجاة لأهلها، قائلاً: «نتعوذ بالله مما نزل بأهل غزة من قتل ودمار شامل.. رب إنهم مغلوبون فانتصر». مؤكدًا أن شر بعض الناس وأذاهم قد يبلغ حدًا لا يدفعه إلا ربهم وملكهم وإلههم.
ودعا رئيس الجامعة كليات الشريعة إلى إنشاء مقررات فقهية متخصصة للكليات الحديثة مثل كليات الذكاء الاصطناعي، والآثار، والطب البيطري، موضحًا أن هذه الخطوة ضرورية لمواكبة التطورات العلمية المعاصرة ضمن ضوابط الشريعة ومقاصدها.
واختتم فضيلة الدكتور سلامة داود كلمته بالتأكيد على أن بناء الإنسان ضرورة لا تقل عن بناء الحضارة المادية، مشيرًا إلى أن فقدان الأخلاق رغم التقدم العلمي يؤدي إلى انهيار المجتمعات، كما حدث مع إحدى الدول العظمى التي انهارت من الداخل رغم تحصيناتها المادية.