استطلاع أمريكى: تصاعد الانتقادات لترامب وفقدانه الصواب

كشف استطلاع حديث أجرته وكالة أسوشيتد برس ومركز نورك لأبحاث الشئون العامة أن عدداً كبيراً من الأمريكيين لا يوافقون على الوتيرة السريعة التى يعتمدها الرئيس دونالد ترامب فى تنفيذ أجندته، بما فى ذلك داخل صفوف الجمهوريين أنفسهم، حيث لم يُظهروا قناعة راسخة بأن اهتماماته كانت فى محلها.
وبينما قال الأمريكيون، وفقاً للاستطلاع، إن ترامب ركز على الأولويات الخاطئة بمعدل ضعف من قالوا إنه ركز على الأولويات الصحيحة، أشار الاستطلاع إلى أن حوالى 4 من كل 10 يعتبرون أداءه «سيئًا»، بينما وصفه حوالى 1 من كل 10 بأنه «ضعيف». فى المقابل، رأى حوالى 3 من كل 10 أن أداءه كان «رائعًا» أو «جيدًا»، بينما صنفه أقل بقليل من 2 من كل 10 على أنه «متوسط».
أما بالنسبة لتوقعاتهم، فقد ذكر حوالى 7 من كل 10 بالغين أمريكيين أن الأشهر الأولى من ولاية ترامب الثانية كانت كما توقعوا، فى حين قال حوالى 3 من كل 10 إن تصرفاته كانت غير متوقعة.
وعلى الرغم من ذلك، لا يبدو أن رضاهم عن طريقة إدارته للأمور كان كبيرًا، خاصة بين الديمقراطيين، إذ أظهر الاستطلاع أن حوالى ثلاثة أرباع الديمقراطيين يعتبرون أن ترامب يركز على مواضيع خاطئة، بينما وصفه حوالى 7 من كل 10 بأنه رئيس «سيئ» حتى الآن، وهى زيادة مقارنة بشهر يناير، حيث توقع حوالى 6 من كل 10 أنه سيكون كذلك.
تفاوت فى التقييمات بين الجمهوريين والديمقراطيين
وعلى الرغم من أن الجمهوريين يدعمون ترامب إلى حد كبير، إلا أن دعمهم لم يكن مطلقًا. فقد وصف حوالى 7 من كل 10 جمهوريين أداءه بأنه «جيد» على الأقل، لكن فقط نحو نصفهم قالوا إنه ركز على الأولويات الصحيحة، فيما رأى ربعهم أن أداءه مزيج متوازن، بينما قال 1 من كل 10 إن أولوياته كانت خاطئة فى الغالب.
أما من فوجئوا بتصرفات ترامب، ومعظمهم من الديمقراطيين والمستقلين، فكانوا أكثر ميلاً إلى وصف أولوياته بالخاطئة، واعتبار أدائه ضعيفًا أو كارثيًا.
بالمجمل، أظهر الاستطلاع أن حوالى 4 من كل 10 يوافقون على طريقة تعامله مع الرئاسة. وكانت الهجرة نقطة قوة نسبية، إذ وافق 46% من البالغين الأمريكيين على طريقة تعامله مع ملف الهجرة، وهى نسبة أعلى بقليل من تقييم أدائه العام. بالمقابل، سجلت قضايا السياسة الخارجية، التجارة، والاقتصاد معدلات دعم أقل، مع تأييد أقل من 4 من كل 10 بالغين لأسلوب تعامله مع كل منها.
تراجع محدود فى تأييد الجمهوريين
كما أظهر الاستطلاع أن نسبة الجمهوريين الذين وصفوا أداء ترامب بأنه «جيد» تراجعت بنحو 10 نقاط مئوية منذ يناير، مع زيادة طفيفة فى وصفه بأنه «سيئ» أو «فظيع»، رغم أن 16% فقط من الجمهوريين وصفوا الأشهر الأولى من ولايته بهذه الطريقة.
ستيفانى ميلنيك، البالغة من العمر 45 عاماً من ولاية تينيسي، قالت إنها تدعم أسلوب ترامب العام لكنها أعربت عن قلقها من طريقة تعامله مع الشئون الخارجية، خصوصاً الحرب فى أوكرانيا. وأوضحت ميلنيك، التى هاجرت عائلتها من أوكرانيا، أن ترامب «يحاول إيجاد حل سريع لن يدوم»، محذرة من أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين «لا يمكن الوثوق به».
وأضافت ميلنيك: «يبدو أنه متعالٍ جدًا. أحيانًا تشعر وكأنه يتصرف كطفل يبلغ من العمر 12 عامًا».
الاقتصاد والهجرة: انقسام حاد
رغم أن ترامب ما زال يتمتع بدعم قوى من الجمهوريين، حيث قال حوالى 8 من كل 10 منهم إن لديهم رأياً إيجابياً فيه، وأبدى عدد مشابه منهم موافقتهم على إدارته للرئاسة، إلا أن الانقسامات فى تقييم القضايا الاقتصادية كانت واضحة.
وفيما يتعلق بنائب الرئيس جيه دى فانس، أظهر الاستطلاع أن حوالى ثلث البالغين الأمريكيين لديهم رأى إيجابى فيه، بما فى ذلك حوالى 7 من كل 10 جمهوريين.
نظرة الديمقراطيين للاقتصاد أكثر تشاؤماً
من جهة أخرى، أشار الاستطلاع إلى أن الديمقراطيين أصبحوا أكثر تشاؤماً بشأن الاقتصاد مقارنة بما كانوا عليه قبل تولى ترامب الرئاسة، وأظهرت النتائج أن الغالبية العظمى منهم ترى أن ترامب «بالغ» فى قضايا الترحيل وفرض الرسوم الجمركية.
غابرييل أنتونوتشي، البالغ من العمر 26 عاماً والذى انتقل مؤخراً إلى كارولينا الجنوبية، وصف ولاية ترامب الثانية بأنها «أكثر سخافة بكثير» مما كان يتوقع، قائلاً: «يبدو حقًا أنه يبذل قصارى جهده لاتخاذ قرارات خاطئة. من المرجح أن تكون الأمور أسوأ بكثير بعد أربع سنوات مما هى عليه الآن».
فى مقال له، يقول سيمون تيسدال، معلق الشئون الخارجية فى صحيفة الجارديان: «من بين جميع الأدوات المتاحة لإسقاط الطغاة، لا شيء يُضاهى فى حسمه غباء ترامب. يدرك معظم الناس عبثية صفقة السلام المُستهترة التى تكافئ بوتين وتُخون أوكرانيا. هل يعتقد ترامب حقًا أن دعمه للقتل الجماعى فى غزة، وتهديداته بمهاجمة إيران، وقصفه المتهور لليمن، سيُسهم فى إنهاء صراع الشرق الأوسط ويُكسبه جائزة نوبل للسلام؟».
واضاف: بكل المقاييس تقريبًا، تُلحق حرب الرسوم الجمركية العالمية الفوضوية التى يفرضها ترامب ضررًا بالمستهلكين الأمريكيين، وتؤذى الشركات، وتُقلل من نفوذ الولايات المتحدة. إنها تمثل نعمة للصين، وهجومًا على حلفاء قدامى وشركاء تجاريين مثل بريطانيا. كبار مؤيدى ترامب فى قطاع التكنولوجيا يدركون هذا الأمر، وكذلك العديد من الجمهوريين، لكنهم لا يجرؤون على قول الحقيقة للسلطة.
وتابع: ثم هناك جشعه، ذلك الجشع الصارخ والوقح لجمع المال، الذى جلب عليه بالفعل اتهامات بالتداول بناءً على معلومات داخلية، وحكم الأقلية الفاسدة، وتضارب المصالح الذى لا يُحصى ولا يُعد، دون مراقبة من قِبَل هيئات الرقابة الحكومية السبع عشرة التى طردها ترامب عمدًا. يسعى أقاربه وشركاته مجددًا إلى إبرام صفقات مع جهات أجنبية مُفضّلة. لا يمكن أن يمر فساد بهذا الحجم دون مواجهة مستمرة. قد يكون الجشع وحده سبب هلاك ترامب، وهو يشير إلى نتيجة واحدة: ترامب، بصفته طاغية، ناهيك عن كونه رئيسًا، عديم الفائدة تمامًا. ومع تزايد إخفاقاته وإحباطاته وأوهامه، سيزداد اضطرابه خطورة. ترامب هو عدوه الأكبر.
من هنا، يرى تيسدال أنه يجب على أولئك الذين يسعون لإنقاذ الولايات المتحدة وأنفسهم – سواء فى الداخل أو الخارج – استخدام جميع الوسائل الديمقراطية لاحتوائه وردعه وتفكيكه وإسقاطه. لكن الأمل الأبرز والأذكى الآن هو أن ترامب، غارقًا فى غطرسته، سيدمر نفسه بنفسه.