سواعد مهمَّشة!

سواعد مهمَّشة!

عندما نتحدث عن فكرة تخصيص «الأول من مايو»، كيومٍ للعمال، واحتفاء دولي سنوي للإنجازات الاجتماعية والاقتصادية للحركة العمالية، نلاحظ أنه أصبح «عيدًا افتراضيًّا»، و«يوم إجازة» فقط.. وما دون ذلك «تعبئة افتراضية» على مِنَصَّات التواصل الاجتماعي.

بعيدًا عن تلك المسمَّيات والمصطلحات وأهداف هذا اليوم، التي ليست سوى «حبر على ورق»، تظل أعظم الوصايا الربَّانية: «إتقان العمل وإعطاء الأجير حقه»، لأنه عندما يكون العمل متعة، تكون الحياة مبهجة.. أما إذا كان العمل «قهريًا» تصبح الحياة نوعًا من العبودية. 

ولأن الواقع مرير وأليم، فإن محاولات تخفيف الأعباء المعيشية عن «العامل» ـ خصوصًا في القطاع الخاص ـ لم تعد تجدي نفعًا.. فقط مجرد مسكِّنات، لأنه في الواقع لم يعد قادرًا على تأمين طعامه الأساسي، أو تحمل صعوبات الحياة، والارتفاع الجنوني للأسعار، الذي طال كافة السلع والخدمات، وفاق كل احتمال.

عندما قرر المجلس القومي للأجور، في فبراير الماضي، زيادة الحد الأدنى لرواتب العاملين بالقطاع الخاص إلى 7 آلاف جنيه شهريًّا، على أن يتم تطبيق الزيادة اعتبارًا من 1 مارس 2025، فقد حدَّد الحد الأدنى لقيمة العلاوة الدورية للعاملين 250 جنيهًا شهريًا، كما تم وضع حد أدنى للأجر للعمل المؤقت، بحيث لا يقل عن 28 جنيهًا صافيًا في الساعة ـ وفقًا للتعريف الوارد في قانون العمل!

بالطبع لم تُنَفَّذ تلك القرارات، في الغالبية العظمى من مؤسسات القطاع الخاص، لتظل «حبرًا على ورق»، رغم مرور شهرين على بدء التطبيق والتنفيذ، في الوقت الذي تلقى فيه جموع المصريين، «مفاجأة» غير سارَّة، قبل أسبوعين، عندما قررت الحكومة زيادة أسعار البنزين والمشتقات النفطية، وهي الزيادة الأولى خلال العام الجاري، والثانية خلال 6 شهور!

الآن، وفي ظل التضخم والغلاء، وزيادة الأسعار بشكل جنوني، يبدو السؤال الأكثر وجاهة وإلحاحًا، ويهم أكبر شريحة في المجتمع: ماذا عن آلية تطبيق قرارات الحد الأدنى للقطاع الخاص، الذي يعاني في غالبيته العظمى من فروقات واضحة مع القطاع الحكومي، في المرتبات، العلاوات، الإجازات، ساعات وأيام العمل.. وفي كل شيء تقريبًا؟ 

يقينًا.. العاملون بالقطاع الخاص، يعانون كثيرًا، ويَئِنُّون تحت وطأة قسوة الحياة، ويحتاجون إلى متابعة مؤسسات الدولة المعنية، لإلزام الشركات والمؤسسات بتطبيق الحد الأدنى للأجور، والعلاوات، وغيرها من القرارات ذات الصِّلة، التي ستظل «حبرًا على ورق»، في ظل عدم فرض آلية حقيقية للتنفيذ والمتابعة.

أخيرًا.. غالبية العاملين في القطاع الخاص ـ الذي يتعدى قوامه 25 مليونًا ـ يتعرضون للظلم والإجحاف، في ظل استغلال كثير من المؤسسات، بعض الثغرات، لإعفائها من التطبيق، بعد تقديم ما يُثبت تعثرها وعدم قدرتها على الوفاء بالحد الأدنى للأجور، وهو تحايل مرفوض يجب مواجهته بقرارات حاسمة وعقوبات رادعة.

فصل الخطاب:

يقول الأديب الروسي «أنطون تشيخوف»: «يَشعُر الأشخاص الذين جمعتهم مأساة مشتركة بنوع من الارتياح عندما يجتمعون معًا».

[email protected]