من يقف وراء تسريب تسجيل عبد الناصر والقذافي حول التسوية مع إسرائيل.. فيديو

أثار تسجيل صوتي نادر للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر مع الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، يعود إلى أغسطس من عام 1970، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والصحفية.
ويتضمن التسجيل تصريحات تُفهم على أنها استعداد للحل السلمي مع إسرائيل وانتقاد للدول التي تدعو إلى الحشد العسكري، مع التأكيد على “الواقعية” في التعامل مع القضايا العربية.
وبينما اعتبرت أسرة عبد الناصر أن التسجيل جزء من أرشيفه المتاح، تباينت الآراء حول دلالاته وتوقيته، ويأتي هذا الجدل بالتزامن مع إعادة نشر مقاطع صوتية من التسجيل تتضمن عبارات مثل: “الكلام سهل جداً وإن احنا نحشد قواتنا سهل جداً… من سنة 48 بنتكلم في هذا الكلام… محدش حشد ولا حد عمل… احنا لن نتصرف في أي شيء واحنا هنتفق… نتكلم على سينا بس… يتفضلوا هم يمشوا من سينا والحدود ماشي”.
التسجيل مجتزأ
واعتبر الكاتب الصحفي عبد الحليم قنديل أن هذا التسجيل هو “اجتزاء للحقيقة” يصل إلى حد “إنكارها وخيانتها”، مشيراً إلى وجود “آلاف الساعات” لعبد الناصر حول الصراع مع إسرائيل منذ هزيمة 1967 وحتى وفاته.
وأوضح أن المحادثة جرت في أغسطس 1970، وهي فترة كانت فيها القيادة المصرية قد قبلت “مبادرة روجرز” كغطاء سياسي لبناء حائط الصواريخ الذي منع عبور قناة السويس.
وأشار قنديل إلى أن انتقادات عبد الناصر في التسجيل كانت موجهة لأنظمة معينة مثل نظام البعث في العراق وسوريا وبعض الفصائل اليسارية في المقاومة الفلسطينية التي انتقدت قبوله لمبادرة روجرز.
وشدد على أن عبد الناصر “مات على الجبهة” وأن التسجيل، حتى في شكله المجتزأ، يتضمن إشارة إلى استعداده للذهاب إلى “جولدا مائير” لاستعادة سيناء، لكنه أكد أنه لو فعل ذلك سيكون “منافقاً”، ما يدل على أن هدفه الجوهري كان “إزالة آثار العدوان” والعودة إلى خطوط ما بعد 5 يونيو 1967.
ناصر رئيس واقعي بعد 1967
من جانبه، رأى الدكتور عماد جاد، نائب مدير مركز الأهرام للدراسات والباحث في الشئون السياسية والثقافية، أن عبد الناصر قبل عام 1967 كان يرى في نفسه “قيادة قومية” ذات طموحات لتغيير المنطقة، لكنه بعد الهزيمة “تحول لشخص ريالستيك واقعي”، وأصبح تركيزه الأساسي على كونه “رئيساً مصرياً بشكل واضح”، واصفا هذا التحول بأنه “براجماتية” و”واقعية”.
وأشار جاد إلى أن عبد الناصر في هذا الحديث وجه لوماً للدول “الراديكالية الثورية” ودعاها إلى المشاركة الفعلية في القتال، كما أوضح أن حوائط الصواريخ كانت موجودة بالفعل قبل مبادرة روجرز، لكن المبادرة سمحت بنقلها إلى مسافة أقرب من قناة السويس، مما كان له دور حاسم في حرب أكتوبر 1973.
واعتبر جاد أن عبد الناصر بعد عام 1967 كان يتحدث فقط عن “إزالة آثار العدوان” ولم يتطرق إلى الأراضي التي احتلت في حرب 1948.
وأثار النقاش تساؤلات حول الهدف من نشر هذا التسجيل في هذا التوقيت وما إذا كان يهدف إلى تغيير صورة عبد الناصر كزعيم قومي مدافع عن القضية الفلسطينية.
وتساءل الدكتور جاد عن سبب إخراج هذا التسجيل الصوتي اليوم، بينما أكد عبد الحليم قنديل أن جمال عبد الناصر لم يتنازل لا سراً ولا علناً عن فكرة أن الحل السلمي غير ممكن وأن “ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة”.
وأشار إلى أن عبد الناصر كان لديه “خطة تاريخية لتحرير فلسطين” تعتمد على بناء قوة عربية، ونظرية المقاطعة والمقاومة، والانتظار حتى “تكون أمريكا في اضطراب وفوضى”.