الدراما… صناعة فنية

تم عقد مؤتمرُ مستقبلِ الدراما فى ماسبيرو ٢٢ أبريل بحضور رئيس الهيئة «أحمد المسلماني» ومجموعة كبيرة من الفنانين والمخرجين مع غيابِ شبابِ الفنانين، وكذلك المنتجون المؤثرون، وأيضًا عدمِ تواجد الأكاديميين المختصين، والأخطرُ هو تجاهلُ القنوات المصرية التابعة للشركة أو المواقع الصحفية والإلكترونية لهذه الفاعلية المهمة، فقد كانت متابعةُ المؤتمر والتحقيقات الصحفية والنقدية شبهَ منعدمةٍ إلا من القليل.. بالقطع هذا المؤتمرُ هو محاولةٌ لاستعادةِ رونقِ ماسبيرو والتأكيدِ على دور الدولة ممثلةً فى الهيئة الوطنية للإعلام لتحديدِ وضبطِ مسار الإعلام والدراما فى المرحلة القادمة، ولكن بكل أسف هناك انقسامٌ فى خريطة الإعلام المصرى، فلم تؤدِّ تلك الكياناتُ الإعلاميةُ الجديدةُ إلى التنافسية الإيجابية وإنما إلى الاحتكار السلبى واتجاهِ معظم شركات الإعلانات، بالإضافة لشركات الإنتاج نحو التعاون مع جهةٍ دون الأخرى، وذلك بعد أن جُرِّدَ ماسبيرو من أيِّ سلطةٍ وقوةٍ إنتاجيةٍ سواء قطاعُ الإنتاج أو مدينةُ الإنتاج واللذان غابا عن أيِّ مشاركةٍ فعليةٍ فى السوق الدرامى على مدار أكثر من عشر سنوات.
والآن نجد عددًا من المؤتمرات المحلية والعربية تطرح فى أجندتها قضيةَ الدراما باعتبارها العنصرَ الفعالَ فى الإعلام الجديد مع كمٍّ كبيرٍ من الأبحاث والأطروحات التى تتناول بالبحث والتدقيق الأشكالَ والأنواعَ الدراميةَ سواء على الشاشات أم المنصات الإلكترونية، ومع هذا تظل الأزمةُ قائمةً والمشكلةُ حاضرةً وما نفعله مجردُ «طقِّ حنكٍ» أو تنفيثٍ عن غضبٍ ورفضٍ… هذا العامَ تم عرضُ أعمالٍ دراميةٍ بالإنتاج المشترك مع جهاتٍ وقنواتٍ عربيةٍ وكان بعضُها جيدًا والآخرُ دون المستوى مثل «أخواتي» و«العتاولة» و«أش أش» و«سيد الناس» و«80 باكو» و«أشغال شقة جدًا» و«المداح» و«كامل العدد»… أما أعمالٌ مثل «لام شمسية» و«أولاد الشمس» و«حسبة عمري» و«ظلم المصطبة» و«نقابل حبيب» فهى إنتاجٌ مصريٌّ مشتركٌ ما بين شركات الإنتاج الخاصة والشركة المتحدة التى سيطرت على الإنتاج منذ عدة سنوات… إذا القضيةُ الرئيسيةُ لمستقبلِ الدراما فى مصر تكمن فى الإنتاج ودورِ الدولة وإسهامِ مؤسساتِها المعنيةِ فى اختيار النصوص ومتابعةِ الإنتاج والتنفيذ والعرض والتسويق دون احتكارٍ أو وصايةٍ أو شلليةٍ ومجموعاتٍ مغلقةٍ أفسدت صناعةَ السينما المصرية والمسرح المصرى ولم يبقَ من القوى الناعمة حتى الآن سوى القليلِ من الدراما المتميزةِ الفنيةِ الراقيةِ والتى تحتاج إلى التعاون بين ماسبيرو والشركة المتحدة من جهةٍ وبين صوت القاهرة وقطاع الإنتاج ومدينة الإنتاج والقطاع الخاص من جهةٍ أخرى، كلُّ هذا فى إطار منظومةٍ إعلاميةٍ متكاملةٍ ومجلسٍ أعلى للدراما يجمع بين الخبرة العملية والتخصص العلمى من كتابٍ ونقادٍ ومخرجين ومنتجين وفنانين، الكلُّ يعمل فى اتجاهِ رفعِ وتحسينِ المستوى والمحتوى وتقديمِ دراما متنوعةٍ لها معنى ورسالةٌ ومغزى، وأيضًا دراما قادرةٌ على جذب المشاهد وإسعاده وتقديمِ المتعة البصرية والذهنية والنفسية دون إسفافٍ أو عنفٍ أو تشويهٍ للمجتمع وتسليطِ الضوءِ على كلِّ قبيحٍ وشاذٍّ وفاسدٍ… أزمةُ الدراما تكمن فى الإنتاج وفى الرؤية والمحتوى وهؤلاء الذين يروجون للترفيه على حساب الجودة والرسالة والفكر… لن ينصلحَ الحالُ بالمؤتمرات والكلمات والأبحاث وإنما بقراراتٍ حاسمةٍ جازمةٍ تجمع الفرقاء وتدعم الصناعةَ والثقافةَ الفنيةَ.