مفتي الجمهورية من مطروح: بناء الإنسان أساس نهضة الأوطان

أكد الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أن بناء الإنسان هو الأساس الأول لبناء الأوطان، مشددًا على أن نهضة الأمم ورقيها تبدأ من تنمية الفرد.
بناء الإنسان أساس نهضة الأوطان
وأشار فضيلته إلى أن الله تعالى خلق الإنسان لعمارة الأرض، وجعل مهمته متصلة بالرسالة الإلهية التي حملها الرسل جميعًا، حيث جاءت الشرائع السماوية لترسيخ قيم الحق والخير والجمال في الإنسان، وحثه على العمل والسعي نحو الرزق الحلال، بما يعمر الكون وينفع البشرية. كما لفت إلى أن الدساتير والقوانين الوضعية أيضًا قامت على حفظ كرامة الإنسان وإنسانيته.
وأضاف المفتي أن الدين، في صورته المثلى، يشكل الركيزة الأساسية لبناء شخصية متوازنة تعرف واجباتها وحقوقها، وتقيم علاقتها مع الله والمجتمع على أسس من الرحمة والعدل والصدق. وأكد أن الأوطان لا تُبنى إلا بسواعد أبنائها المتمسكين بالعلم والأخلاق، موضحًا أن الإنسان بلا وطن يفقد جزءًا من كرامته، وأن حماية الوطن واجب ديني ووطني، وأن خيانته صورة من صور الفساد المحرمة في جميع الشرائع.
جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها فضيلته في ندوة بعنوان «بناء الإنسان أساس بناء الأوطان»، نظمتها محافظة مرسى مطروح بالتعاون مع جامعة مطروح، بحضور عدد كبير من طلاب الجامعة والمدارس بالمحافظة.
الاهتمام ببناء الإنسان عقلاً وجسداً وروحاً
وأوضح مفتي الجمهورية أن بناء الإنسان لا يقتصر على الجوانب العقدية والعبادية فقط، بل يمتد ليشمل بناء الأخلاق والسلوك، وصيانة العقل، وحفظ البدن، وتنمية الفكر.
وشدد على أن الإسلام دين الوسطية والاعتدال، يحث على التوازن بين الروح والمادة، ويحذر من الغلو والإفراط والتقصير، داعيًا إلى استخدام النعم استخدامًا حسنًا، وتجنب الإضرار بالنفس أو بالآخرين.
كما حذر من التأثيرات السلبية لبعض السلوكيات الدخيلة التي تروج لها وسائل الإعلام الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي، مشيرًا إلى أنها تستهدف تفكيك منظومة القيم والأخلاق. واستشهد بقول الله تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: 18]، مبينًا أن الرقابة الذاتية المستمدة من الإيمان هي خط الدفاع الأول لحماية الإنسان من الانحراف.
وأكد فضيلته أن العبادات شرعت من أجل تزكية النفس وتهذيب السلوك، محذرًا من الانفلات القيمي الذي يضعف الأمم ويدفع بها نحو السقوط، مستشهدًا بالبيت الشعري الخالد: “إنما الأمم الأخلاق ما بقيت… فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا”.
بناء الإنسان ضمانة لبقاء الأوطان
وفي ختام كلمته، شدد المفتي على أن بناء الإنسان الواعي المثقف القادر على الدفاع عن هويته الدينية والوطنية هو الضمانة الحقيقية لاستمرار قوة الأوطان.
وبيّن أن عناصر الهوية تتمثل في الدين واللغة والحضارة والوطن، معتبرًا أن أي طعن أو تشكيك فيها يعد تهديدًا وجوديًا للأمة.
ودعا الشباب إلى التمسك بجذورهم والانفتاح الإيجابي على العالم دون التخلي عن القيم والثوابت، مستشهدًا بسير العلماء المسلمين الذين أضاءوا تاريخ البشرية، مثل ابن سينا، والرازي، وابن الهيثم.
وأكد أن الأمة التي تعرف مكانة علمائها وتحترم تراثها قادرة على رسم مستقبلها بإرادة قوية وهمم لا تعرف الكلل.
حضر الندوة اللواء أركان حرب خالد شعيب، محافظ مطروح، والدكتور إسلام رجب نائب المحافظ، والنائب صالح سلطان رئيس الهيئة البرلمانية بمطروح، وعدد من القيادات التنفيذية والشعبية، إضافة إلى قيادات من الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ومديرية التربية والتعليم. وقد تفاعل الطلاب مع كلمة فضيلة المفتي، معبرين عن اعتزازهم بالرسائل القيمة التي حملتها حول أهمية بناء الإنسان والنهوض بالأوطان.