للدفاع أم الاعتداء.. أهم الأسوار والأبواب في التاريخ

ينتهي الحدث ويبقى الأثر، حروب ولّت وصراعات خمدت، خسر فيها من خسر وانتصر من انتصر، وظلت حصون ودفاعات، أسوار وأبواب وأسلحة وقلاع، كانت أقوى من صروف الزمن، تقف شاهدة على حضارات وأحداث سطرها التاريخ.. لتؤكد أنه ها هنا كان يدافع شعب عن أرضه، وهناك كان يعتدي شعب على غيره، فعلى مدار التاريخ الإنساني، حاولت الحضارات والبلدان المختلفة حماية نفسها من اعتداءات العدو، سواء في السلم أو الحرب، وكانت إقامة الأسوار حول البلدان والمدن إحدى تلك الوسائل لصد العدو عن الدخول وحماية الشعب.
لكن.. هناك من حوّل تلك الأسوار والعوازل لوسائل للفصل العنصري وعزل وتحجيم وإذلال شعب، هو في الأصل صاحب هذه الأرض، فعلتها قبلا ألمانيا، حين أقامت سور برلين للفصل بين شعب ألمانيا الواحد، ومنع انتقال مواطني ألمانيا الشرقية إلى ألمانيا الغربية، وفعلها العدو الصهيوني، حين قرر نتنياهو تحويل الجدار المعنوي إلى حقيقي، وبالفعل تم بناؤه ممتدا على طول غزة فوق الأرض وتحتها، ليفصل مواطني غزة عن مواطني الاحتلال.
وعنه يقول ذلك النتنياهو: إن جيش الاحتلال والمؤسسة الأمنية عارضا إقامة جدار عازل مع غزة، ولكني أصررت أنه إذا لم يتم بناؤه لن تكون هناك دولة إسرائيل»، «المؤسسة الأمنية أرادت أن يكون الجدار العازل افتراضيا، قلت لا، أريد سياجا ماديا».
*جدار غزة العازل:
في ديسمبر 2021، أعلنت إسرائيل عن اكتمال بناء هذا الجدار الضخم الذي يمتد على طول حدود قطاع غزة، تحت الأرض وفوقها، والذي بدأ العمل عليه في 2016 بهدف التصدي للأنفاق التي تستخدمها الفصائل الفلسطينية في حرب غزة عام 2014.
بلغت تكلفته حوالي 3.5 مليار شيكل، واستغرق تنفيذه أكثر من ثلاث سنوات ونصف، بمشاركة حوالي 1200 عامل واستخدام كميات ضخمة من الحديد والصلب،
وقال وزير دفاع الاحتلال وقتها، بيني جانتس، إن هذا الجدار يشكل «حاجزًا حديديًا» يفصل بين الفصائل الفلسطينية وسكان مستوطنات جنوب الأراضي المحتلة، ويعمل على تقليص القدرات التي تحاول الفصائل تطويرها.
ويمتد الجدار على طول 65 كيلومترًا، ويصل إلى البحر لمنع حفر الأنفاق تحت الماء. ووفق وزارة الدفاع لجيش الاحتلال الإسرائيلي، يحتوي «السياج الذكي» على مئات الكاميرات والرادارات وأجهزة الاستشعار، ويتضمن مكونات متعددة مثل جدار خرساني تحت الأرض مزود بأجهزة كشف للأنفاق، وسياج فولاذي بارتفاع ستة أمتار، إلى جانب أسلحة يتم التحكم بها عن بعد.
*خيبة جدار نتنياهو
قبل شهر واحد من طوفان الأقصى، كان نتنياهو يزهو فخوراً بجداره الحديدي على حدود غزة “سلاري”،
لكن جاء طوفان الأقصى في أكتوبر ٢٠٢٣، ليثبت كذبة ذلك الجدار، مثلما سبقهم المصريون وأثبتوا فشل خط بارليف، هكذا استطاعت الفصائل الفلسطينية تدمير جدار غزة خلال ساعات معدوده في 29 موقعا مختلفا.
ورغم أن هدف بنائه كان ارتعاب الصهاينة من تسلل رجال المقاومة الفلسطينية خلال الأنفاق، إلا أنه خلال عملية طوفان الأقصى خرجت المقاومة من فوق الأرض ودمروا السياج العالي، حيث أحدثوا ثغرات فيه عبر جرافة، وانتقلوا مشيًا وعبر دراجات نارية وسيارات دفع رباعي، مخترقين السياج في 29 موقعًا مختلفًا.
هكذا كشف تدميره عن الهشاشة الأمنية الإسرائيلية، وأعاد أزمة الجدار الحديدي لغزة إلى الأضواء مرة أخرى، ليثبت أن كل ما هو باطل سيكون مصيره إلى الزوال.
*أهم الأسوار والأبواب في العالم:
ننتقل إلى الأسوار والأبواب التي أقيمت في معظمها كوسائل مشروعة للدفاع عن الأرض والبلاد من هجمات الأعداء، خاصة أثناء الحروب والقلاقل، ويحفل التاريخ بأمثلة عديدة لتلك الأسوار، سواء ما أقامه العرب والمسلمون في العصور الوسطى والعصر الفاطمي، أو ما أقامته دول أوربا والصين وغيرها، نستعرض أهمها في السطور التالية:
أسوار القاهرة
أحيطت القاهرة على طول تاريخها الإسلامي بثلاثة أسوار: سور جوهر الصقلي، سور بدر الدين الجمالي، سور بهاء الدين قراقوش «أو سور صلاح الدين الأيوبي».
ولأنه أشهرها فقد ذكر المقريزى عن سور جوهر الصقلي أن طول الطوبة الواحدة في سور القاهرة كان ذراعاً وعرضها ثلثا ذراع، وأن سمك هذا السور كان كافياً لأن يمر فوقه فارسان جنباً إلى جنب، أقام ذلك السور القائد جوهر الصقلى، ليحمي به القاهرة، وكان مصنوعا من الطوب اللبن، على شكل مربع طول كل ضلع من أضلاعه ألف وثمانين متراً.
سور الإسكندرية
بعد مرور أكثر من 2300 عام على بداية إنشاء سور الإسكندرية، يمكن أن نرى بقاياه مازالت واقفة فى الطرف الشرقى من حديقة الشلالات الجنوبية أمام الإستاد الرياضي، وهو الجزء الوحيد المتبقى من السور، إلا أن هذه البقايا أجزاء من السور الذى أقامه “أحمد بن طولون” فى القرن الثالث الهجري، وتبلغ مساحته حوالى 79.5 متر مربع.
بنى سور الإسكندرية من أحجار تم جلبها من محاجر المكس، ويبلغ طول السور الخارجى للمدينة 15.8 كيلومتر، وكان يحيط مقر إقامة القائد الرومانى “ماركوس أنطونيوس” فى الإسكندرية.
** أسوار مراكش
هى مجموعة من الأسوار الدفاعية التى تحيط بمناطق المدينة القديمة فى مراكش، المغرب، شيدت الأسوار أول مرة أوائل القرن الثانى عشر الميلادى من قبل سلالة المرابطين التى أسست الدولة المرابطية عام 1070 م وجعلت من مراكش عاصمةً لها.
** أسوار القدس
هى أسوار تحيط بالبلدة القديمة فى مدينة القدس (مساحتها حوالى 1 كم²)، بنيت الجدران بأمر من السلطان العثمانى سليمان الأول خلال عامى 1535 و1538، عندما كانت القدس جزءا من الدولة العثمانية، بُنيت لتحصين المدينة ضد الاختراقات والغزوات.
أسوار أوريليان:
هي أسوار عالية بناها الإمبراطور أوريليان بين عامي270 و275 للدفاع عن روما، عاصمة الإمبراطورية الرومانية في ذلك الوقت، من هجمات البرابرة، يبلغ طولها حوالي 19 كم، وهي من بين أطول الأسوار القديمة وأفضلها حفظا في العالم.
سور الصين العظيم:
بني في القرن ال 14 لحماية الحدود الشمالية للإمبراطورية الصينية من هجمات القبائل البدوية، ويمتد على مساحة 8،850 كيلومتر .
جدار برلين:
بدأ بناؤه في عام 1961 في ذروة الحرب الباردة، بني في وسط برلين ألمانيا الشرقية من أجل وقف سكان برلين الشرقية من الهروب إلى الغرب.
أسوار طروادة: هي واحدة من أقدم الجدران و التي لا تزال قائمة بتركيا، وتم بناء هذا الجدار في القرن الثامن قبل الميلاد لحماية المدينة الأسطورية طروادة، وصمد هذا الجدار تحت الحصار 10 سنوات .
جدار هادريان: وهو أطول جدار في أوروبا، وقد تم بناء هذا الجدار من قبل الرومان لحماية مستعمرة بريطانيا من القبائل في إسكتلندا، ويمتد على 117 كيلومترا (73 ميلا) في جميع أنحاء الأرض من الشاطئ إلى الشاطئ.
أسوار ستون بكرواتيا: بنيت في القرن ال 15، وهي متصلة بمدينتين وامتدت على طول 5.5 كيلومتر، وبنيت كأنها الحائط الدفاعي لمدينة دوبروفنيك وهذا هو ثاني أكبر الجدران في أوروبا .
أسوار بابل بالعراق: وتقع في بابل القديمة في العراق بين النهرين، حوالي 85 كم جنوب بغداد. و أصولها تصل إلى 575 قبل الميلاد وكانت تعتبر بوابة عشتار باعتبارها واحدة من عجائب الدنيا في العالم القديم نظرا لعظمتها والهندسة المعمارية بها.
جدران زيمبابوي الكبيرة: وزيمبابوي العظمى هي مدينة في زيمبابوي، وكانت عاصمة لمملكة زيمبابوي خلال أواخر العصر الحديدي في البلاد، كانت المدينة تحاط بتلك الجدران .
سكسهيومان: بيرو، وهو مجمع محاط بسور على المشارف الشمالية لمدينة كوسكو بيرو ، العاصمة السابقة لإمبراطورية الإنكا، ويتكون المجمع من الجدران الحجرية الجافة المصقولة الكبيرة، مع قطع الصخور، والموقع على ارتفاع 3،701 متر.
** أسوار أخرى:
ومن أمثلة الأسوار الشهيرة الأخرى حول العالم نذكر:
أسوار القسطنطينية بتركيا، سور لوغو بإسبانيا، سور أنطونيوس باسكتلندا، جدار الأطلسي بفرنسا وبني خلال الحرب العالمية الثانية من طرف ألمانيا النازية،
جدار المزارعين العامين بباريس، جدار الديمقراطية بالصين، جدران أريحا بفلسطين، حائط البراقي سمى أيضا حائط المبكى بالقدس، جدار لينون وهو نصب تذكاري للمغني الإنجليزي جون لينون، بجمهورية التشيك، نصب قدامى محاربي فيتنام التذكاري بأمريكا،
جدار لندن، حاجز الولايات المتحدة والمكسيك هو حاجز يقع على الحدود الأمريكية المكسيكية، خط ماجينو، بفرنسا، بني بعد الحرب العالمية الأولى من طرف فرنسا لتعزيز دفاعها مع ألمانيا النازية، مارث خط مارث بتونس، خط موريس يقع هذا الخط على الحدود الجزائرية التونسية والجزائرية المغربية، وشيد من طرف الحكومة الفرنسية أثناء احتلالها للجزائر، خط سيغفريد بألمانيا، وضع هذا الخط ليواجه خط ماجينو الفرنسي، الجدار الفاصل المغربي هو جدار فاصل بين المغرب وجبهة البوليساريو، سياج مليلية الحدودي هو جدار فاصل بين المغرب ومدينة مليلية بأسبانيا، سياج سبتة الحدودي هو جدار فاصل بين المغرب ومدينة سبتة بأسبانيا، خط بارليف جدار دفاعي أقامه الاحتلال الإسرائيلي لعرقلة القوات المصرية، على طول خط القناة وتم تدميره عن آخره في حرب أكتوبر المجيدة ١٩٧٣، سور الكويت، وهو سور تاريخى شيد حول مدينة الكويت والتى بنى حولها خلال تاريخها 3 أسوار، بنى سور الكويت الأول عام 1760 فى عهد الشيخ عبد الله بن صباح الصباح، أما السور الثانى فشيد عام 1814، فى حين بنى السور الثالث عام 1920 فى عهد الشيخ سالم المبارك الصباح، وكان تشييد هذه الأسوار لأغراض دفاعية بعد خوض الكويت عدداً من النزاعات الإقليمية والحروب.
** الأبواب التاريخية:
إلى جانب الأسوار، تعد أبواب المدن العربية والإسلامية القديمة من أهم المنشآت التحصينية، فقد کانت تلک الأبواب تخترق الأسوار العالية المحاطة بهذه المدن، وتعد المدخل الوحيد إلى قلب المدينة، مثل أبواب المهدية فى تونس، أبواب القاهرة التاريخية( وفتح بسور القاهرة ثمانية أبواب، بواقع بابين بكل ضلع وهي: باب الفتوح وباب النصر بالسور الشمالي، وباب البرقية وباب القراطين بالسور الشرقي، وباب زويلة وباب الفرج بالسور الجنوبي، وباب القنطرة وباب سعادة بالسور الغربي). وأبواب القدس ودمشق والکوفة وبغداد والبصرة والرباط.