من باريس إلى لندن.. كيف غيّرت سان جيرمان حياة أرتيتا ويعود اليوم ليكتب فصله الأهم

كان الهاتف في منزل عائلة أرتيتا عندما كان لاعبا يرن بإصرار على الطرف الآخر، صوت لم يكن مألوفًا بعد: «أنت قادم إلى باريس، فورًا».
كان ميكيل أرتيتا، ابن الـ18 عامًا، للتو أنهى موسمه في لا ماسيا، غارقًا في طموحاته المؤجلة لم يكن برشلونة مستعدًا بعد لاحتضانه، لكن باريس سان جيرمان كانت تنتظره. في وقت بدا وكأنه قرار عابر، لم يكن أحد يعرف أن هذه اللحظة ستغيّر مجرى حياته.
لم يكن أرتيتا يعلم شيئًا عن باريس، لا عن لغتها، ولا عن أجوائها، ولا عن خطط المدرب لويس فرنانديز الذي استقدمه معارًا من برشلونة، لكنه كان يعلم أمرًا واحدًا: أن هذه فرصته ليصبح لاعبًا حقيقيًا، لا مجرد موهبة أكاديمية.
في غرف الملابس، وجد نفسه محاطًا بنجوم مثل أوكوشا، أنيلكا، وبوكيتينو الأخير سيصبح فيما بعد قدوته التدريبية. كان ماوريسيو بمثابة الأخ الأكبر الذي يمشي إلى جانبه في ممرات “حديقة الأمراء”، يقدم له النصائح، ويترجم له لغة الحياة قبل لغة الكرة.
ظهر أرتيتا لأول مرة في الدوري الفرنسي، ثم تألق في مباراة تاريخية ضد ميلان في السان سيرو في كأس إنترتوتو، حيث قدّم تمريرة حاسمة أمام أكثر من 70 ألف متفرج.
سجّل هدفه الأول بقميص باريس في ديسمبر، ثم توالت مشاركاته حتى أصبح قطعة أساسية في وسط الميدان وسرعان ما صنفته تقارير الاسكاوت في أوروبا كأحد أفضل المواهب الشابة.
لكن القصة لم تكن فقط عن الأرقام، في باريس، نضج أرتيتا، وتعلم المعنى الحقيقي للقيادة، الانضباط، وحتى الألم، حين خسر الفريق في لحظة درامية بركلات الترجيح أمام رينجرز في نصف نهائي كأس أوروبا المصغّرة، للمفارقة الفريق الاسكتلندي نفسه، كان وجهته التالية.
رغم رغبة باريس في شراء عقده، فشل النادي في التوصل لاتفاق مع برشلونة. رحل أرتيتا في صيف 2002، لكن قلبه بقي هناك. كتب لاحقًا: “لقد غادرت باريس، لكن باريس لم تغادرني أبدًا. لقد تعلمت هناك كيف أكون رجلًا… ومدربًا.”
واليوم، بعد 22 عامًا… يعود أرتيتا إلى باريس ليس لاعبًا شابًا، بل مدربًا ناضجًا يقود آرسنال في واحدة من أهم مباريات مسيرته الأوروبية، في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا.
ويستعد آرسنال لمواجهة باريس سان جيرمان على ملعب الإمارات في لقاء الذهاب على أن تكون العودة في ملعب حديقة الأمراء، ليفصل الجانرز بقيادة أرتيتا 3 خطوات فقط لتحقيق الحلم الذي لم يحدث في تاريخ المدفعجية بتحقيق ذات الاذنين.
في مواجهة باريس سان جيرمان، النادي الذي كان منصة انطلاقه، يدخل أرتيتا المباراة وفي ذهنه شيء مختلف لم تعد المسألة فقط كرة قدم بل إنها رحلة حياة تعود لنقطة البداية، لكنها هذه المرة تحمل رهانات البطولة.
سيصطدم أرتيتا بفريق تغير كثيرًا، لكن المباراة نفسها أمام باريس سان جيرمان، والملعب ذاته في لقاء الإياب، سيذكره بالشاب الإسباني الذي كان يتعثر في نطقه للفرنسية، ويحمل دفتر ملاحظات صغيرًا في حقيبته، يدوّن فيه أسماء تمارين بوكيتينو، وملاحظات فرنانديز، وأحلامه الكبيرة.
الليلة يعود الحُلم من جديد لكن أرتيتا لم يعد يحلم فقط لقد أصبح هو صانع الأحلام لمشجعي المدفعجية، في عالم تتغير فيه الوجوه والقمصان بسرعة، تبقى القصص مثل قصة أرتيتا في باريس.
قال أرتيتا عن موقعة باريس سان جيرمان، أن فريقه لا يُعد المرشح للفوز على باريس سان جيرمان، مستندًا إلى الفارق التاريخي بين الناديين في البطولة القارية، إذ لم يسبق للمدفعجية الفوز بلقب دوري الأبطال.
وتابع قائلًا: لكن وصول فريق السيدات إلى النهائي أضاء لنا الطريق” وختم أرتيتا برسالة عاطفية إلى الجماهير: “أحضروا القمصان، هيا نلعب سويًا، نمتلك طاقة كبيرة وتفاؤلًا فريدًا، ونتطلع لخوض هذه المباراة”.