الصمت الحكومى إلى متى؟

سبق أن قلنا «ليس على ترامب حرج» بعد مطالبته بتهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن، وعندها جاء الرد قاطعاً من القيادة السياسية ومن خلفه الشعب المصرى برفض التهجير جملة وتفصيلاً، واليوم تتأكد هذه المقولة بأن الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» ليس عليه حرج بعد أن هل علينا باختراع جديد وكلام غير مقبول جملة وتفصيلاً يخالف كل الأعراف والمواثيق الدولية لهذا «التاجر» الذى يطالب بمرور بضاعته عبر الممر الملاحى لقناة السويس «ببلاش».
أثارت تصريحات «ترامب» ردود فعل المصريين على مواقع التواصل الاجتماعى، التى نالت من شخصه بالكثير من التعليقات، وأكدت أن ما قيل على لسانه مجرد «هذيان».
الأغرب أن حكومتنا الرشيدة التزمت الصمت تجاه ما قاله الرئيس الأمريكى وطالب به.
ويبدو أن حكومتنا تعمل بالمثل القديم «إذا كان الكلام من فضة ف السكوت من ذهب» ولو أن حكومتنا تقصد بهذا الصمت عدم إعطاء أى أهمية لكلام الرئيس الأمريكى، فإن هذا المثل لا ينطبق على هذا الحدث، لأنها تركت المجال للقيل والقال والتكهنات والشائعات وكان من الأفضل صدور رد رسمى من الحكومة لقطع الشك باليقين لأن قناة السويس خاضعة للسيادة المصرية الخالصة، ولا يجوز لشخص كائناً من كان أن يملى شروطه علينا أو يطالب باللامعقول واللامقبول.
إن قناة السويس أحد أهم الممرات المائية فى العالم، إذ تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط وتختصر المسافة بشكل كبير بين قارات آسيا وأوروبا.
وعلى مدار نحو 150 عاماً، لعبت القناة دوراً محورياً فى التجارة العالمية، وأصبحت أحد المصادر الأساسية للدخل القومى المصرى، حيث تدر مليارات الدولارات سنوياً من رسوم عبور السفن.
إن قناة السويس تخضع لاتفاقية حرية الملاحة لجميع السفن دون تمييز، فى السلم والحرب، ولكن بشرط دفع رسوم المرور. وهذه الرسوم تحسب بدقة وفقاً لحمولة السفينة وفئتها ونوع حمولتها.
لم تكن قناة السويس مجرد ممر مائى يربط بين بحرين، بل كانت وما زالت شرياناً حيوياً ينبض فى قلب التجارة العالمية. وبفضل موقعها الاستراتيجى الفريد، تختصر القناة آلاف الأميال البحرية، ما يوفر الوقت والتكاليف لأساطيل الشحن العالمية.
اليوم، يمر عبر القناة أكثر من 12% من حجم التجارة العالمية، بما يشمل النفط والغاز الطبيعى والحاويات العملاقة التى تغذى الأسواق العالمية بالبضائع والمنتجات.
وبينما تتغير خريطة التجارة واللوجستيات فى العالم، تبقى قناة السويس عنصراً ثابتاً ومؤثراً، ليس فقط كممر تجارى، بل كرمز لقوة القرار السيادى المصرى، وكجسر يربط بين الشرق والغرب فى زمن لا يتوقف عن الحركة.
وإذا كان ترامب لا يعرف أن حفر «قناة السويس» أفقدنا ما يقرب من 125 ألف مصري.. فعلى الحكومة المصرية إبلاغه.
وإذا كان «ترامب» لا يعرف الاتفاقيات والمواثيق الدولية التى تحكم الممر المائى، فعلى الحكومة إبلاغه.
أخيراً نقول للحكومة الصامتة: إن قناة السويس ليست مجرد مجرى مائى، بل هى معركة يومية لمكانة مصر فى العالم، وضمانة لاستمرار عجلة التجارة الدولية فى الدوران.
يا سيد ترامب.. علشان تعدى لازم تدفع، فسداد الرسوم إجبارى إجبارى وليس اختيارى