هل يقع الطلاق الشفوى دون توثيقه؟.. عالم أزهري يوضح

أشار الدكتور عطية لاشين إلى حكم الطلاق الشفوي، عبر صفحته الرسمية على موقع الفيسبوك، مبيّنًا في رسالته الخاصة بجواب على سؤال وُجه له حول وقوع الطلاق الشفوي ثلاث مرات متفرقة، حيث قال السائل إنه قيل له إن الطلقات لم تقع إلا إذا تم توثيقها كتابةً، ليطرح الدكتور لاشين حكم الشريعة الإسلامية في هذا الصدد.
حكم الطلاق في القرآن الكريم
أوضح الدكتور لاشين في بداية فتواه أن الله عز وجل قد بيّن في القرآن الكريم حكم الطلاق، حيث قال في آية الطلاق الثالثة: “فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره”، مما يشير إلى الطلاق النهائي في حالة الطلقة الثالثة. واستند الدكتور لاشين إلى الحديث الشريف: “الطلاق بالرجال، والعدة بالنساء”، وهو ما تذكره كتب السنة.
وتطرق الدكتور لاشين إلى أن الإنسان يتحمل مسؤولية كل ما ينطقه لسانه، مستشهدًا بقول الله عز وجل: “ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد”، كما ذكر حديثًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث سأل معاذ بن جبل رضي الله عنه: “أو مؤاخذونا بما نتكلم به يا رسول الله؟” فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم: “ثكلتك أمك وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخيرهم إلا حصائد ألسنتهم؟”
وبخصوص حالة السؤال، أكد الدكتور لاشين على أن أهل العلم في جميع العصور قد أجمعوا على وقوع الطلاق الشفوي، بغض النظر عن عدم وجود توثيق كتابي. وأوضح الدكتور لاشين أدلة وقوع الطلاق الشفوي كما يلي:
أولًا: قياس الطلاق الشفوي على عقد الزواج، حيث كان الزواج في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصح بمجرد النطق بصيغة الإيجاب والقبول بين الطرفين، دون الحاجة إلى توثيق رسمي أو عرفي. فإذا كان الزواج يُقبل شفويا دون الحاجة إلى وثيقة رسمية، فإن الطلاق كذلك يُعتبر صحيحًا بمجرد النطق به، باعتباره تصرفًا صادرًا عن إرادة الزوج.
ثانيًا: إذا كان دخول الشخص في الإسلام يتم بمجرد النطق بالشهادتين دون الحاجة لتوثيق رسمي، فإن الطلاق يقع بالنطق نفسه، مثلما يقال في حالة الكفر حين يخرج الشخص من الإسلام بمجرد نطق كلمة الكفر، دون الحاجة لتوثيق تلك الكلمات.
ثالثًا: أجمع أهل العلم على أن الطلاق يقع بمجرد النطق به، حتى وإن كان الشخص لم يقصد به وقوع الطلاق (مثل الطلاق الهازل).
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: “ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: النكاح والطلاق والعتاق”. إذا كان الطلاق الهازل، الذي لم يقصد به النطق الفعلي للطلاق، يقع بمجرد النطق، فيجب أن يكون الطلاق الذي ينوون فعله ويعقدون عليه النية أكثر أولى بالوقوع، وأما ما يتعلق بتوثيق الطلاق لتقليل عدد حالات الطلاق المتزايدة، فقد أشار الدكتور لاشين إلى أن ذلك ليس حلاً جذريًا للمشكلة.
بل، يجب التركيز على دراسة أسباب ظاهرة الطلاق والعمل على معالجتها على جميع الأصعدة الاقتصادية والعقدية والنفسية والاجتماعية، بعيدًا عن الحلول الظاهرة التي قد تؤدي إلى إلغاء صحة الطلاق وإضعاف الأسرة.
وفي ختام فتواه، ختم الدكتور لاشين بالقول: “ألا يعلم من خلق؟”، مستحضرًا حكمة الله عز وجل في شؤون الدين والتشريع، مؤكدًا أن الطلاق الشفوي يعتبر واقعًا في الشريعة الإسلامية بمجرد النطق به، دون الحاجة لتوثيق كتابي.