تعامد الشمس على دير الملاك بكفر الدير يعيد الكنيسة الأثرية لواجهة السياحة

تعامد الشمس على دير الملاك بكفر الدير يعيد الكنيسة الأثرية لواجهة السياحة

في مشهد فلكي فريد يعكس عبقرية العمارة المصرية الممتدة عبر العصور، شهدت كنيسة دير الملاك ميخائيل الأثرية بكفر الدير في محافظة الشرقية ظاهرة تعامد الشمس على مذبح الكنيسة، في حدث سنوي يعكس دقة التصميم المعماري المرتبط بعقيدة وإيمان المجتمع القبطي منذ قرون.

أكدت الدكتورة شذى جمال إسماعيل، أستاذ الآثار والفنون القبطية بكلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان، أن الكنيسة تمثل قيمة تراثية كبيرة، لكونها جزءًا من الامتداد التاريخي للحضارة المصرية، مشيرة إلى أن الآثار القبطية ما هي إلا امتداد للآثار المصرية القديمة، تأثرت بها وأثّرت في الفنون اللاحقة مثل الفن الإسلامي والفن الحديث المعاصر، مع احتفاظها بخصوصيتها المعمارية والفنية المتميزة.

وأوضحت في تصريح خاص للوفد أن كنيسة كفر الدير يجب أن توضع على الخريطة السياحية المصرية، لما تمتلكه من عناصر فريدة، سواء في طرازها المعماري أو ما تحويه من أيقونات وأثرية مهمة، مؤكدة على أهمية دمج زيارة الوفود السياحية القادمة إلى مصر ضمن مسار المزارات السياحية بمحافظة الشرقية، خاصة مع منطقة آثار تل بسطا، المُدرجة ضمن مسار العائلة المقدسة المدرج على قائمة التراث العالمي اللامادي لليونسكو.

وأضافت أن ظواهر مثل تعامد الشمس على مذبح الكنيسة تعزز من أهمية الكنيسة كمزار ديني وسياحي فريد، يجذب المهتمين بالتراث، وعشاق الفلك، والسياحة الروحانية من داخل مصر وخارجها، خاصة من الدول الأوروبية والولايات المتحدة.

وطالبت الدكتورة شذى بضرورة التنسيق بين الجهات المعنية مثل وزارات السياحة والآثار والتنمية المحلية والتخطيط وهيئة تنشيط السياحة، من أجل إعداد خطة ترويجية متكاملة تضع محافظة الشرقية، وكنيسة كفر الدير تحديدًا، في قلب المشهد السياحي المصري، خاصة وأن المحافظة تضم آثارًا تمثل مختلف العصور بداية من المصرية القديمة، مرورًا بالعصر اليوناني والروماني، وصولًا إلى المسيحي والإسلامي.

وكان دير الملاك ميخائيل الأثري بكفر الدير، مركز منيا القمح بمحافظة الشرقية، قد شهد اليوم الخميس الموافق الأول من مايو 2025، ظاهرة تعامد الشمس على مذبح الشهيد مارجرجس، والتي تتكرر فلكيًا في ذات اليوم، تزامنًا مع ذكرى استشهاده.

وشارك في الاحتفالية عدد من الشخصيات البارزة، بينهم الدكتورة ميرفت صليب، مدير قطاع المشروعات بوزارة السياحة والآثار سابقًا، والدكتورة شذى جمال الدين، أستاذ الآثار والفنون القبطية بكلية السياحة والفنادق جامعة حلوان، وميلاد مكاري ممثل جمعية المراسلين الأجانب، بالإضافة إلى وفود من نقابة المهندسين، وجمعية مهندسي مصر الجديدة، وجمعية محبي التراث القبطي.

وقال المهندس مجدي غبريال، مؤسس فريق الترميم التطوعي للكنيسة، إن الظاهرة تكررت 13 مرة حتى الآن، وبدأت في تمام الحادية عشرة صباحًا، حيث دخل شعاع الشمس من فتحة بالقبة وتحرك تدريجيًا ليصل إلى مركز مائدة المذبح، متعامدًا على الذبيحة «خبز القربان والكأس»، واستمر التعامد حتى انتهاء مراسم التناول. 

وأضاف أنه عقب حدوث الظاهرة تم تنظيم جولة تعريفية للضيوف تضمنت شرحًا لتاريخ الكنيسة وأيقوناتها ومقتنياتها الأثرية، مرورًا بحصن الهروب من هجمات البربر والرومان، والأسوار القديمة المزودة بفتحات دفاعية، بالإضافة إلى الباب الرئيسي التاريخي المصفح بجلد الجمل والحديد، والبئر الأثري.

من جانبه، أكد القمص ويصا حفظي، كاهن الدير، أن الاحتفال يتزامن مع ذكرى استشهاد الشهيد مارجرجس الروماني، ويشمل قداسًا خاصًا بالمناسبة، مشيرًا إلى أن ظاهرة التعامد تم رصدها لأول مرة عام 2014، ويتم توثيقها سنويًا بمتابعة من فريق من العلماء والباحثين في الفلك والهندسة والآثار.

وأضاف القمص ويصا أن الكنيسة تضم ثلاثة مذابح: الملاك ميخائيل، والقديس مارجرجس، والسيدة العذراء، وتتعامد الشمس على كل منها مرة واحدة سنويًا، في أيام الاحتفال بأعيادهم: الأول من مايو «مارجرجس، 19 يونيو «الملاك ميخائيل»، و22 أغسطس «السيدة العذراء».

وكشف أن ظاهرة التعامد اكتُشفت مصادفة أثناء أعمال الترميم، حين لاحظ تعامد الشمس على مذبح الملاك ميخائيل يوم عيده، ما دفعه لتوثيق الظاهرة والتواصل مع الدكتور مسلم شلتوت، أستاذ الفلك بالمعهد القومي للبحوث الفلكية، الذي أقر بوجود دلالة فلكية خلف الفتحات المعمارية في سقف الكنيسة.

وأكد كاهن الدير لـ”تواصل” أنه تم توثيق الظاهرة بالصور وبمساعدة أجهزة متطورة من قبل أساتذة متخصصين، بينهم الدكتور عبد الفادي بشارة والدكتور سمير نبيل، وقد استُخدمت كنموذج علمي في احتفالات “سنة الضوء العالمية” التي نظمها المعهد.

وأشار إلى أن أعمال الترميم تمت بجهود تطوعية من فريق يضم نحو 30 خبيرًا وأستاذًا جامعيًا في تخصصات متعددة شملت الفلك، الهندسة، الفنون، العمارة، والآثار القبطية والإسلامية، لإعادة الكنيسة إلى حالتها الأصلية التي بُنيت عليها في القرن الرابع الميلادي.

واعتبر القمص ويصا أن الظاهرة تمثل نموذجًا فريدًا للإبداع المعماري القبطي المستلهم من المعابد الفرعونية، التي كانت تعتمد على نفس مبدأ تعامد الشمس في تصميم قدس الأقداس.

وأضاف أن الكنيسة أنتجت فيلمًا وثائقيًا بعنوان «بين التلين»، يوثق تاريخ الكنيسة والظاهرة الفريدة، وشارك في عدة مهرجانات دولية، بينها مهرجان المصري الأمريكي للسينما والفنون بمدينتي نيويورك ونيورجسي، وفاز بالجائزة الكبرى في المهرجان من بين 2680 فيلمًا شاركوا من 86 دولة حول العالم.

يُذكر أن ظاهرة تعامد الشمس على دير الملاك ميخائيل تحدث في توقيت سنوي ثابت، ما يعكس إيمانًا عميقًا بالرمزية الدينية والفلكية، ويؤكد على عبقرية العمارة القبطية المتجذرة في أصول الحضارة المصرية القديمة.

IMG_٢٠٢٥٠٥٠١_١٤٥٠٤٨

IMG_٢٠٢٥٠٥٠١_١٤٥٠٣٦

IMG_٢٠٢٥٠٥٠١_١٤٥٠٣٦

IMG_٢٠٢٥٠٥٠١_١٤٤٩١٣

IMG_٢٠٢٥٠٥٠١_١٤٤٩١٣

IMG_٢٠٢٥٠٥٠١_١١٥٥٥٩

IMG_٢٠٢٥٠٥٠١_١١٥٥٥٩

IMG_٢٠٢٥٠٥٠١_١١٥٥٤٦

IMG_٢٠٢٥٠٥٠١_١١٥٥٤٦

IMG_٢٠٢٥٠٥٠١_١١٥٥٢٩

IMG_٢٠٢٥٠٥٠١_١١٥٥٢٩

IMG_٢٠٢٥٠٥٠١_١١٥٥٠٦

IMG_٢٠٢٥٠٥٠١_١١٥٥٠٦

IMG_٢٠٢٥٠٥٠١_١١٥٤٥٣

IMG_٢٠٢٥٠٥٠١_١١٥٤٥٣

IMG_٢٠٢٥٠٥٠١_١١٥٤٣٨

IMG_٢٠٢٥٠٥٠١_١١٥٤٣٨

IMG_٢٠٢٥٠٥٠١_١١٥٣٤٧

IMG_٢٠٢٥٠٥٠١_١١٥٣٤٧