المكسب والخسارة في اتفاق «إيران» النووي!

المكسب والخسارة في اتفاق «إيران» النووي!

لنتذكر محاولات الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن، إحياء الاتفاق النووي مع إيران، في بداية ولايته، وكان الهدف عنده، احتواء آثار انسحاب بلاده من الاتفاق، في العام 2018، غير أن جولات التفاوض «الثماني»، التي انطلقت من العاصمة النمساوية «فيينا»، في إبريل 2021، لم تحرز أي تقدم، بسبب التراجعات الأمريكية عن تعهداتها برفع العقوبات عن إيران، مقابل خفضها التخصيب «المتقدم» لليورانيوم، والذي فسر – وقتها – أنه بسبب ضغوط إسرائيلية، انتهت إلى فتور سياسي بين «تل أبيب» و«واشنطن»، تصاعد إلى شبه المقاطعة، بعد استبعاد الأمريكيين، توجيه ضربة عسكرية للبرنامج النووي الإيراني.

وما إن تولى الرئيس دونالد ترامب، رئاسته الثانية، حتى تراجع ودعا إيران إلى مفاوضات جديدة، للاتفاق حول برنامجها النووي، الذي هو نفسه، من أعلن، في شهر مايو 2018 – في ولايته الأولى – انسحاب بلاده من الاتفاق، الذي كان سلفه، الرئيس باراك أوباما وقعه، في العام 2015، بعد مفاوضات الـ «5+1»، التي هي الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا، الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، ومعهم ألمانيا من خارج المجلس، وانتهوا إلى موافقة إيران، على تفتيش وكالة الطاقة الذرية برنامجها النووي، مقابل رفع العقوبات، والاندماج في المجتمع الدولي، سياسيًّا واقتصاديًّا

ومع حالة عدم اليقين، حول التوصل لاتفاق، مع جولات التفاوض غير المباشرة، بين الجانبين الأمريكي والإيراني، التي جرت جولاتها الثلاث الأولى، ما بين العاصمتين العمانية «مسقط» والإيطالية «روما»، وما تحدث به الطرفان، بأنها كانت مفيدةً وبناءةً، ومع جدية جولة «السبت الماضي» الثالثة، يظل الكلام عن المكسب والخسارة ماثلًا لكل الأطراف، فـ«طهران» تأمل في الاحتفاظ ببرنامج للأغراض السلمية، ورفع العقوبات كاملةً، فيما تعمل «واشنطن»، على منعها من امتلاك سلاح نووي، وبينهما تبقى إسرائيل قلقةً، من أن تخسر أوراق الضغط على إيران، إذا ما انتهت المفاوضات على غير رغبتها.

إذا سلمنا بأن إيران، سوف تحصل على مكاسب، في حال الاتفاق أو عدمه، كونها تكيفت مع عقوبات لأكثر من 45 عامًا، وبالتالي لن تخسر حتى لو فشلت المفاوضات، فيما تجني المزيد من المكاسب، إذا جرى توافق حول برنامجها النووي، وخلاف ذلك، ربما تعود الولايات المتحدة للتصعيد العسكري، رغم الهواجس العميقة، حول سلامة قواتها وأمنها القومي في الشرق الأوسط، وربما ترضيةً لحليفتها إسرائيل، التي ستكون الخاسر الأكبر، حتى في حال عدم الاتفاق، أمام أولويات «ترامب» الدبلوماسية، بديلًا لأي خيار عسكري، قد يعرض الجنود الأمريكيين للخطر، في منطقة الخليج والمحيط الهندي.

وأخطر ما يزعج إسرائيل في حال الاتفاق، تبديد رواية «الخطر الإيراني»، وتراجع مكانتها السياسية والعسكرية، ما قد تعتبره «تل أبيب» خسارةً استراتيجيةً، مع مخاوفها من أن أموال العقوبات، قد تستخدمها إيران في دعم حلفائها الإقليميين، مثل «حزب الله» و«حماس»، ما يزيد التهديد الإيراني على حدودها، والخسارة المرعبة لقادة إسرائيل، لو سمح لإيران بتخصيب محدود وتفتيش دولي، يمنحها شرعيةً، تساعد «طهران» في تحسين صورتها، ويوقف الهرولة نحو علاقات مع إسرائيل، ومن ثم تجد نفسها في عزلة، تجردها من النفوذ والقوة ضد الشعب العربي الفلسطيني.. هكذا تخسر إسرائيل وتكسب إيران.

 

[email protected]