اسم الله.. نُحيِّي به بعضنا في الدنيا ويتلقانا به الله في الجنة

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن السلام ليس مجرد تحية نلقيها على بعضنا البعض، بل هو اسم من أسماء الله الحسنى وصفة من صفاته العظيمة، التي تتجلّى في أسمى صور الكمال الإلهي.
واستشهد جمعة بقول الله تعالى:{هُوَ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلاَمُ} [الحشر: 23]، مشيرًا إلى أن السلام في معناه الأسمى يشير إلى الكمال المطلق، الذي تَسلَم فيه الذات الإلهية من كل نقص وعيب، وتسمو فيه صفاته عن كل شر أو ظلم.
وأوضح أن السلام ليس فقط صفة إلهية، بل هو تحية الله لعباده في الجنة، كما جاء في قوله تعالى:{سَلاَمٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} [يس: 58]، وهي كذلك تحية الملائكة لأهل الجنة عند دخولهم، حيث يقول الحق:{وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر: 73].
وتابع فضيلته بأن الجنة نفسها سُميت “دار السلام”، مصداقًا لقوله تعالى:{وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ} [يونس: 25]، كما أن لغة أهل الجنة هي لغة السلام، لا يسمعون فيها لغوًا ولا أثيمًا، بل فقط:{قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا} [الواقعة: 26].
وأشار جمعة إلى أن الهداية إلى “سبل السلام” هي جزاء من يتبع رضوان الله، كما جاء في قوله تعالى:
{يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ} [المائدة: 16]، موضحًا أن السلام ليس فقط تحية، بل قيمة أخلاقية عليا أمر الله بها عباده أن تكون شعارًا بينهم، سواء في المعاهد أو المساجد أو حتى الأسواق.
كما نقل جمعة عن الإمام الغزالي قوله في تعريف “السلام” كاسم من أسماء الله الحسنى، حيث قال:
“هو الذي تسلم ذاته من العيب، وصفاته من النقص، وأفعاله من الشر… وكل عبد سلم قلبه من الغش والحقد والحسد، وسلمت جوارحه من الآثام، فهو الذي يأتي الله بقلب سليم.”
واختتم الدكتور علي جمعة حديثه بالتأكيد على أن السلام قيمة متكاملة تبدأ من معرفة اسم الله “السلام”، وتتجلى في علاقة العبد بربه، وبنفسه، وبالناس، وصولًا إلى نيل السلام الحقيقي في دار السلام، الجنة.