السؤال الصعب…؟ (1 2)

ظهر «ترامب» اليوم وكأنه فى عجلة من أمره، حيث إنه وخلال أشهر سعى إلى إحلال السلام فى قطاع غزة وأوكرانيا، ولكنه فشل. أكثر من ذلك بادر فى قصف اليمن، وشن حربًا تجارية عالمية فرض فيها رسومًا على الواردات. واليوم حول اهتمامه صوب إيران وطموحها النووى، والتى يعتبرها المهمة التى لم تُنجز منذ ولايته الأولى وحتى الآن. إيران نفسها تنفى أن لديها طموحًا من هذا القبيل. بيد أن دولًا أخرى تعتقد بأن إيران تريد أن تمتلك القدرة على صنع رأس نووى، وهى رغبة يخشى البعض فيما إذا تحققت أن تشعل سباق تسلح أو تقود حتى إلى حرب شاملة فى الشرق الأوسط.
الجدير بالذكر أن إيران أبرمت فى عام 2015 اتفاقًا مع الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين سُمى بخطة العمل الشاملة المشتركة. بموجب هذا الاتفاق ستحد إيران من طموحاتها النووية، وتسمح بدخول المفتشين الدوليين مقابل رفع العقوبات الاقتصادية. غير أن «ترامب» انسحب من الاتفاق بعد أن ادعى بأن الاتفاق يكافئ الإرهاب وتمويله وميليشيات إيران بالوكالة مثل حركة حماس وحزب الله، ومن ثم أعادت أمريكا فرض العقوبات من جديد على إيران. مقابل ذلك تجاهلت إيران لاحقًا بعض قيود الاتفاق وواصلت تخصيب اليورانيوم.
واليوم يخشى المحللون أن تمتلك إيران قريبًا ما يكفى من اليورانيوم للاستخدام فى صنع رأس نووى حربى. وتقدر الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب يصل إلى نسبة 60%، أى ما يكفى لصنع حوالى ست قنابل نووية إذا تم تخصيبه إلى المستوى التالى والأخير. ولهذا عمد «ترامب» إلى انتهاج سياسته السابقة المتمثلة فيما يسمى بـ(الضغط بأقصى حد) على إيران. وكان «ترامب» قد وقع فى الرابع من فبراير الماضى مذكرة تأمر وزارة الخزانة الأمريكية بفرض المزيد من العقوبات على إيران، ومعاقبة الدول التى تنتهك العقوبات الحالية وخاصة تلك التى تشترى النفط الإيرانى.
يأمل البيت الأبيض فى مواكبة هذا الضغط الاقتصادى بالدبلوماسية، ففى الشهر الماضى أرسل رسالة إلى المرشد الأعلى «آية الله على خامنئي» عرض خلالها استعداده لبدء المفاوضات والسعى للتوصل إلى اتفاق فى غضون شهرين. ولقد وافق اليوم على إجراء مناقشات مباشرة بين مسئولين أمريكيين وإيرانيين فى سلطنة عمان. ويمضى هذا بالتوازى مع التهديد الأمريكى لإيران الذى أصبح اليوم واضحًا وهو: (إما التوصل إلى اتفاق أو مواجهة عمل عسكري). وأكد «ترامب» ذلك عندما قال مؤخرًا: (إذا لم تنجح المحادثات مع إيران، فأعتقد أنها ستكون فى خطر كبير).
واليوم يبدو أن بعض صناع القرار فى طهران حريصون على التوصل إلى اتفاق فعلى قد يؤدى إلى رفع العقوبات، لا سيما أن الاقتصاد الإيرانى يمر بأزمة خانقة مع ارتفاع حاد فى التضخم، وتراجع حاد فى قيمة العملة. غير أن أى اتفاق من هذا القبيل قد ينطوى على تنازلات ربما يجد بعض المتشددين الإيرانيين صعوبة فى تقبلها. لقد عانت إيران من انتكاسات هائلة فى الأشهر الأخيرة، حيث تعرضت الميليشيات المتحالفة معها إلى تقويض شديد نتيجة الحرب مع إسرائيل، وسقوط حليفها الإقليمى السورى «بشار الأسد». ولهذا يرى البعض فى طهران أن هذا هو الوقت المناسب تمامًا لبناء رادع نووى. وللحديث بقية….