التعليم تحاصر «أولاد الأكابر» داخل أسوار الجامعات

يمثل عبئاً إضافياً على الطلاب وأسرهم فى القرى والنجوع
فى بداية الشهر الماضى، خرجت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى، لتؤكد التنسيق مع وزارة التعليم العالى بشأن عقد امتحانات الثانوية العامة 2025، فى الجامعات لمنع الغش، حيث وافقت بعض الجامعات على طلب وزارة التربية والتعليم لعقد الاختبارات فى الجامعات، ووجهت هذه الجامعات بانتهاء امتحانات نهاية العام لطلبة الجامعات قبل انطلاق امتحانات الثانوية العامة 15 يونيو المقبل، مؤكدة أن عقد امتحانات الثانوية العامة هذا العام، سوف يسهم بشكل كبير فى ضبط لجان الامتحانات والتصدى لمحاولات الغش وتصوير الأسئلة، لافتة إلى أن لجان السير بعضها سيكون فى الجامعات، وبعضها خارج الجامعات.
وأثار المقترح الذى تقدمت به وزارة التربية والتعليم جدلاً مؤخراً فى أعقاب مخاطبة المجلس الأعلى للجامعات برئاسة الدكتور مصطفى رفعت، الجامعات بضرورة الاستعداد لاستضافة امتحانات الثانوية العامة 2025، وذلك فى ظل الجهود المبذولة لضمان نزاهة العملية الامتحانية ومكافحة الغش الإلكترونى.
ووفقًا لمذكرة رسمية صادرة عن المجلس الأعلى للجامعات، تم تكليف الجامعات المصرية بالمساهمة فى تنظيم امتحانات الثانوية العامة 2025 عبر توفير القاعات والمرافق المناسبة لاستيعاب الطلاب، وذلك وفقًا للطاقة الاستيعابية لكل جامعة، مع تطبيق التدابير الأمنية والتكنولوجية لمنع محاولات الغش الإلكترونى داخل اللجان، والتنسيق مع الجهات الأمنية لضبط أى محاولات لخرق القواعد المنظمة للامتحانات. أكد الخطاب ضرورة أن تقوم الجامعات المستهدفة بتعديل جداول امتحانات طلابها، بحيث يتم الانتهاء من جميع الامتحانات بالكليات المعنية قبل موعد أقصاه 2 يونيو 2025، وذلك لضمان جاهزية المنشآت الجامعية لاستضافة امتحانات الثانوية العامة.
ومؤخرًا كشف مستند رسمى صادر من الدكتور أحمد عبدالمولى نائب رئيس جامعة أسيوط لشئون التعليم والطلاب لعمداء الكليات، عن موافقة الجامعة على المذكرة الواردة من الدكتور مصطفى رفعت، أمين المجلس الأعلى للجامعات، بشأن التكليف بمساهمة الجامعات المصرية مع وزارة التربية والتعليم فى منع الغش بامتحانات الثانوية العامة التى منها المساهمة فى أداء امتحانات الثانوية العامة للعام الدراسى 2025 بالأماكن المتاحة والطاقة الاستيعابية بالجامعات.
منع لجان ولاد الأكابر
وفى هذا الإطار تحدث الدكتور عاصم حجازى، أستاذ علم النفس التربوى المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية لدى جامعة القاهرة، قائلًا:«يُعد هذا المقترح مُقترحاً حديثاً ظهر فى الآونة الأخيرة، بهدف تنظيم فعاليات ماراثون امتحانات الثانوية العامة الذى يُحدد مصير ومستقبل الطلاب وذلك فى لجان تعقد بحرم الجامعات الحكومية بدلاً من المدارس الحكومية، فى محاولة جديدة لمواجهة ظاهرة الغش بمظاهرها المختلفة داخل وخارج لجان الامتحانات، وترجع أهمية هذا المقترح نظراً لارتفاع عدد حالات الغش المختلفة فى امتحانات الثانوية العامة التى تم عقدها خلال السنوات السابقة، ما قد يساعد فى تقليل حالات الغش إذا ما توافرت مجموعة من الضوابط والمعايير لضمان حوكمة نظام امتحانات الثانوية العامة لهذا العام.
وتابع «حجازي» أن الحكومة تبذل مجهودات كبيرة كل عام لتأمين امتحانات الثانوية العامة فى جميع مراحلها حيث يتم تأمين نقل الأسئلة إلى مقار اللجان وكذلك تأمين نقل أوراق الإجابة إلى مراكز التصحيح وكذلك تأمين دخول وخروج الطلاب والمعلمين إلى داخل اللجان وتأمين محيط اللجان أثناء انعقاد الامتحانات، كما تعتمد وزارة التربية والتعليم على تطبيق مجموعة من الإجراءات لمكافحة الغش منها التنبيه على منع اصطحاب الهواتف المحمولة السماعات والأجهزة الاليكترونية نهائياً داخل اللجان، وذلك بالنسبة للمعلمين والطلاب على حد سواء، والتفتيش الدقيق باستخدام العصا الإلكترونية، واستخدام كاميرات مراقبة دقيقة، وتوزيع أكثر من نموذج للأسئلة داخل اللجنة الواحدة يختلف كل نموذج منها عن الآخر فى ترتيب الأسئلة.
وعن تطبيق الامتحانات فى الجامعات، أكد أن هذا القرار قد يكون مفيداً فى التصدى لمشكلة اللجان، التى اصطلح على تسميتها إعلاميا بلجان أولاد الأكابر، ولكن الغش بالطرق الأخرى، يحتاج إلى إجراءات أخرى لمنعه ولن يكفى مجرد عقد الامتحانات فى الجامعات للقضاء عليه، كما أن الأضرار المادية والمعنوية المحتمل تأثر الجامعات بها نتيجة تطبيق هذا القرار ستكون أكثر بكثير جداً من إيجابياته، فضلاً عن صعوبة انتقال الطلاب فى المناطق البعيدة من وإلى اللجان وضياع الوقت فى السفر والانتقال وهو ما يؤثر على تكافؤ الفرص، ولهذا يمكن تطبيق هذا القرار جزئياً فقط فى اللجان التى حدث فيها الغش الجماعى مسبقاً وهى اللجان المعروفة بلجان أولاد الأكابر وذلك من باب ارتكاب أخف الضررين.
وتابع أن هناك عدة مميزات لهذا القرار، منه إمكانية سيطرة الأمن الإدارى على تأمين سير الامتحانات داخل وخارج لجان الثانوية العامة التى تعقد بحرم الجامعات المصرية الحكومية، واستثمار إمكانيات الجامعات المصرية وبنيتها الرقمية والتكنولوجية ومراكز الاختبارات الإلكترونية فى حوكمة نظام الامتحانات والمراقبة ومنظومة التصحيح الإلكترونى لامتحانات الثانوية وتقليل ظاهرة الغش، إلا أنه يجب وضع عدة ضوابط لتنفيذ هذا المقترح، منها وضع مجموعة من المعايير والضوابط التى تضمن نزاهة وشفافية نظام الامتحانات ولجان المراقبة بلجان الثانوية العامة سواء التى تعقد بالمدارس الحكومية أو بالجامعات المصرية بداية من إعداد الأوراق الامتحانية وصولاً بأعمال المراقبة ونهاية بمنظومة التصحيح الإلكترونى والورقى وإعلان النتائج.
ونوه بأنه يجب البدء فى تنفيذ هذا المقترح كمرحلة تجريبية بالمحافظات التى شهدت ارتفاع نسبة الغش بالسنوات السابقة قبل تعميمه على باقى محافظات الجمهورية، وضرورة مراعاة المسافات البعيدة بين القرى والنجوع التى يسكنها طلاب الثانوية العامة والجامعات الحكومية التى تعقد الامتحانات فيها بمحافظاتهم، وضرورة التنسيق بين جداول امتحانات طلاب الثانوية العامة وطلاب الجامعات، ورقمنة أسئلة امتحانات الثانوية العامة بالمراكز الإلكترونية بالجامعات المصرية وفقاً لنظام إلكترونى متقدم يعمل على منع أى وسيلة للغش أياً كان نوعها سواء داخل اللجان أو خارجها، وتوفير وسائل انتقالات للطلاب بنقاط جغرافية مركزية للوصول إلى لجان الامتحانات بالجامعات علاوة على توفير وسائل انتقالات داخل الحرم الجامعى لنقل الطلاب عند الدخول للجان والخروج منها، وقد يكون هناك صعوبة فى تطبيق هذا المقترح فى القرى والنجوع ما يمثل عبئاً إضافياً على الطلاب وأسرهم.
واختتم كلامه قائلًا: «حقيقة أن القضاء على ظاهرة الغش فى امتحانات الثانوية العامة تتطلب تضافر جهود العديد من الجهات المعنية من بينها التربية والتعليم ومؤسسات التعليم العالى وأولياء الأمور والمعلمين ووسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية ودور العبادة، والحل هو إنشاء منظومة بنوك أسئلة قوية ومتطورة وفقاً للأسس العلمية الصحيحة وتطبيق الامتحانات إلكترونياً وفى هذه الحالة لن يكون هناك تخوف من مشكلات السيستم لأنه يمكن دخول الطلاب الامتحان مقسمين إلى مجموعات على مدار اليوم لأن الامتحان فى هذه الحالة لن يكون بصورة واحدة وإنما بصور ونماذج متعددة مختلفة فى محتوى الأسئلة ومتفقه فى مستوى السهولة والصعوبة ولذلك يمكن تقسيم الطلاب إلى مجموعات وتقوم كل مجموعة بأداء الامتحان ثم تخرج وتدخل المجموعة الثانية وهكذا كما هى الحال فى امتحانات التحول الرقمى وغيرها من الامتحانات الالكترونية وعدم وجود عنصر بشرى فى هذه الاختيارات يضمن قدرا كبيرا من الدقة والموضوعية كما أن عملية التصحيح تنتهى بانتهاء الامتحان وبالتالى فإنه يوفر الوقت والجهد المستغرق فى التصحيح أيضًا.