“سوهاج.. الهوية والاستدامة”.. قصور الثقافة تفتتح ملتقى المأثورات الشعبية الثالث

شهدت مكتبة القاهرة الكبرى بالزمالك، اليوم الثلاثاء، انطلاق فعاليات الملتقى الثالث لأطلس المأثورات الشعبية تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، وتنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، بعنوان “سوهاج.. الهوية والاستدامة”، ضمن برامج وزارة الثقافة الرامية إلى الحفاظ على الهوية ودعم التنمية المستدامة.

ينفذ الملتقى بإشراف الكاتب محمد عبد الحافظ ناصف نائب رئيس الهيئة، واستهلت الفعاليات بجولة تفقدية للدكتورة حنان موسى، رئيس الإدارة المركزية للدراسات والبحوث، لمعرض الفنون المصاحب، الذي ضم معروضات متنوعة شملت الأرابيسك والمشغولات النحاسية ومنتجات الحصير، إضافة إلى أعمال فنية توثق رحلة العائلة المقدسة، ورافقها في الجولة كل من الدكتورة شيماء الصعيدي، مدير عام إدارة أطلس المأثورات الشعبية، وفاطمة سامي، مدير إدارة الإصدارات والخرائط، إلى جانب نخبة من الباحثين وأساتذة الجامعات المشاركين بالملتقى والمعنيين بالشأن الثقافي والتراثي.
بدأت الجلسات الافتتاحية للملتقى بالسلام الوطني، أعقبه الوقوف دقيقة حدادا على أرواح شهداء غزة، ثم ألقت الدكتورة حنان موسى كلمة افتتاحية أكدت خلالها أهمية انعقاد هذا الملتقى في ظل توقيت بالغ الحساسية، مشيدة باهتمام فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي بقضية الحفاظ على الهوية والتراث من خلال التنمية المستدامة.
ورحبت موسى بالحضور وخبراء التراث، معبرة عن تقديرها لجهود إدارة أطلس المأثورات الشعبية، وخصت بالشكر الدكتورة شيماء الصعيدي على ما بذلته من جهود كبيرة لإقامة الملتقى، كما شكرت مكتبة القاهرة على تعاونها في استضافة الملتقى، مؤكدة أن الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة يولي اهتماما كبيرا بالتراث، إلى جانب دعم اللواء خالد اللبان، رئيس الهيئة، والمتابعة الدقيقة من الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة.
من جهته، تقدم الكاتب شهاب عماشة بالشكر للإدارة المركزية للدراسات والبحوث على تنظيم الفعالية وسط ظروف صعبة، مؤكدا أن الأمر تطلب جهودا كبيرة ونجح فريق الأطلس في تجاوزها.
وأكدت الدكتورة شيماء الصعيدي أن الملتقى يقام تزامنا مع العيد القومي لمحافظة سوهاج، ويعد مناسبة قومية لتوثيق التراث غير المادي، مشيرة إلى أن التراث هو إرث إنساني عالمي، وحفظه هو المهمة الأساسية لأطلس المأثورات الشعبية.
وانعقدت الجلسة البحثية الأولى من فعاليات ملتقى سوهاج “الهوية والاستدامة”، وأدارتها الدكتورة حنان موسى، وجاءت الجلسة عنوان “الهوية في المأثور الشعبي المصري”، وشهدت تقديم مجموعة من الأبحاث التي تناولت جوانب متعددة من التراث والهوية الثقافية المصرية، من زوايا فنية، وتنموية.
استهلت الجلسة ببحث قدمته الدكتورة سلوى محمد هاني، تناولت فيه “الإبداع الفني للأزياء وفلسفتها في العقل الإنساني”، وأكدت من خلاله أن الأزياء جزء حيوي من التراث الشعبي، وأن الحفاظ عليها وتوثيقها أمر بالغ الأهمية.
واستعرضت الباحثة تفصيلا الأزياء التقليدية للرجال والنساء في الريف والصعيد، كما تحدثت عن زي المرأة، مؤكدة أن تصميمات الأزياء تتباين حسب السن والفترة الزمنية والنوع، وفي هذا السياق، طلبت د. حنان موسى التوسع في الحديث عن زي محافظة سوهاج ومنتجات مدينة أخميم.
وقدمت الدكتورة أسماء علي صادق بحثا تناول “الدلالات الرمزية في المسيحية ودورها في الحفاظ على الهوية القبطية”، مشيرة إلى أن الرموز المسيحية تمثل تجسيدا لحياة السيد المسيح، وتعد مفاتيح لفهم السياقات التاريخية المختلفة. أوضحت الباحثة أن كل عصر يحمل رموزه التي تعد شواهد ثقافية وروحية، واستعرضت عددا من الرموز المستخدمة في الفن القبطي.
كما سلطت الضوء على دلالات الألوان، وتطور العناصر الرمزية، والزخارف النباتية المتنوعة كالرمان والعنب وسعف النخيل وسلة الفاكهة، مؤكدة أن هذه الرموز تعكس ثقافة الشعب وتحمل دلالات لاهوتية وفلسفية عميقة.
كما قدمت الباحثة نورهان فوزي ورقة بحثية ألقت فيها الضوء على جهود جمعية الصعيد للتربية والتنمية المستدامة، موضحة أن الجمعية تمتلك معرضا دائما، وتسهم في برامج تنموية تخدم رؤية مصر 2030، خاصة في مجالات الصحة، التعليم، المهارات، والحفاظ على التراث الثقافي غير المادي.
أبرزت الباحثة دور الجمعية في دعم الفتيات والسيدات من خلال برامج تدريبية على الحرف التراثية، والمشاركة في فريق التحطيب تحت رعاية اليونسكو، ومشروع مركز أخميم الذي انطلق في الستينيات لدعم المرأة اقتصاديا وثقافيا، كما أشارت إلى تكريم الجمعية من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال معرض “تراثنا” عام 2019، واستلام مديرة المشروع درع التكريم، وشددت على ضرورة توفر ثلاثة أركان لنجاح التنمية: الشراكة بين الدولة والمجتمع، التكامل القومي، والتنمية الشاملة التي تراعي خصوصية الثقافة المحلية وتربطها بالهوية القومية.
وفي ختام الجلسة، عبرت الباحثة نهاد حلمي من جامعة سوهاج، عن تقديرها للأبحاث المقدمة، ولفتت إلى برامج جمعية الصعيد التنموية، كما تحدثت عن مركز الخدمة الاجتماعية المعني بالأرامل، ودور الراهبات في تشغيله، إضافة إلى خصوصية الأزياء التراثية في قرية شندويل ودير الأنبا شنوده.
كما شاركت أسماء جابر من وزارة الثقافة، منتدبة بكلية الفنون الجميلة، حيث تناولت أهمية الفن القبطي كامتداد للفن المصري القديم، وأكدت على استمرارية الرموز والعناصر البصرية، ما يعكس تميز الحضارة المصرية وتفردها، معربة عن سعادتها بثراء الطرح البحثي في الجلسة.
واختتمت الجلسة بالتأكيد على متابعتها لجهود جمعية الصعيد ومبادراتها، وشددت على أهمية توثيق الرموز والموتيفات البصرية منذ الحضارة المصرية القديمة، لإخراج أجيال جديدة واعية بقيمة التراث المصري وحريصة على الحفاظ عليه.
ينفذ الملتقى من خلال الإدارة العامة لأطلس المأثورات الشعبية المصرية التابعة للإدارة المركزية للدراسات والبحوث ويشارك فيه نخبة من الباحثين والأكاديميين والمهتمين بالتراث الشعبي، ويصاحبه ورش فنية وحرفية تقام على مدار فترة انعقاده، بهدف توثيق وحماية الموروث الثقافي المصري.



