كيف يعزز الإسلام السلام الاجتماعي ويكافح الظلم؟

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية الأسبق، وعضو هيئة كبار العلماء أن الدين الإسلامي اهتم بالسلام الاجتماعي بشكل كبير، وجعل من أساسيات الشريعة الحنيفة، لارتباطه الوثيق بالمنفعة العامة للأمة الإسلامية وصلاح الفرد والجماعة، فالسلام الاجتماعي يعد من الركائز الأساسية لتحقيق الاستقرار في المجتمع الإسلامي، ويعتمد على مبادئ أساسية تضمن العيش بسلام وتعاون بين الأفراد.
نبذ الظلم: أحد أسس السلام الاجتماعي
وتابع جمعة، أنه من أول وأهم المبادئ التي أكد عليها الإسلام لتحقيق السلام الاجتماعي هو نبذ الظلم والاعتداء على الآخرين.
فقد ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تحرم الظلم وتؤكد على أن الله سبحانه وتعالى لا يحب الظالمين. ومن هذه الآيات: “وَاللهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ” [آل عمران:57]، و**”إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ”** [المائدة:51]، و**”وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ”** [المائدة:87].
حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن الظلم وعواقبه
وأضاف: من الأحاديث الهامة التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا السياق، قال: «اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة» (رواه مسلم). هذا الحديث يوضح عواقب الظلم في الدنيا والآخرة، حيث يؤدي الظلم إلى سفك الدماء وزعزعة الأمن في المجتمع، بينما في الآخرة يتسبب في العذاب والظلمات. الإسلام لا يتحقق إلا في ظل العدالة بين الناس ومع النفس، حيث يتطلب الأمر التسامح والعطاء لإرساء قيم السلام.
عدم تتبع عورات الآخرين: أحد معايير السلام الاجتماعي
ووضح: من المبادئ الأخرى التي يسعى الإسلام لترسيخها لتحقيق السلام الاجتماعي هو عدم تتبع عورات الآخرين. فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه: “يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم” (رواه الترمذي). ويؤكد الحديث على ضرورة احترام خصوصيات الآخرين، وتحذر الشريعة من تتبع عورات الناس، حيث يتوعد من يفعل ذلك بالعقاب الإلهي: “من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته”.
القرآن الكريم وتحذيراته من التجسس
وأضاف جمعة أن هذه المبادئ أيضًا تطابقًا مع ما ورد في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى: “وَلَا تَجَسَّسُوا” [الحجرات:12]، وهذا التحذير من التجسس يشمل عدم التدخل في خصوصيات الآخرين، ويعتبر من أهم أسباب السلام الاجتماعي بين أفراد المجتمع.
التأثير التربوي للحديث النبوي
استخدم النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه هذا الصوت كأداة تربوية فعّالة للتأثير في مستمعيه، محذرًا إياهم من عواقب تتبع عورات الآخرين. من خلال هذه النصائح، يُشجع المسلمون على التراحم والتعاون فيما بينهم، ويُحفَّزون على تجنب الأفعال التي تضر بالمجتمع وتؤدي إلى فقدان الثقة بين الأفراد.
السلام الاجتماعي بين العدالة والتسامح
في الختام، يمكن القول أن السلام الاجتماعي في الإسلام ليس مجرد غياب الصراع بين الناس، بل هو نظام متكامل يستند إلى العدالة والمساواة. يهدف الإسلام إلى بناء مجتمع متسامح يتعاون فيه الأفراد على تحقيق الخير العام. من خلال تعزيز القيم الإنسانية، مثل احترام حقوق الآخرين، وإقامة العدالة، وتجنب الظلم والتعدي، يعمل الإسلام على ضمان الاستقرار والأمان في المجتمع.