“العربية لحقوق الإنسان”: 2.2 مليون فلسطيني في غزة يواجهون الموت جوعًا

“العربية لحقوق الإنسان”: 2.2 مليون فلسطيني في غزة يواجهون الموت جوعًا

أكدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان أن الموت أصبح يُخيم على قطاع غزة، حيث يواجه 2.2 مليون فلسطيني في قطاع غزة المحتل خطر الموت جوعًا بعد مرور 65 يومًا من قرار الاحتلال الإسرائيلي وقف تدفق المساعدات الإنسانية في 2 مارس الماضي، بما يشمله ذلك من وقف تدفق الغذاء والدواء والطاقة ومياه الشرب.

أسباب متنوعة للموت أولها جرائم القتل الجماعي

وأشارت المنظمة في تقرير لها، أنه في أعقاب خرق الاحتلال الإسرائيلي لاتفاق وقف إطلاق النار في 18 مارس الماضي، قُتل أكثر من 2400 فلسطيني خلال آخر 50 يومًا ليرتفع عدد القتلى المؤكد منذ 7 أكتوبر 2023 إلى قرابة 52 ألف و500 قتيل مؤكد.

 

كما بلغ عدد الجرحى خلال آخر 50 يوماً إلى أكثر من 6400 جريح ليرتفع عدد الجرحى منذ 7 أكتوبر 2023 إلى قرابة 118 ألف و400 جريح.

ويبقى عدد الضحايا مرشحًا للزيادة في ظل صعوبات حصر الأعداد، وتوقف جهود إخراج الجثامين من تحت الأنقاض في ظل القصف المستمر واستهداف معدات رفع الأنقاض.

جرائم القتل جوعًا ومرضًا:

كما أنه لا تتوافر مقومات حصر أعداد القتلى نتيجة الجوع وسوء التغذية ونقص الأدوية الضرورية لأصحاب الأمراض المزمنة، وخاصة مرضى السرطان والكُلى والأطفال حديثي الولادة والنساء الحوامل والمرضعات.

وتقدر المصادر المستقلة والأممية عدد القتلى من الأطفال بقرابة 20 ألفًا، وعدد الجرحى من الأطفال بنحو 25 ألفاً، ولا يشمل هذا الرقم الأطفال من أصحاب الأمراض الخطيرة والأطفال حديثي الولادة الذين قضوا في ظل الافتقاد للرعاية الصحية.

واستهدفت جرائم الاحتلال المشافي والمراكز الطبية الصغيرة وحتى العيادات الطبية، ومن أبرزها قصف المستشفى الأهلي العربي (المعمداني)، وعيادة واحدة باقية في منطقة جباليا شمالي القطاع، أخذاً في الاعتبار أن عدوان الاحتلال تسبب في انهيار البنية التحتية الطبية في القطاع باستهداف الـ35 مشفى الموجودة و65 مركزاً وعيادة طبية منذ 7 أكتوبر/تشرين أول 2023.

 

ولفتت المنظمة إلى أن الاحتلال استهدف أماكن تخزين ما تبقى من مساعدات، وعدداً من المخابز القليلة التي توفر الخبز للمحتاجين، وإعلان برنامج الغذاء العالمي توقف المخابز الـ25 التي كان يوفرها بعد النفاذ التام لمخزون الدقيق، وخلال الأسبوعين الماضيين تم استهداف “التكيات” التي توفر قليلاً من الغذاء في بعض المناطق.

وأكملت: يضاف إلى ذلك الافتقاد شبه التام لمياه الشرب النظيفة، وخاصة مع انتهاء الوقود، وتفشي أمراض سوء التغذية جنبًا إلى جنب مع أوامر الإخلاء التي دفعت إلى موجات نزوح جديدة لم تجد مكاناً بعيداً عن أوضاع صحية كارثية في مناطق تفتقد لخدمات الصرف الصحي، وقيام قوات الاحتلال بتفجير وتدمير ما تبقى من مجمعات سكنية تم إخلائها على نحو ما شهدته بلدات رفح جنوبي القطاع.

جرائم استهداف العاملين الإنسانيين:

وأشارت المنظمة إلى أن قوات الاحتلال لم تتورع عن استهداف العاملين الإنسانيين، بما في ذلك مقار تابعة للأمم المتحدة والتي أدت إلى مقتل موظف دولي في 19 مارس الماضي وإصابة 4 آخرين بينهم موظفان تم بتر أطرافهم لإنقاذ حياتهم.

وبلغ استهداف العاملين الإنسانيين ذروته في رفح جنوبي القطاع في 23 مارس الماضين حيث استهدفت قوات الاحتلال عربات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني والدفاع المدني، وقامت بالقتل العمد لـ14 من الطواقم، بما في ذلك المصابين الذين كانوا لا يزالون على قيد الحياة، ودفنهم بشكل جماعي لإخفاء معالم الجريمة التي لم تظهر سوى في 4 أبريل الماضي.

ومنذ بدء العداون في 7 أكتوبر 2023، سقط نحو 390 من طواقم الأمم المتحدة، كما سقط نحو 360 من العاملين الإنسانيين في منظمات محلية ودولية في عموم القطاع، خلال قيام أغلبهم بجهودهم في الإنقاذ أو توفير الدعم، كما قُتِل 7 من طواقم “المطبخ المركزي العالمي”.

قتل الصحفيين:

وأفادت المنظمة أن المصادر سجلت مقتل 255 من الصحفيين والعاملين الإعلاميين، فضلاً عن إصابة قرابة 410 آخرين منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر 2023، وثبت في العديد من الوقائع أن الجرائم كانت مقصودة لمعاقبة الإعلاميين على أداء مهامهم، بما في ذلك استهداف خيمة الصحفيين في مطاع أبريل/نيسان الماضي، واستهداف عائلة الصحفي “وائل الدحدوح” العام الماضي.

عجز دولي مخزي:

ووثقت تقارير الآليات الدولية لحقوق الإنسان ما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي من انتهاكات جسيمة ومنهجية لحقوق الإنسان وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في عموم الأراضي الفلسطينية، وجريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة بشكل خاص.

وكانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان قد أكدت في 14 أكتوبر 2023 أن ما يجري في قطاع غزة هو جريمة “إبادة جماعية” دون مواربة، وأن أركانها قد اكتملت.

ورغم قرار محكمة العدل الدولية في 26 يناير 2024 بقبول النظر في دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، فقد ترددت كثير من الأطراف الأممية والدولية في تبني هذا الاتهام، ولكن العديد منها ما لبث وأن تبنى هذا الاتهام، وخاصة لجنة التحقيق التابعة لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة التي وصفت في تقريرها الصادر في 13 مارس أن جرائم العنف الجنسي واستهداف خدمات الصحة الإنجابية وقعت بشكل ممنهج لحرمان الفلسطينيين من حقهم في تقرير المصير، وكجزء من منهجية لارتكاب الإبادة الجماعية بحق السكان.

غير أن ذلك لم يشكل حافزاً حتى الآن لامتثال دولي لاتخاذ
التدابير التي يقتضيها القانون الدولي، وفي مقدمتها:

-فشل مجلس الأمن في الاضطلاع بمسئولياته وفرض السلم والأمن الدوليين

-استمرار تدفق الأسلحة الفتاكة إلى سلطات الاحتلال وخاصة الأسلحة التي تستخدمها على نطاق واسع في قطاع غزة المحتل.

-استمرار عضوية فاعلة ونشطة لدولة الاحتلال في الأمم المتحدة بالرغم من ازدرائها دور المنظمة الدولية واعتداءاتها المثبتة بحق منظمات الأمم المتحدة العاملة في قطاع غزة وعموم الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1967، وفي مقدمتها وكالة الأونروا التي تم منعها من ممارسة أنشطتها الموكلة إليها بموجب تفويض دولي.

-فشل دول أطراف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في الامتثال لقرارات توقيف القادة الإسرائيليين المتهمين.

-فشل مؤتمر الدول الأطراف السامية في اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949 في الانعقاد في 7 مارس/آذار الماضي للتصدي للخروقات الجسيمة التي تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي ارتكابها.

-فشل الاتحاد الأوروبي في التحرك بموجب اتفاقية الشراكة مع الاحتلال الإسرائيلي لمعاقبته على جرائمه وفرض حد لها.

-فشل الدول الأطراف في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية المعاقبة عليها في الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاقية في فرض تدابير أحادية لمعاقبة مرتكب الجريمة وإجباره على التوقف عن مواصلتها.

وتؤكد المنظمة مجددًا على أهمية التحرك العربي في دفع المجتمع الدولي لتحمل مسئولياته، بما في ذلك عقد اجتماع جديد للدورة العاشرة الطارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة لتعويض فشل مجلس الأمن الدولي، ومخاطبة الفشل في تنفيذ قرار الجمعية بدعوة الدول الأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقية جنيف الرابعة، وكذا الانضمام إلى جنوب أفريقيا في دعواها أمام محكمة العدل الدولية، وتوفير الدعم اللوجستي للمحكمة الجنائية الدولية في النهوض بتحقيقاتها وتجاوز الحصار المالي المفروض عليها.