قوانينُ انتخاباتِ المحلياتِ والبرلمانِ.. إلى أينَ؟!

قوانينُ انتخاباتِ المحلياتِ والبرلمانِ.. إلى أينَ؟!

تستعدُّ الأحزابُ والقوى السياسيةُ في مصرَ من الآنَ للانتخاباتِ البرلمانيةِ القادمةِ لمجلسي النوابِ والشيوخِ عبرَ عقدِ العديدِ من الاجتماعاتِ واللقاءاتِ التنظيميةِ لوضعِ آلياتٍ لاختيارِ المرشحينَ المحتملينَ لخوضِ الانتخاباتِ، سواءٌ عبرَ نظامِ القائمةِ أو النظامِ الفرديِّ.
والحقيقةُ أنَّهُ حتى الآنَ لم يكنْ هناكَ أيُّ تأكيدٍ بشأنِ النظامِ الانتخابيِّ وتقسيمِ الدوائرِ الانتخابيةِ بالرغمِ من حتميةِ إجراءِ الانتخاباتِ خلالَ الأشهرِ القليلةِ القادمةِ، في ظلِّ تصريحاتٍ هنا وهناك عن صدورِ قانونٍ جديدٍ من عدمِهِ خلالَ الفترةِ القادمةِ.
والغريبُ في الأمرِ أنَّ مصرَ التي عرفتِ الحياةَ النيابيةَ قبلَ غيرِها من الكثيرينَ تشهدُ الآنَ عدمَ وضوحِ الرؤيةِ الكاملةِ لهذا الاستحقاقِ الانتخابيِّ، وكأنَّ هناكَ إرادةً واضحةً لضبابيةِ المشهدِ، في الوقتِ الذي يجبُ أنْ نسألَ فيهِ أعضاءَ وقياداتِ البرلمانِ الحاليِّ عن أسبابِ التأخيرِ في هذا الصددِ حتى هذهِ اللحظةِ!.
وهل يُعقلُ أنْ يظلَّ الناخبُ المصريُّ، ومن لديهِ رغبةٌ في الترشحِ أو خوضِ الانتخاباتِ لا يعرفُ موقعَهُ الانتخابيَّ، ونظامَ الانتخاباتِ في ظلِّ الفترةِ القليلةِ المتبقيةِ على هذا الاستحقاقِ الذي يجبُ أنْ ينتهيَ قبلَ نهايةِ العامِ الحاليِّ، مما يعني الدعوةَ للتباطؤِ، بل عدمَ التفاعلِ في العملِ العامِّ بسببِ ذلكَ لأنَّ كلَّ شخصٍ لديهِ حساباتُهُ الخاصةُ بشأنِ انتظارِ القانونِ لحسمِ موقفِهِ؟!.
والمؤكدُ أنَّ حالةَ الحراكِ السياسيِّ تبدأُ بانخراطِ الشبابِ في العملِ العامِّ عبرَ المشاركةِ والانضمامِ للأحزابِ المشروعةِ أو بشكلٍ مستقلٍّ من أجلِ خوضِ انتخاباتِ المحلياتِ أو انتخاباتِ البرلمانِ، أو العملِ النقابيِّ، وكلُّ هذهِ الفعالياتِ التي تحتاجُ إلى بناءٍ تنظيميٍّ يصعدُ من العزبةِ والقريةِ إلى المركزِ والمحافظةِ.
والسؤالُ الأهمُّ في هذا الصددِ، هو كيفَ نطالبُ ملايينَ الشعبِ المصريِّ بحتميةِ إدراكِ المخاطرِ والتحدياتِ التي تواجهُها الدولةُ المصريةُ على مختلفِ الأصعدةِ، وحدودِها الملتهبةِ على طولِ الخطِّ، مما يعني الفهمَ للسياسةِ الخارجيةِ في العالمِ أجمعِ، في حينِ أنَّ الداخلَ بهِ معوقاتٌ تقفُ أمامَ العملِ السياسيِّ الداخليِّ الذي يبدأُ بالمحلياتِ والبرلمانِ؟!.
إنَّ استمرارَ عدمِ وجودِ إجراءِ انتخاباتِ المحلياتِ منذُ ثورةِ 25 يناير 2011 حتى الآنَ، والإصرارَ على عدمِ وجودِ قانونٍ ثابتٍ لتقسيمِ الدوائرِ الانتخابيةِ ومعرفةِ كيفيةِ إجراءِ الانتخاباتِ لأبناءِ الدوائرِ للتحركِ نحو العملِ العامِّ قبلَ الانتخاباتِ بسنواتٍ، يُنذرُ بعواقبَ وخيمةٍ داخلَ فئةِ الشبابِ تحديدًا الذينَ يملكونَ الحلمَ والجرأةَ نحو بناءِ وطنٍ يليقُ بنا جميعًا.
ومن غيرِ المقبولِ الانتظارُ طويلًا لصدورِ قوانينِ الانتخاباتِ المحليةِ والبرلمانيةِ، ومن يطالبُ الشعبَ بفهمِ السياسةِ الخارجيةِ عليهِ أنْ يُحركَ المياهَ الراكدةَ في الحياةِ السياسيةِ المصريةِ بهذهِ القوانينِ، وسرعةِ إصدارِها للاستعدادِ لها للمشاركةِ بجديةٍ في الانتقالِ بمصرِ الثورةِ إلى مصرِ الدولةِ التي نريدُها.
خلاصةُ القولِ، إنَّ مصرَ تحتاجُ الكثيرَ من تفاعلِ رجالِها وشبابِها وجهودِهم المخلصةِ نحو العملِ العامِّ البناءِ، سواءٌ بالتأييدِ المحسوبِ، أو المعارضةِ البناءةِ للسياساتِ العامةِ للدولةِ، وهذا لنْ يأتيَ في ظلِّ تغيرٍ وتبدلِ قوانينِ الانتخاباتِ بينَ حينٍ وآخرَ، وتأخرِ صدورِها، الأمرُ الذي يقتلُ الحلمَ في المهدِ، لأنَّهُ ببساطةٍ لا يعرفُ أحدٌ من أينَ يبدأُ، وإلى أينَ ينتهي بهِ المطافُ في الدوائرِ الانتخابيةِ!.. حفظَ اللهُ مصرَ وشعبَها وجيشَها من كلِّ سوءٍ، وللحديثِ بقيةٌ إنْ شاءَ اللهُ.