معارك الأمن السيبرانى

المهارات أهم من كل الشهادات وفى زمن الرقمنة والذكاء الاصطناعى تصبح أكثر المهارات طلباً فى العالم مهارة التعامل بقوة ودقة عالية فى معركة الأمن السيبرانى التى لم تعد خيارًا، بل ضرورة وجودية فى ظل التطور التكنولوجى الرهيب وقدرات الهاكرز وآخر الإحصائيات تشير إلى حاجة العالم إلى أكثر من 3 ملايين وظيفة فى مجال الأمن السيبرانى ومصر لديها القدرة التنافسية على أن تخوضها بسلاح الكفاءات والتحالفات الذكية، خاصة بعد أن أصبح الأمن السيبرانى اليوم مرادفًا لحماية السيادة الوطنية، ليس فقط لمؤسسات الدولة الحيوية، بل أيضًا لحياة المواطنين اليومية، فى ظل الاعتماد المتزايد على الخدمات الرقمية والمعاملات الإلكترونية، ومن هنا تأتى جهود وزارة الاتصالات المصرية لتعكس إدراكًا عميقًا بأن المعركة على الأمن الرقمى لا تحتمل التأجيل أو التردد.
وفى كلمته فى افتتاح الدورة السابعة لقمة FDC Summit، أطلق الدكتور طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات رسالة واضحة مفادها أن التهديدات السيبرانية لا تعرف حدودًا، والتعاون العربى والأفريقى أصبح ضرورة لا ترفًا، إن هذه الرؤية تدفع نحو شراكات استراتيجية عابرة للحدود، تجمع بين الحكومات، والقطاع الخاص، والمراكز الأكاديمية، فى جبهة موحدة لحماية مستقبل المجتمعات الرقمية.
وفى سبيل تحقيق هذه الأهداف، وضعت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات خطة طموحة لبناء قدرات بشرية قادرة على التصدى للتحديات المستقبلية، فتوسيع برامج التدريب المتخصص فى الأمن السيبرانى لم يعد خيارًا، بل هو استثمار استراتيجى فى أجيال قادرة على حماية البنية الرقمية للدولة، لقد أدركت مصر مبكرًا أن امتلاك التكنولوجيا لا يكفى، بل يجب امتلاك أدوات الدفاع عنها وفهم مخاطرها الكامنة.
ولعل اللقاءات الثنائية التى أجراها الوزير على هامش القمة، سواء مع ممثلى الشركات البريطانية أو مع قيادات كبرى الشركات العالمية مثل كاسبرسكى، تؤكد أن مصر تسعى ليس فقط لاستيراد التكنولوجيا، بل لبناء منظومة محلية متكاملة للأمن السيبرانى، تقوم على البحث والتطوير، وتستفيد من خبرات الشركات العالمية مع الحفاظ على خصوصيتها الوطنية.
إن الرهان الحقيقى فى معركة الأمن السيبرانى لا يكمن فقط فى تطوير الأنظمة الدفاعية، بل فى خلق بيئة رقمية واعية، تدرك فيها كل مؤسسة وكل مواطن مسئوليته عن حماية الفضاء الرقمى، وهنا تظهر أهمية مبادرات رفع الوعى المجتمعى التى تتبناها وزارة الاتصالات، لتعزيز الثقافة الرقمية وتحويل الأمن السيبرانى إلى جزء من السلوك اليومى.
والحقيقة أن مصر اليوم تبنى ركيزة أساسية لأمنها القومى الجديد: أمن الفضاء الرقمى، وبفضل القيادة الواعية للدكتور عمرو طلعت وفريقه، تبدو البلاد فى موقع جيد ليس فقط للدفاع عن سيادتها الرقمية، بل أيضًا لتكون مركزًا إقليميًا فى مجال الأمن السيبرانى، بما يليق بمكانتها الإقليمية والدولية.