إسرائيل تواصل العدوان.. وترامب يفشل فى تعهداته بوقف الحرب

انهارت رهانات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على تحقيق اختراق فى حرب غزة، مع استعداد إسرائيل لتصعيد واسع النطاق، بعد نحو شهر من تصريحات ترامب المتفائلة بوقف وشيك للحرب، تزامنا مع جولة مرتقبة له فى الشرق الأوسط تشمل السعودية وقطر والإمارات حسب ما أعلن أول أمس عن موعدها الإسبوع المقبل، فيجد الرئيس الأمريكى نفسه أمام معادلة معقدة إما الرضوخ للنهج العسكرى الإسرائيلى أو التدخل لوقف حملة قد تقوّض وعوده الانتخابية.
مع أوائل إبريل وبينما كان يستضيف رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى البيت الأبيض، واجهه أحد المراسلين بسؤال مباشر عن تعهده خلال حملته الانتخابية لعام 2024 بإنهاء الحرب فى غزة، أجاب ترامب: «أتمنى أن تتوقف الحرب، وأعتقد أنها ستتوقف فى وقت قريب». لكن التطورات الأخيرة قلبت هذه الآمال رأسًا على عقب.
وفى الخامس من مايو، حذّر نتنياهو من تصعيد «مكثف» فى القطاع، وأقرّت حكومته الأمنية استدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط لتنفيذ هجوم برى جديد، ويؤكد المتشددون فى حكومته أن القوة وحدها قادرة على إجبار حركة حماس على إطلاق سراح أكثر من عشرين رهينة.
وبحسب تحليل نيويورك تايمز الأمريكية، أكد إيلان جولدنبرج، الخبير فى شئون الشرق الأوسط فى إدارتى أوباما وبايدن، أن ترامب أعطى الإسرائيليين الضوء الأخضر لفعل ما يحلو لهم بعد انهيار وقف إطلاق النار، وأضاف: «أشعر أنه ليس متورطًا فى الأمر، لقد شعر بالملل نوعًا ما».
وقد أتاح انشغال إدارة ترامب فى الأسابيع الماضية الفرصة لنتنياهو للمضى قدمًا من دون عوائق أمريكية، وقال المحلل مايكل ماكوفسكى، رئيس المعهد اليهودى للأمن القومى، إن الفرق شاسع بين تعامل إدارة بايدن وإدارة ترامب مع الملف: «الأمر أشبه بالليل والنهار.. إدارة بايدن كانت تحاول التحكم فى تفاصيل عمليات إسرائيل، أما إدارة ترامب فلا تمارس أى ضغط».
وبينما تستعد إسرائيل لهجوم برى جديد قد يبدأ بعد عودة ترامب من جولته الشرق أوسطية، أفاد موقع «أكسيوس» أن العملية ستنفذ ما لم يتم التوصل إلى اتفاق مع حماس. ونقل ماكوفسكى عن مصادر إسرائيلية أن هذا التوجه يتطابق مع ما يجرى بحثه داخل الحكومة الإسرائيلية.
من جهته، عبر ترامب عن قلقه بشأن الوضع الإنسانى، وقال أول أمس إنه سيساعد سكان غزة على الحصول على بعض الطعام، إلا أن اهتمامه بدا متقطعًا، فيما أبدى تساهلًا مع الدعوات الإسرائيلية لضربات ساحقة على القطاع. وكان ترامب قد حذر فى مارس الماضى حماس من أن «الجحيم سيشتعل» إذا لم تفرج عن الرهائن.
ويشير هذا التحول فى الموقف الأمريكى إلى تراجع الأولوية التى تحتلها غزة فى أجندة الإدارة الجديدة، ففى بداية عهده، كانت جهود المبعوث الخاص ستيف ويتكوف مركزة على غزة، خاصة بعد اتفاق وقف إطلاق النار المؤقت فى 15 يناير، لكن ويتكوف، الصديق القديم لترامب والمطور العقارى السابق، أصبح منذ ذلك الحين مبعوثًا متعدد المهام، يتنقل بين ملفات إيران وأوكرانيا، وقد التقى الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أربع مرات مؤخرًا.
أما وزير الخارجية ماركو روبيو، الذى عين حديثًا مستشارًا للأمن القومى، فلم يزر إسرائيل بعد، ما يعكس تراجع انخراط وزارة الخارجية فى مسار غزة.
وفى بيان صدر أول أمس، أكد برايان هيوز، المتحدث باسم مجلس الأمن القومى، أن ترامب لا يزال ملتزمًا بالإفراج الفورى عن الرهائن وإنهاء حكم حماس، محملًا الحركة وحدها المسئولية عن استئناف الأعمال العدائية.
لكن مع تزايد التصريحات الإسرائيلية بشأن التحركات الختامية للحرب، ومع غياب ضغط أمريكى فعال، يبدو أن الميدان وحده سيحسم مصير المبادرات الدبلوماسية، ومن غير المرجح أن تؤدى جولة ترامب المرتقبة إلى الشرق الأوسط إلى تغيير جذرى فى المعادلة، ما دامت إسرائيل ماضية فى استراتيجيتها العسكرية غير مهتمه بالتوازنات الدولية أو بتعهدات ترامب الانتخابية.