ﻗﺎﻧﻮن ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﻔﺘﻮى ﻳﺤﻤﻰ اﻟﻮﻃﻦ ﻣﻦ اﻟﻔﺘﺎوى اﻟﻄﺎﺋﺸﺔ

ﻗﺎﻧﻮن ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﻔﺘﻮى ﻳﺤﻤﻰ اﻟﻮﻃﻦ ﻣﻦ اﻟﻔﺘﺎوى اﻟﻄﺎﺋﺸﺔ

ملتزمون بتطوير الخطاب الدينى والتوازن بين ثوابت الدين ومتطلبات العصرنتصدى لموجات التطرف لمواجهة اختطاف الدين.. والتحول الرقمى ضرورة
مصر لن تتخلى عن القضية الفلسطينية..و«التهجير» مرفوض
حب الوطن من العقيدة.. والأزهر مصدر إشعاع روحى وعلمى
المجتمع «متعطش» لعودة الكتاتيب..و«شموس أزهرية» مشروع حضارى

 

يمتلك الأستاذ الدكتور أسامة الأزهرى استراتيجية ورؤية راسخة تقوم على أساس من الوعى والعلم، فهو عالم من طرازٍ فريدٍ، لاقى القبول من عامة الناس قبل خاصتهم وعلمائهم، ويعتبره محبوه أنه شخصية نادرة يكاد يتفق عليها جميع علماء الأزهر، لزم طريق المجددين، سائرًا على النهج الأزهرى الوسطى، وانخرط فى الحياة العامة بين الناس حتى كان له الأثر الأكبر والتأثير المباشر فى حياة الكثيرين.
امتاز ببشاشة الوجه وسماحة القلب، ظهر ذلك عبر لقاءاته وبرامجه فى القنوات الفضائية، يرفض التجمد الفكرى والوقوف وراء الزمان، كما أنه يرفض الانسياق الأعمى وراء من ينادون بتنحية الدين بعيدًا عن الحياة، فلا حياة من غير دين،
فى سنوات معدودة أصبح إحدى أيقونات الفكر الإسلامى فى العصر الراهن، بوسطيته وآرائه السديدة، وبلاغة وفصاحة لسانه.
سخر نفسه لإعادة الاعتبار للعلم الأزهرى ومنهجه ووسطيته واعتداله، ومنذ أن أدى اليمين الدستورية وزيرًا للأوقاف أمام الرئيس»السيسى» لاقى اختياره ارتياحًا وقبولا واسعًا وترحيبًا هائلًا، وفى شهور قليلة استطاع النهوض بحقيبة الأوقاف ليبقى تواجدها بارزًا على الساحة المصرية والدولية، ليعمل على تطوير العديد من الملفات المهمة داخل الوزارة فى صدارتها الخطاب الدينى المعتدل، وترسيخ مفاهيم المواطنة والسلام المجتمعى، إضافة إلى استحداث ملفات عديدة جديدة جعلت « الأوقاف» من أهم الوزارات الحالية.
«تواصل» التقت العالم الكبير الأستاذ الدكتور أسامة الأزهرى وزير الأوقاف وطرحت عليه العديد من الملفات، وهذا نص الحوار،،،
< بداية.. ما أهم خطوط واستراتيجية الوزارة خلال المرحلة القادمة؟
<< تنطلق وزارة الأوقاف فى استراتيجيتها خلال المرحلة المقبلة من رؤية وطنية شاملة تُعلى من قيمة بناء الإنسان، وتعتمد على قراءة دقيقة للواقع، وتوازن بين ثوابت الدين ومتغيرات العصر، وتهدف إلى صناعة وعى حقيقى يعزز الانتماء ويُحاصر التطرف ويُطلق طاقات الشباب نحو البناء والعطاء.وتُعد هذه الاستراتيجية امتدادًا طبيعيًّا لجهود الدولة المصرية فى تجديد الخطاب الدينى، حيث تتحرك الوزارة عبر أربعة محاور متكاملة تُشكل ملامح مشروعها الوطنى والدعوى، وتتمثل فى: مواجهة التطرف، وبناء الوعى، وتعزيز الانتماء الوطنى، وإبراز الوجه الحضارى للدين.
ففى مواجهة التطرف، تسير الوزارة بخطى ثابتة على طريق تفكيك الفكر المتشدد، لا بالمواجهة الصدامية، ولكن عبر المعالجة العلمية والفكرية الواعية، مستندة إلى قوة المنهج، ورسوخ المرجعية، ووضوح المفاهيم، ومؤمنة بأن التطرف لا يُهزم بالإنكار وحده، وإنما بالبديل الصحيح الموثوق. ولهذا فإن الوزارة تُكثف برامج تدريب الأئمة والدعاة على فنون الحوار، ومهارات التواصل، والتعامل مع الشبهات الفكرية، كى يكونوا قادرين على مجابهة دعاة الظلام بفكر نيّر متماسك.
ولا ينفصل ذلك عن مجابهة الوجه الآخر من وجوه الغلو، وهو التطرف اللادينى، بما فيه من نزعات إلحاد، أو تفلت من القيم، أو إنكار للهوية الدينية، وهى تحديات تتابعها الوزارة بوعيٍ بالغ، وتُعالجها عبر خطاب دينى رشيد، يُعيد الثقة فى الدين، ويُبين قدرته على استيعاب الإنسان وتسكين روحه، دون تضييق أو قهر.
وفى سياق متصل، يُشكل بناء الوعى حجر الزاوية فى هذه الاستراتيجية، إذ تدرك الوزارة أن مجتمعاتنا تحتاج إلى وعيٍ جديد، لا يُعاد إنتاجه من الماضى فقط، بل يُصاغ فى ضوء معطيات الواقع، ويُوجه لاستشراف المستقبل. لذلك، فإن الوزارة تفتح نوافذ متعددة للتثقيف، من خلال الدورات التأهيلية والملتقيات الفكرية والبرامج التدريبية، التى تستهدف بالأساس النشء والشباب، لخلق بيئة معرفية تُغذّى العقول بالفهم الصحيح، وتُرسخ القيم العليا: كالرحمة، والعدل، والمواطنة، والتعايش.
أما تعزيز الانتماء الوطنى، فهو ليس مجرد شعارٍ مرفوع، بل محور عمل دائم، تدرك الوزارة أنه لا يمكن للفرد أن يُحب وطنه حقًا، إلا إذا شعر بأن دينه لا يُعزله عن وطنه، بل يُلهمه حبه، ويحثه على خدمته، ويوجهه لصيانته، ومن هنا جاءت مشروعات الوزارة المشتركة مع مؤسسات الدولة، فى تطوير المساجد، وتنظيم القوافل التوعوية، ومجالس العلم، بهدف غرس هذه القيم وترسيخ هذا الانتماء فى وجدان الناس.
وتبقى رسالة الوزارة الحضارية أحد أبرز ملامح الاستراتيجية الجديدة، إذ تؤمن الأوقاف بأن الدين حين يُقدَّم بصورة جمالية راقية، يصبح عاملًا محفزًا على الإبداع، لا عائقًا أمام التطور. لذلك، تُولى الوزارة عنايةً خاصة بالخطاب الثقافى والإعلامى، وتُفعّل الشراكات مع مؤسسات الفكر والفن والتعليم، إيمانًا منها بأن الإسلام لم يكن فى يومٍ من الأيام خصمًا للحضارة، بل كان شريكًا فى بنائها، وصانعًا لألقها فى أزمنة المجد.
إننا، فى وزارة الأوقاف، نتحرك وفق رؤية واضحة، تُدرك طبيعة التحديات، ولا تتعامل معها بردود الأفعال، بل تصنع الفعل الإيجابى، وتُراهن على الإنسان المصرى، وخصوصًا الشباب، ليكون هو الأداة والهدف، فى معركة بناء الوعى، وصناعة المستقبل، وتجديد الخطاب، وتحقيق التماسك الوطنى.
< ماذا عن مشروع قانون تنظيم الفتوى الذى وافق عليه مجلس الوزراء وإحالته للجان المختصة بمجلس النواب؟
<< هذا المشروع خطوة مهمة فى تنظيم الخطاب الدينى داخل مصر، ويحمى الوطن من الفتاوى الطائشة، ويهدف إلى ضمان الفتوى الرشيدة وتثبيت مرجعيتها فى المؤسسات العلمية المتخصصة، وهذه خطوة تهدف إلى حماية الدين من الفوضى الفكرية والعبث وضبط المنهج الدينى بما يتوافق مع العلم، فالفتوى ليست مجرد رأى يقال، بل هى مسئولية كبرى وعلم دقيق، فمؤخرًا أصبحت بعض المنصات الإلكترونية مرتعًا لكل من يريد الحديث فى الدين، لذا جاء مشروع القانون ليحدد بشكل قاطع الجهات المنوط بها الفتوى ويعيد الأمر إلى نصابه الصحيح، حيث نص المشروع على أن الفتوى الشرعية العامة التى تؤثر فى الشأن العام يجب أن تصدر عن دار الإفتاء المصرية أو هيئة كبار العلماء، بينما تبقى لجان الفتوى فى وزارة الأوقاف ومجمع البحوث الإسلامية مسئولية عن الفتاوى الخاصة المتعلقة بشئون الفرد، ومن إنجازاته هذا المشروع إلزام الإعلام والمنصات الإلكترونية بعدم نشرؤ أو بث أى فتوى شرعية إلا إذا كانت صادرة من الجهات المعتمدة من خلالب هذا القانون.
< كيف تصدت وزارة الأوقاف لظاهرة الإلحاد وما خطورة هذه الظاهرة؟
<< وزارة الأوقاف طورت من الخطاب الدينى ليكون عقلانيًا معاصرًا، مستندًا إلى البرهان والمنطق، لفند الشبهات المثارة بشكل علمى، وبالأخص فى شأن القضايا التى تتعلق بالفكر الحديث، وعلوم الطبيعة، كما زادت اللقاءات الحوارية فى الجامعات والمدارس وأطلقت محتوى رقميًا يوجه للشباب من ةخلال منصات التواصل لمعالجة الشبهات المثارة بفكر قريب من فكر الشباب ولغتهم وواقعهم، والحمد لله مازالت الجهود مستمرة بالتعاون مع المؤسسات التعليمية والثقافية، فقد أدركت الأوقاف أن الإلحاد ظاهرة معقدة لا تعالج بالأفكار أو التلقين لكنها تحتاج إلى رؤية علمية شاملة تتعامل مع أسباب الظاهرة بين الشباب هو تشويه الدين على يد الجماعات المتطرفة، مما جعلت الشباب يرفضون الدين لذاته، وكذلك ضمن أسباب هذه الظاهرة هو الانبهار بالغرب والافتتان بالحضارة الغربية، وكل هذا نضعه نصب أعيننا لمواجهته والعمل على معالجته.
< صورة الإسلام مشوهة فى أوروبا والغرب بشكل عام..كيف يمكن تصحيح هذه الصورة؟ وماذا عن دور الأوقاف فى مواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا؟
<< بالفعل، لا يمكن أن نُغفل حجم التحديات التى تواجه صورة الإسلام فى الغرب، حيث تسود أحيانًا سرديات مشوهة تُقدَّم عن الإسلام والمسلمين، بعضُها ناتج عن حملات تضليل ممنهجة، وبعضها الآخر يعود إلى ممارسات خاطئة لأفراد أو جماعات انحرفت عن جادة الدين، فأساءت إلى رسالته السمحة وأضرّت بصورته فى أعين العالم. وهنا تبرز مسؤولية وزارة الأوقاف المصرية، باعتبارها إحدى أبرز المؤسسات الدينية الرصينة فى العالم الإسلامى، فى تصحيح تلك الصورة، وبيان حقيقة الإسلام كدينٍ يدعو إلى الرحمة والعدل والسلام، ويعلى من شأن الإنسان كإنسان.
ومن أبرز الأدوات الفاعلة التى توظفها الوزارة فى هذا المسار، برامج الإيفاد الخارجى لأئمتها وعلمائها، سواء عبر الإيفاد الدائم فى المراكز الإسلامية الكبرى، أو من خلال الإيفاد المؤقت لإحياء ليالى شهر رمضان المبارك فى عدد من الدول العربية والأجنبية. وقد أثبتت هذه الوفود الدعوية قدرتها على أداء دور حيوى فى هدم جدران الجهل، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، ومواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا التى تنمو أحيانًا على تربة الخوف، وسوء الفهم، والدعاية المضللة.
إنَّ معركة تصحيح الصورة الذهنية عن الإسلام ليست معركة خطاب فقط، بل هى معركة وعى وتفاعل حضارى، ولهذا تعمل وزارة الأوقاف على تحقيق تشبيك معرفى وثقافى بين علمائها وعلماء الأديان والثقافات الأخرى، وترى أن التصدى للإسلاموفوبيا لا يكون بالصدام، ولا بالتقوقع، بل بالانفتاح الواعى، والتواصل الناضج، والتأكيد على القيم المشتركة التى تُعلى من كرامة الإنسان، وتُجذر قيم التراحم، والتعاون، والسلام.
هكذا، تُسهم وزارة الأوقاف، عبر مشروعها الدعوى المتكامل، فى بناء جبهة عالمية للحوار والتفاهم، تُدافع عن الإسلام من موقع القوة الأخلاقية والعلمية، وتُعيد رسم صورته فى وعى العالم، لا بالصوت العالى، بل بالحجة العميقة، والسلوك الراقى، والصورة المشرقة.
< ماذا عن دور الأوقاف فى مساندة الشعب الفلسطينى فى حقه فى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف؟
<< إنَّ القضية الفلسطينية ليست مجرد صفحة فى كتاب السياسة أو عنوانًا فى نشرات الأخبار، بل هى جوهر الصراع بين الحق والباطل، وصورة مكثفة من صور النضال الإنسانى من أجل الكرامة والحرية، ولهذا فإن موقف الدولة المصرية منها لم يكن يومًا موقفًا طارئًا أو محكومًا بظروف آنية، بل هو موقف مبدئى متجذر فى الوعى الوطنى والقومى والدينى، يؤمن بأن الحق لا يسقط بالتقادم، وأن الأرض لا تُباع ولا تُوهب، وأن القدس لا يمكن أن تكون إلا لأهلها وعاصمتهم الأبدية.
من هذا المنطلق، تقف الدولة المصرية – بقيادتها وشعبها ومؤسساتها كافة – رافضة رفضًا قاطعًا لأى محاولة لتهجير الشعب الفلسطينى من أرضه أو طمس هويته أو تبديل حقائقه التاريخية والجغرافية. وموقفها فى هذا الشأن موقف صلب لا يعرف المساومة، بل يصدح بالحق فى المحافل الدولية والإقليمية، ويترجم هذا الحق إلى دعم سياسى وإنسانى مستمر، وإلى جهود دبلوماسية متواصلة تُحبط المخططات الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية أو تفريغ الأرض من أهلها.
وفى طليعة هذه المؤسسات الوطنية تأتى وزارة الأوقاف المصرية بدورٍ فاعلٍ وواعٍ فى نصرة الشعب الفلسطينى، والتأكيد على حقه المشروع فى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وتؤمن الوزارة بأن الوقوف إلى جانب فلسطين ليس خيارًا، بل هو واجب دينى وإنسانى وأخلاقى لا يُقبل فيه التخاذل أو التراخى، فهذه قضية تمس العقيدة، وتستحضر شرف الانتماء إلى المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
وتعمل الوزارة فى هذا الإطار على ثلاثة مسارات متكاملة: أولها المسار التوعوى والدعوى، حيث تحرص على أن تكون المنابر جزءًا من معركة الوعى، فتُبرز من خلالها مكانة القدس فى الإسلام، وتُذكّر بحقوق الشعب الفلسطينى، وتفضح حملات التزييف التى يتعرض لها التاريخ والواقع معًا، وترد على الشبهات التى تسعى لتبرير الاحتلال أو شرعنته.
أما المسار الثانى، فهو المسار الإغاثى والإنسانى، إذ تسهم الوزارة بشكل مباشر فى دعم الأشقاء الفلسطينيين من خلال تخصيص جزء من مواردها ومشروعاتها الخيرية لصالحهم، وعلى رأسها مشروع صكوك الأضاحى والإطعام، حيث تم بالفعل توجيه آلاف الكيلوغرامات من اللحوم إلى قطاع غزة المحاصر، ضمن قوافل الإغاثة التى تنطلق من مصر عبر معبر رفح، بالتنسيق مع مؤسسات الدولة المعنية، وذلك فى رسالة واضحة مفادها أن شعب فلسطين ليس وحده، وأن مصر تقف فى الصفوف الأولى لمساندته وتخفيف آلامه.
ويأتى المسار الثالث فى المجال الثقافى والفكرى، حيث تعمل الوزارة على ترسيخ مفاهيم العدل والحرية والكرامة، وتحقيق التشبيك المعرفى مع الجهات الدينية والفكرية فى الداخل والخارج لبيان أبعاد القضية الفلسطينية كقضية إنسانية عادلة، مع إعلاء قيمة المقاومة السلمية والصمود الحضارى، والدفاع عن الهوية فى وجه محاولات الطمس والتذويب.
وتؤمن الوزارة، فى كل ذلك، أن القضية الفلسطينية لا تخص الفلسطينيين وحدهم، بل هى امتحان أخلاقى لكل أحرار العالم، ومحك لصدق الانتماء إلى القيم العليا التى يُجمع عليها أصحاب الضمائر الحية. فالدفاع عن القدس ليس دفاعًا عن مكان، بل دفاع عن معنى، عن حضارة، عن روح تسكن الأمة كلها.
إننا نؤكد على أن القدس الشريف لا يمكن أن تُختطف من الذاكرة، ولا أن تُنتزع من الوجدان، وأن فلسطين ليست خريطةً على الورق، بل دمٌ يسرى فى العروق، وأن الحق سيظل حقًا، حتى لو تقلبت عليه القوى، وتكاثرت عليه المؤامرات. وسنظل فى وزارة الأوقاف، كما كانت مصر عبر تاريخها، فى مقدمة الصفوف المدافعة عن هذا الحق، بكل الوسائل المشروعة، وبإيمان لا يلين ولا ينكسر.
< التحول الرقمى صار إحدى خطوات الدولة ما الإجراءات التى اتخذتها الأوقاف فى هذا الإطار؟
<< إنَّ التحول الرقمى لم يعد مجرد مسارًا اختياريًّا أو رفاهية تكنولوجية، بل أصبح ضرورة وطنية واستراتيجية تتبناها الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى، الذى وجّه بوضوح إلى بناء دولة عصرية رقمية حديثة فى كل القطاعات، وفى القلب منها قطاع الدعوة والخطاب الدينى، الذى يشكّل عقل الأمة وضميرها، ويؤثر تأثيرًا مباشرًا فى وعى الناس وسلوكهم ومواقفهم تجاه الحياة. ومن هذا المنطلق، جاءت توجيهات القيادة السياسية بإنشاء منصة رقمية شاملة لوزارة الأوقاف، تكون بمثابة نافذة ذكية على مشروع التجديد الدينى، وحاضنة معرفية تجمع الجهود العلمية والدعوية والفكرية للوزارة فى صورة عصرية تليق بجمهور اليوم.
وقد أضفنا إلى المنصة الرقمية لوزارة الأوقاف رؤية استراتيجية جديدة ترتكز على أربعة محاور كبرى، تمثل فى مجملها الملامح الأساسية لمشروع تجديد الخطاب الدينى، وترسم خارطة طريق شاملة نحو مواجهة التحديات الفكرية والاجتماعية، وبناء الإنسان المصرى، واستعادة ريادة الحضارة الإسلامية.
ويأتى المحور الأول ليؤكد على دور وزارة الأوقاف فى خدمة الوطن والدفاع عن أمنه الفكرى، عبر التصدى لموجات التطرف والتكفير والإرهاب، التى تسعى لاختطاف الدين وتشويهه وتحويله إلى أداة للدمار والفتنة. ومن خلال هذه المنصة، ستُقدَّم محتويات علمية وفكرية عالية المستوى، تتناول تفكيك الفكر المتطرف والرد عليه بالحجة والبرهان، وذلك عبر مقاطع مرئية ودورات تفاعلية وملفات علمية، تتحدث بلغة العصر وتستهدف مختلف الفئات العمرية والثقافية.
أما المحور الثانى، فينطلق من وعى عميق بأخطر ما يهدد المجتمع اليوم: التطرف اللادينى ومظاهر التراجع القيمى، من إلحاد، وإدمان، وانتحار، وتنمر، وتحلل أخلاقى، وتفكك أسرى. وهنا تقوم المنصة بدور مزدوج، توعوى وتربوى، من خلال خطاب دينى رحيم وعصرى، يعيد بثّ روح القيم فى النفوس، ويربط الناس بالإسلام بوصفه دين الرحمة والتوازن والجمال، عبر مواد موجهة للشباب والأسر والمربين، ويُراعى فى كل ذلك لغة الإقناع والاحتواء، لا لغة الوعظ المجرد.
ويأتى المحور الثالث ليحمل واحدًا من أنبل أهداف المشروع الوطنى: بناء الإنسان المصرى وبناء الشخصية المصرية. من خلال كتابنا “الشخصية المصرية.. خطوات على طريق استعادة الثقة”، ليكون مرجعًا تربويًّا لفهم أزمات الشخصية المصرية وسبل النهوض بها. وستتضمن المنصة قسمًا خاصًا لهذا المحور، تعرض فيه محتويات حول تنمية الثقة بالنفس، وترسيخ الانتماء، وحب الوطن، والارتقاء بالوعى العام، والتربية على الإيجابية والشغف بالعلم، مع برامج تفاعلية تُخاطب العقل المصرى بخطاب أصيل وعصرى معًا.
أما المحور الرابع، فهو صناعة الحضارة، ويعكس طموحًا حقيقيًّا لإحياء الإسهام الحضارى الإسلامى فى مختلف مجالات العلوم والتكنولوجيا والفنون، من خلال إبراز نماذج عبقرية من التاريخ الإسلامى فى الطب والفلك والكيمياء والبستنة والهندسة، وذلك عبر مواد علمية مبهرة، تنقل العقل المسلم من أسر الدفاع إلى فضاء البناء والإبداع. كما تسعى المنصة لتكون مصدر إلهام للشباب تدفعهم لاختراع، لا إلى اجترار الماضى، وتجعل القرآن الكريم بوابة إلى الاكتشاف، لا مجرد محفوظات جامدة.
وقد صُمِّمت هذه المنصة لتكون تفاعلية رقمية احترافية متكاملة، تقدم محتواها من خلال وسائط متعددة: نصوص، فيديوهات، دورات تدريبية، ألعاب تعليمية، قصص تفاعلية، لقاءات حوارية مباشرة، بحيث يخاطب كل قسم من أقسامها الأربعة جمهورًا محددًا بلغة مناسبة، مع واجهات قوية على وسائل التواصل الاجتماعى، إدراكًا من الوزارة بأن الميادين الرقمية باتت ساحات الوعى الحقيقية التى تتشكل فيها العقول، وتُزرع فيها القيم، وتُخاض فيها المعارك الفكرية والثقافية.
وإيمانًا بأهمية التوثيق والعرفان بالفضل، سيُخصص قسم فى المنصة للتعريف بمساجد مصر التاريخية العريقة، وكل من تولّى وزارة الأوقاف عبر التاريخ، وسير أعلام ع ض2سثلمائها، كما تُنشر عبر المنصة الإنتاجات العلمية الرفيعة من أبحاث ورسائل ماجستير ودكتوراه للسادة الأئمة والدعاة، فى صورة تليق بالمحتوى العلمى وتُيسر الوصول إليه.
كما أولت الوزارة اهتمامًا خاصًّا بفئة الأطفال والنشء، من خلال تبنّى أسلوب “التعليم الترفيهي”، وإنتاج ألعاب إلكترونية تحمل قيم الرحمة والتسامح والابتكار، وتُقدَّم كبديل واعٍ عن كثير من الألعاب الرقمية التى تسهم – للأسف – فى نشر العنف أو الانعزال أو السلوكيات المنحرفة.
وباختصار، فإن المنصة الرقمية لوزارة الأوقاف ليست مجرد موقع إلكترونى، بل هى مؤسسة فكرية رقمية عصرية متكاملة، تهدف إلى بناء الوعى، وترسيخ القيم، وتجديد الخطاب، وتقديم صورة مشرقة للإسلام فى عالم متسارع، آمنت فيه الوزارة أن التحول الرقمى هو لغة المستقبل، ونافذتنا الكبرى إلى عقل وقلب الإنسان المصرى والعربى فى كل مكان.
< مبادرة «إحياء الكتاتيب» جاءت من باب اهتمام الأوقاف بكتاب الله تعالى فماذا تحقق منها؟ وماذا عن جهود الوزارة فى الفترة القادمة لخدمة القرآن الكريم؟
<< تحقيقًا لرؤية وزارة الأوقاف فى العناية بكتاب الله تعالى، وحرصًا على تنشئة جيلٍ جديدٍ يحمل القرآن فى صدره، ويُجسِّد قيمه فى سلوكه، جاءت مبادرة «عودة الكتاتيب» لتكون أحد أعمدة المشروع التربوى والدعوى الوطنى، الذى يهدف إلى استعادة دور الكتّاب كمؤسسة تعليمية وتربوية أصيلة فى المجتمع المصرى. وقد لاقت هذه المبادرة ترحيبًا شعبيًّا واسعًا، وأثبتت من خلال انطلاقتها من قرية كفر الشيخ شحاتة بمركز تلا فى محافظة المنوفية، أن المجتمع ما زال يتعطش لمنابع النور، ويحنّ إلى جلسات الذكر التى تشكّل وعى الطفل وتكوِّن وجدانه وتضبط حركته فى الحياة.
لقد تجاوزت الكتاتيب فى ثوبها الجديد مجرد كونها حلقات لتحفيظ القرآن الكريم، بل تحوّلت إلى مؤسسات تربوية متكاملة، تهدف إلى بناء الطفل المصرى معرفيًا وأخلاقيًا وسلوكيًا. ومن خلال الإشراف العلمى والدعوى الذى تقدمه الوزارة، يتم تقديم تفسير ميسر للآيات، يفتح آفاق الفهم الصحيح للدين، ويغرس فى نفوس الأطفال قيم الرحمة والعدل، ويربيهم على الاعتزاز بالهوية الدينية والوطنية، ويحصنهم من الفكر المتطرف والانحراف السلوكى.
وقد تم وضع رؤية شاملة لتطوير هذه الكتاتيب، بحيث تتحول إلى منصات لبناء الشخصية المتوازنة، ومن ذلك ترسيخ مفاهيم كرامة الإنسان، استنادًا إلى قوله تعالى: «ولقد كرمنا بنى آدم»، وزرع الانتماء للوطن، استلهامًا من روح الشريعة التى تدعو إلى عمارة الأرض، والتأكيد على تكامل الدين والعمل، وغرس روح المسؤولية تجاه البيئة والمجتمع من منطلق قوله تعالى: «الحمد لله رب العالمين»، بما تحمله من معانٍ فى رعاية الأكوان وتقدير النعم.
وتُولى الوزارة اهتمامًا بالغًا بالبعد الاجتماعى والإنسانى فى هذه المبادرة، حيث تم التنسيق مع مؤسسات المجتمع المدنى مثل مؤسسة مصر الخير وبنك الطعام، ووزارات الصحة والتموين، لتوفير الدعم الغذائى والصحى للدارسين، بما يعكس توجهًا تكامليًا يرمى إلى بناء الإنسان من كافة الجوانب، ويؤكد أن الكتاتيب ليست فقط مشروعًا دينيًا بل مشروعًا حضاريًا شاملًا.
ومن أبرز المشاهد المضيئة فى تجربة الكتاتيب الجديدة، أن المجلس يختم دومًا بالدعاء لمصر وأهلها، ما يعمّق فى وجدان الأطفال مفهوم أن حب الوطن جزء لا يتجزأ من العقيدة، وأن الدعاء لمصر بالخير والنماء إنما هو عبادة تترجم فى الواقع إلى سلوك محبٍّ ومصلحٍ ومعمّرٍ للأرض.
أما فى المرحلة القادمة، فتخطط وزارة الأوقاف إلى مزيد من التوسع النوعى والكمّى فى الكتاتيب، مع إدخال وسائل تعليمية عصرية تفاعلية، تشمل الوسائط المرئية والبرامج الذكية والألعاب التعليمية الهادفة، بهدف ترسيخ المعلومة القرآنية وتيسير حفظها وفهمها فى نفوس النشء، إلى جانب تنظيم مسابقات ثقافية ورياضية وفنية داخل هذه الكتاتيب، تربط بين القرآن وبين جوانب الحياة المختلفة، وتصنع من الطفل مشروع إنسان متكامل.
وتعتزم الوزارة كذلك تطوير البرنامج الصيفى للأطفال ليشمل أنشطة أسرية، تفتح أبواب التواصل بين البيت والمسجد، وتجعل من الأسرة شريكة فاعلة فى عملية التنشئة الإيمانية السليمة، بما يسهم فى بناء أجيال جديدة قوية الإيمان، متينة الأخلاق، متزنة العقل، قادرة على حمل رسالة الدين والوطن فى آنٍ واحد.
وبذلك تصبح مبادرة «عودة الكتاتيب» ترجمة عملية لرؤية وزارة الأوقاف فى خدمة القرآن الكريم، لا بوصفه نصًا للحفظ فقط، بل منهلًا للتربية، ومنطلقًا للنهضة، وجسرًا متينًا لبناء جيل واعد يحمل مشاعل النور ويصنع الحضارة.
< أطلقت الوزارة برنامجا جديدًا» شموس أزهرية فى سماء العالم» فما الهدف منه؟
<< جاء إطلاق برنامج «شموس أزهرية فى سماء العالم» ليجسد رؤية وزارة الأوقاف العميقة فى دعم التواصل الحضارى والعلمى بين مصر والعالم، وإبراز الدور الريادى الذى لعبه العلماء الأزهريون الوافدون فى تشكيل الوعى الدينى والثقافى داخل مجتمعاتهم بعد أن نهلوا من معين الأزهر الشريف علمًا وتربية ومنهجًا وسطيًّا. لقد أدركت الوزارة أن هؤلاء العلماء لم يكونوا مجرد طلاب علم عادوا إلى أوطانهم، بل كانوا رسل نور حملوا رسالة الأزهر وعبق مصر معهم، فأناروا بها العقول وفتحوا أبوابًا جديدة للحوار والتفاهم والمعرفة.
ويعكس هذا البرنامج حرص المجلس الأعلى للشئون الإسلامية على توثيق هذا الأثر العلمى والإنسانى الكبير، حيث لا يكتفى البرنامج باستحضار سير العلماء بل يتعدى ذلك إلى دراسة تجربتهم بعناية، وإبراز ما قدموه من مساهمات علمية وتربوية واجتماعية، حتى صاروا رموزًا وطنية فى بلدانهم، كما أسهموا بشكل فعال فى تعزيز الروابط بين مصر وتلك الدول، وخاصة فى العمق الإفريقى الذى يعد امتدادًا طبيعيًّا لمصر على المستوى الحضارى والروحى والثقافى.
إن برنامج «شموس أزهرية فى سماء العالم» ليس مجرد احتفاء علمى، بل هو مشروع حضارى كبير، يعكس امتداد الدور المصرى فى العالم، ويؤكد أن الأزهر الشريف لا يزال مصدر إشعاع روحى وعلمى، وأن وزارة الأوقاف ماضية فى ترسيخ هذا الدور وبنائه، مستثمرة فى العلماء، وفى سيرهم، وفى طلاب العلم الذين سيحملون هذه الرسالة إلى المستقبل.
< الخطبة الموحدة أثارت جدلا..خاصة أن البعض يعتبرها تقييدًا للإبداع الدعوى..فما رد فضيلتكم وما استراتيجية الوزارة فى الاستفادة منها لتطوير الوعى الديني؟
<< نحن فى وزارة الأوقاف ملتزمون بالعمل على تطوير الخطاب الدينى بما يواكب متغيرات الواقع وتحديات العصر، ونسعى دائمًا إلى تقديم رؤية جديدة تتفاعل مع احتياجات المجتمع، وتحقق التوازن بين الثوابت الدينية ومتطلبات الواقع المعاصر. وفى هذا الإطارفقد حرصنا على إعادة هيكلة خطبة الجمعة بحيث تكون أكثر تأثيرًا وفاعلية، وذلك استنادًا إلى دراسات ميدانية دقيقة بالتعاون مع المركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية، لرصد القضايا الملحّة التى تحتاج إلى معالجة دينية عميقة، ومن خلال تحليل الواقع المصرى، وجدنا أن التحديات القيمية تختلف من محافظة إلى أخرى، فكان من الضرورى إيجاد آلية تضمن تحقيق وحدة الخطاب من ناحية، والتفاعل مع خصوصية كل منطقة من ناحية أخرى.
وبناءً على ذلك، قررنا أن تتكون خطبة الجمعة من شقين أساسيين: الخطبة الأولى: موحّدة فى جميع أنحاء الجمهورية، تعالج موضوعًا دينيًا عامًّا يمس القيم الإسلامية الأساسية، ويهدف إلى بناء وعى متكامل لدى أبناء المجتمع، والخطبة الثانية: يتم تخصيصها وفق طبيعة التحديات فى كل محافظة، بحيث تخاطب القضايا المحلية التى تمس حياة المواطنين مباشرةً، كالتوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية، وحقوق المرأة فى الميراث، والتحديات التى تواجه الصيادين، وغيرها من القضايا الاجتماعية والاقتصادية.
وقد بدأت الوزارة فى تطبيق هذا النموذج اعتبارًا من 3 يناير 2025، حيث كان موضوع الخطبة الأولى هو «فما ظنكم برب العالمين؟ (صناعة الأمل)»، بهدف غرس التفاؤل فى نفوس المواطنين وتعزيز الإيمان بحكمة الله ورحمته، بينما تم تخصيص الخطبة الثانية لمعالجة قضايا متنوعة وفقًا لاحتياجات كل محافظة، بحيث تخاطب واقع الناس بشكل مباشر وفعال.
< ماذا عن استثمارات هيئة الأوقاف وتعظيم إيراداتها فى ضوء توجيهات الرئيس بتعزيز القدرات المالية وحسن استغلال الأصول المملوكة للدولة؟
<< منذ أيام مضت، تم دعم هيئة الأوقاف المصرية برئيس جديد لمجلس الإدارة، هو السيد خالد محمد الطيب، وأتوجه بالشكر والتقدير للسيد أحمد عطية، رئيس الهيئة السابق، على جهوده المخلصة خلال فترة توليه المسؤولية، وما قدمه من عمل دؤوب فى سبيل النهوض بالهيئة وتعظيم مواردها.
وأؤكد أن تعظيم موارد هيئة الأوقاف المصرية وتنميتها يمثل أحد أولوياتنا خلال المرحلة المقبلة، وذلك فى إطار رؤية الدولة لتحقيق الاستفادة القصوى من أصول الوقف واستثمارها على النحو الأمثل، وقد أكدتُ خلال لقائى برئيس الهيئة الجديد أن إدارة أصول الوقف بكفاءة واستدامة يمثل ركيزة أساسية فى استراتيجيتنا، حيث نعمل على إطلاق مشروعات وقفية جديدة، وتطوير آليات الاستثمار الوقفى، وتعزيز الشراكات الاستراتيجية، بما يحقق أفضل العوائد، ويدعم المشروعات التنموية والمجتمعية الكبرى.
ونحن عازمون على الاستمرار فى تحديث منظومة الاستثمار الوقفى، من خلال: توسيع قاعدة الاستثمارات الوقفية عبر مشروعات عقارية وتجارية وصناعية جديدة، تعزز العائدات الوقفية بشكل مستدام، والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة فى إدارة الأصول، وتطبيق التحول الرقمى فى جميع معاملات الهيئة، لضمان أعلى مستويات الدقة والشفافية، وتطوير آليات الحوكمة والإدارة، بما يضمن الاستخدام الأمثل للأصول الوقفية، وتحقيق أقصى عائد ممكن منها، وتعزيز التكامل بين الوزارة والهيئة لضمان تحقيق الأهداف المنشودة، وفق رؤية موحدة تهدف إلى تنمية الوقف وتعظيم أثره فى خدمة المجتمع.
كما أؤكد التزامنا الكامل بتنفيذ توجيهات فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية (حفظه الله) بشأن تعظيم الاستفادة من أصول الوقف، واستثمارها فى دعم المشروعات الوطنية الكبرى، بما يرسخ الدور التنموى للأوقاف، ويحقق الأهداف التى نسعى إليها جميعًا، فى سبيل خدمة الوطن والمواطن.
< أخيرًا.. ماذا عن جهود الوزارة فى الفترة القادمة لخدمة القرآن الكريم؟
<< تواصل وزارة الأوقاف المصرية مسيرتها العطرة فى خدمة كتاب الله (عز وجل)، مؤكدة أن القرآن الكريم سيظل فى صدارة أولوياتها، سواء على مستوى البرامج الدعوية أو المسابقات العالمية أو البرامج التدريبية والتثقيفية. ومن هذا المنطلق، يأتى إعلان انطلاق المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن الكريم للعام (1447هـ–2025/2026م) كأحد أهم الجهود الرائدة التى تعكس بوضوح مدى عناية الدولة المصرية، ووزارة الأوقاف على وجه الخصوص، بخدمة القرآن وأهله، وحرصها المستمر على ترسيخ مكانة مصر كمركز عالمى للقرآن الكريم وحملة كتاب الله.
إن هذه المسابقة ليست مجرد منافسة فى الحفظ أو التلاوة فحسب، بل هى رسالة حضارية وروحية تحمل فى طياتها معانى سامية، تسعى من خلالها الوزارة إلى ترسيخ القيم القرآنية فى نفوس الأجيال، وتعميق فهم مقاصد الكتاب العزيز، وتقديم أنموذج مشرف للعالم بأسره بأن مصر لا تزال منارة القرآن وموطن العلماء والحفاظ والقراء المجودين.
ولم تكتفِ الوزارة بإطلاق هذه المسابقة العالمية، بل أرفقتها بموقع إلكترونى للتسجيل، وتسهيلات تقنية لإجراء التصفيات الأولية، ما يعكس تطورًا نوعيًّا فى آليات العمل، ومواكبةً للعصر، وتسهيلًا على المتسابقين من داخل مصر وخارجها، ليصل نور القرآن إلى كل طالب علم وطامح إلى نيل شرف حمل كلام الله عز وجل.