العلاج بالكلام.. وسيلة فعالة لحماية القلب من الأمراض القاتلة

كشفت دراسة حديثة أن العلاج النفسي، وتحديدًا “العلاج بالكلام”، يمكن أن يلعب دورًا كبيرًا في الحد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، خاصةً لدى من يعانون من الاكتئاب.
وتشير الأبحاث إلى أن الأشخاص المصابين بالاكتئاب ترتفع لديهم احتمالات الإصابة بأمراض القلب بنسبة تصل إلى 72%، مما يجعل الصحة النفسية مؤشرًا لا يقل أهمية عن ضغط الدم أو مستويات الكوليسترول.
نتائج الدراسة البريطانية
اعتمدت الدراسة، التي أجراها باحثون في المملكة المتحدة، على تحليل بيانات أكثر من 637 ألف شخص خضعوا لجلسات من العلاج بالكلام بين عامي 2012 و2019. وتتبّع الباحثون حالتهم الصحية على مدى ثلاث سنوات، ليرصدوا مدى ارتباط تحسن الحالة النفسية بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية والوفاة المبكرة.
وجد الباحثون أن الذين أظهروا تحسنًا ملموسًا في أعراض الاكتئاب بعد العلاج، انخفضت لديهم احتمالات الإصابة بأمراض القلب بنسبة 12%. وكان الأثر أكثر وضوحًا بين من تقل أعمارهم عن 60 عامًا، حيث تراجع خطر الإصابة بنسبة 15%، وخطر الوفاة لأي سبب بنسبة 22%.
الشباب أكثر استفادة من العلاج
وفقًا لأحد الأطباء المتخصصين في أمراض القلب ، فإن هذه النتائج تسلط الضوء على الدور المركزي للاكتئاب في التأثير على صحة القلب، خصوصًا لدى صغار السن الذين قد يكون الاكتئاب العامل الصحي الوحيد المؤثر عليهم.
وبينما يعاني كبار السن غالبًا من عوامل خطر متعددة، مثل ارتفاع ضغط الدم أو السكري، مما يجعل معالجة الاكتئاب جزءًا من خطة علاج شاملة.
تفسير العلاقة: بيولوجي لا نفسي فقط
رغم أن أنماط الحياة غير الصحية المرتبطة بالاكتئاب، كقلة الحركة أو التدخين أو النظام الغذائي السيئ، تسهم في تدهور صحة القلب، إلا أن العلماء يرون أن الاكتئاب له تأثيرات بيولوجية مباشرة، فهو يغير كيمياء الدماغ ويزيد من مستويات الالتهاب في الجسم، ما يرفع احتمالات الإصابة بأمراض مزمنة، على رأسها أمراض القلب.
ويعتبر التخفيف من الاكتئاب لا يحسن المزاج فقط، بل قد يغير مسار الصحة الجسدية بالكامل.
التمارين الرياضية كعلاج مزدوج
وتبرز التمارين الرياضية كوسيلة فعالة لعلاج الاكتئاب وتعزيز صحة القلب في آنٍ واحد.
كما أظهرت دراسات أخرى أن ممارسة الرياضة لدى المصابين بالاكتئاب أو القلق تؤدي إلى تحسن مستمر في صحة القلب، حتى عند مستويات رياضية أقل من المعتاد.
ويفسر الباحثون هذا التأثير الإيجابي بتغيرات تحدث في بنية الدماغ، مثل زيادة “التغصنات العصبية” التي تعزز التواصل العصبي وتقلل من الشعور بالتوتر.
رسالة واضحة من البحث
,تشير هذه الدراسة إلى أن الدعم النفسي يمكن أن يكون أداة فعالة ليس فقط في استعادة التوازن العاطفي، بل أيضًا في الوقاية من أمراض القلب القاتلة. ومع التزايد المستمر في أعداد المصابين بالاكتئاب، لا بد من تسهيل الوصول إلى خدمات العلاج النفسي كجزء أساسي من الرعاية الصحية. فكما يوضح الخبراء، “أنت لا تزال في سن مبكرة بما يكفي لتحصد فوائد علاج الاكتئاب على صحتك الجسدية”.