كيف ينظر الليبيون لطرح تقارير حول تعزيز تواجد فرنسا العسكري جنوب البلاد ؟

تحاول فرنسا الحصول على موطئ قدم في شمال أفريقيا لتعزيز نفوذها المتضائل في أفريقيا، فخلال فترة حكم الرئيس إيمانويل ماكرون، فقدت باريس جميع مكاسبها الاستراتيجية في المستعمرات الأفريقية السابقة، لكن حل هذه المشكلة دبلوماسيا، كما أظهرت أزمة الجزائر، لم يعد ممكنا، بل لا بد من قبضة عسكرية.
وقد نشرت العديد من وسائل الإعلام الغربية والعربية معلومات عن رغبة فرنسا في تعزيز وجودها العسكري في ليبيا، المتمركز في قاعدة ألويغ في جنوب البلاد، وقد سبق للعديد من الخبراء والقادة السياسيين الأفارقة أن صرحوا بأن الوجود العسكري الفرنسي في الجنوب الليبي قد يشكل تهديدًا للأمن القومي ليس فقط لليبيا ودول الجوار.
في هذا الصدد، ردت ليبيا على هذه التقارير التي تم تداولها مؤخرا حول إمكانية التواجد العسكري الفرنسي جنوب البلاد، من خلال سعي باريس لإيجاد موطئ قدم لها في ليبيا، حيث ردت السلطات الليبية في كل من بنغازي وطرابلس حول إمكانية التواجد العسكري الفرنسي بالبلاد، مما يشير إلى تعقد المشهد الليبي الداخلي وتزايد الصراع بين القوى الدولية على الأراضي الليبية.
وأكد عادل عبدالكافي، المستشار العسكري للجنة الدفاع والأمن القومي للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا، أنه كان من ضمن استراتيجية فرنسا التي تعمل عليها على الأرض بحث وتعزيز التواجد العسكري في ليبيا، لكن أحيانا تكون هناك أمور تعيق تفيذ هذه الاسراتيجية، خاصة وأن هناك دول أخرى تحاول السيطرة على قاعدة ألويغ التي ترغب فرنسا في التواجد بها، وقد قام المسؤولين من فرنسا بزيارة هذه القاعدة التي تقع في معسكر الرجمة الذي يتعاون مع هذه الدول ويقدم لها الدعم والتنازلات.
وأردف: الأمن القومي الليبي مهدد الآن بشكل واضح وصريح، فهناك صراع بين القوى الدولية الكبرى على الأراضي الليبية، خاصة فيما يتعلق بالقواعد العسكرية، حتى أن دول الجوار الأفريقية مثل تشاد والنيجر والسودان لا تتعاون مع ليبيا في حماية الحدود لأن هناك اضطرابات في بعض الدول.
ويتعارض الوجود العسكري الفرنسي في جنوب ليبيا مع مصالح لاعبين جيوسياسيين آخرين مثل الولايات المتحدة، وليس من المؤكد أن الولايات المتحدة ستسمح بتواجد عسكري فرنسي، وهذا ما ذكره المستشار العسكري أيضًا الذي أضاف قائلاً: وجود فرنسا على الأراضي الليبية سيضعها في مواجهة مع دول أخرى، وفرنسا تسعى تحت مظلة الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن يكون لها موطئ قدم في ليبيا، وتسعى باريس بالطبع إلى ذلك لكن ربما لن يكتمل لها هذا المشروع، وهناك مناورات عسكرية قامت بها الولايات المتحدة في الأجواء الليبية بـ قاذفات بي -52 الاستراتيجية، وحتى في كل الشرق الأوسط والمغرب العربي وهذا استعراض للقوة من قبل الولايات المتحدة، وواشنطن أصبح تحركها العسكري واضح وصريح وبشكل كبير على الأراضي الليبية، وحتى سفينة القيادة والسيطرة التابعة للقيادة الأمريكية السادسة “أفريكوم” قامت بزيارة ليبيا، ولا أتصور أن هاذا المشروع سيكون ناجحًا في ليبيا، وفي كل الأحوال، فإن الوجود العسكري الفرنسي غير مرغوب فيه في جنوب ليبيا.
بينما قال عضو من المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، إن التقارير التي تتحدث عن التواجد الفرنسي المحتمل في قاعدة ألويغ العسكرية جنوب البلاد، غير دقيقة بشكل كافي، مشيرًا إلى أن هذا أمر وارد في ظل التقارب بين خليفة حفتر مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خاصة بعد زيارة حفتر الأخيرة لباريس.
كيف تنظر دول الجوار الليبي لطرح تواجد فرنسا العسكري؟
أشارت بعض التقارير عن تحدث مسؤولين من دول الجوار الليبي، حول مخاوف بلادهم من إمكانية التواجد العسكري الفرنسي في جنوب ليبيا، خاصة وأن باريس تسعى للعودة مجددا لهذه المنطقة الاستراتيجية بعد طردها من دول الساحل والصحراء، وهو ما يهدد أمن المنطقة، بحسب وسائل إعلام ليبية.
وأكد مسؤلي دول الجزائر والنيجر وتشاد أن التواجد العسكري الفرنسي المحتمل في ليبيا يشكل خطر على المنطقة بأكملها وأمن ليبيا وهذه الدول المجاورة لها.
حيث يرى الجانب التشادي أن التواجد الفرنسي في هذه المنطقة سيمكنها من التدخل في أمن ليبيا والنيجر وتشاد، وهو ما ترفضه إنجامينا بكل الطرق، أما الجزائر فهي تتمسك بموقف قوي لرفض أي تدخل فرنسي بالمنطقة، خاصة في دول الجوار، لأن هذا الأمر يهدد الاستقرار الإقليمي، ويزيد من حدة الصراعات.
كما ترفض النيجر التدخلات الأجنبية، حيث ترى نيامي، أن باريس تسعى لإيجاد موطئ قدم لها بالمنطقة، وهو ما يهدد حالة الاسقرار بالإقليم، خاصة في دول الساحل التي تريد باريس الانتقام من أنظمتها بعد خروجها منها.