المأزق..«الإيجار القديم».. عدالة مؤجلة أم كارثة اجتماعية؟

المستأجرون والملاك اختلفوا على القانون.. واتفقوا على أن الحكومة «ظالمة»
رئيس لجنة الإسكان: المناقشات لا تزال مستمرة.. والقانون سيرضى جميع الأطراف
جاء حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى 2024 ليكون اختبارا صعبا يواجهه مجلس النواب، وذلك فيما يتعلق بحق المالك فى استرداد ملكه، وحق المستأجر فى الاستقرار السكنى، حيث يقف المجتمع أمام معادلة صعبة تتطلب توازنًا دقيقًا.
يرى المحللون والمتخصصون فى هذا الشأن أنه قد يتحول قانون الإيجار الجديد إلى قنبلة موقوتة أو فتنة، ومن محاولة للإصلاح إلى شرارة تؤجج أزمة اجتماعية يصعب احتواؤها.
يقول النائب الدكتور محمد الفيومى رئيس لجنة إسكان النواب لـ«تواصل» أن هناك مشروعى قانونين، الأول الخاص بإيجار الأماكن، والثانى الخاص بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 4 لسنة 1996، الخاص بسريان أحكام القانون المدنى على الأماكن التى انتهت أو تنتهى عقود إيجارها دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها، وذلك من حيث المبدأ. وسيتم عقد جلسات استماع للملاك والمستأجرين خلال الأيام القادمة، على أن يحدد موعدها بالتنسيق مع رئيس مجلس النواب.
واشار رئيس لجنة الإسكان إلى أن المناقشات خلال الثلاثة اجتماعات الماضية دارت بحضور الوزراء المعنيين، كشفت عن وجود نقاط خلاف رئيسية فى المادتين الخامسة والسابعة من مشروع القانون، والمتعلقتين بالقيمة المقترحة خلال الفترة الانتقالية، وكذلك بمسألة إنهاء أو تحرير عقود الإيجار. وأضاف «الفيومى» أن المناقشات لا تزال مستمرة، مشددًا على أن القانون لن يصدر إلا من خلال صيغة متوازنة تضمن حقوق كل من الملاك والمستأجرين ليرضى كافة الأطراف.
المستأجرون:
الحكومة تكتب القوانين بحبر المصالح لا بحبر العدالة
أكد محمود عطية المحامى بالنقض ومنسق جمعية مصر فوق الجميع ممثلا عن المستأجرين لـ«تواصل» أن ما يجرى اليوم يضر بملايين المواطنين من المستأجرين القدامى، وذلك لمصلحة فئة من المستثمرين، وشركات التطوير العقارى وأصحاب المصالح الذين قرروا تحرير السوق ولو على حساب الأمن الاجتماعى والسلم الأهلى والاستقرار الوطنى.
وأكد ممثل المستأجرين أن البعض فى الإعلام يلعب الآن دور الكورال فى أوبرا الانحياز السافر، وأنه لا صوت يسمع فيه إلا صوت أصحاب الأبراج الشاهقة والكمباوندات، بينما المستأجر البسيط الذى يعيش فى شقة صغيرة منذ عقود يتحول فجأة إلى عبء على الدولة. ومغتصب للعقار وكأن ذنبه الوحيد أنه صدق الدولة حين وقع عقدا ملزما مع المالك وعاش عقودا يدفع الإيجار بانتظام دون إخلال وفجأة يتم تصويره كمتسلق متحايل يجب إلقاؤه فى الشارع باسم العدالة.
وأضاف «عطية» أن هناك انحيازا لرجال الأعمال والمستثمرين، مطالبا بتحرير العلاقة الإيجارية وهو أمر لم تطلبه المحكمة أساسا فى حكمها ما يعنى أن البرلمان والحكومة استغلا ثغرة قضائية ليضعا فيها لغما اجتماعيا هدفه تهجير المستأجرين لصالح أصحاب النفوذ، بالرغم من أن المحكمة الدستورية أشارت إلى أن تثبيت الأجرة غير دستورى، وهذا مفهوم لكن أن يتم القفز من هذه النقطة إلى تحرير العقود القديمة بالكامل فهذا عبث لأنه لا يوجد نص فى حكم المحكمة يلزم الدولة بتحرير العلاقة أو طرد المستأجرين بل كان من المفترض أن تتم معالجة الأمر تدريجيا وبحكمة توازن بين حقوق المالك وحق السكن المكفول دستوريا.
وأشار إلى أنه تم تغييب صوت المستأجرين، ليبدو كأنهم يغتصبون الشقق بما يزيف الحقائق بأنهم لا يدفعون شيئا، ويتم تجاهل أن هؤلاء دفعوا مقدمات وأجرة لسنوات طويلة وعاشوا فى ظل عقود قانونية موثقة ولم يعتدوا على أحد بل هم ضحايا فقر سياسات الدولة نفسها، مؤكداً بقوله: نحن أمام كارثة اجتماعية مقبلة، قد يطرد الملايين من خلال مخطط شيطانى، ويحولهم إلى مشردين أو ضحايا للديون والمهانة فى ظل ظروف اقتصادية طاحنة، وارتفاع جنونى فى أسعار الإيجارات وموجة تضخم لا ترحم، فمن أين يأتى المواطن المسكين بسكن بديل فى الوقت الذى أكدت الحكومه دعمها لشركات التطوير العقارى؟.
وأضاف «عطية» أن البرلمان يجب أن يكون فى صف من لا صوت لهم وأن يستمع لأصوات المستأجرين ومقترحاتهم العادلة والمنطقية مثل التدرج فى تطبيق الزيادات أو تحديد فترة انتقالية واقعية أو وضع بدائل سكنية للفئات الأكثر فقرا، لكنه يصر على التهجير الفورى وكأن أرواح الناس لا تهم، وكأن الاستقرار لا يهم، والمهم فقط هو إرضاء المالك والمستثمر وتلميع صورة الحكومة أمام أصحاب رأس المال.
وأكد «عطية» أن ما يجرى الآن هو تسليم مصير ملايين الأسر إلى حفنة من الجشعين، فحين يشعر المواطن أن الدولة تخلت عنه وأن القانون أصبح سيفا على رقبته لن يكون هناك استقرار ولا سلم مجتمعى، لذلك نحن لا نواجه مجرد مشروع قانون بل نواجه انحيازا رسميا فاضحا ضد المواطن، نواجه من باعوا ضمائرهم، كما نواجه حكومة تكتب القوانين بحبر المصالح لا بحبر العدالة.
وطالب «عطية» بسحب المشروع فورا، وأن يتوقف الإعلام عن التحريض وأن يعود البرلمان إلى رشده وأن تعود الحكومة إلى دورها فى حماية الفقراء، لا طردهم، وأنه من المفترض الاصطفاف خلف الرئيس عبدالفتاح السيسى لحماية مصر وشعبها من قوى الشر فى الخارج والداخل.
الملاك:
مشروع الحكومة ظالم.. نطالب بأقل قيمة إيجارية 2000 جنيه
قال مصطفى عبدالرحمن رئيس ائتلاف ملاك العقارات القديمة إنه بتقدم بالشكر للقيادة السياسية متمثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى ورئيس الوزراء للاهتمام بإرسال مشروع تعديلات قانون الإيجار القديم بعد سنوات تقدر بحوالى 80 عاما من الظلم والقهر لملاك العقارات القديمة من الأنظمة السابقة، التى تفننت فى كيفية تثبيت القيمة الإيجارية على الشقق والمحلات التجارية ما أضر بقطاع الملاك أصحاب الحق، وأخيرا وصل صراخنا المستمر لسنوات للقيادة السياسية.
ورحب «عبدالرحمن» بقانون الحكومة مشيرا إلى أن لهم تحفظات على بعض ما جاء فيه.. أولا لا يجوز بعد عدد كبير من السنوات أن يأتى قانون ليعطى المستأجر مهلة 5 سنوات لتوفيق الأوضاع مع حد أدنى 1000 جنيه للوحدات السكنية فى المدن، ومن وجهة نظر ملاك العقارات القديمة فإنه يكفى 3 سنوات، لأن معظم المستأجرين عملوا حساب هذا اليوم وجهزوا وحدات بديلة ونحن نطالب أيضا بأقل قيمة إيجارية 2000 جنيه للمناطق الشعبية و4000 للمناطق المتوسطية و8000 للمناطق الراقية هذا ما يخص الوحدات السكنية.. وثانيا مشروع الحكومة ظالم جدا حيث جاء فيه خمسة أمثال من القيمة الإيجارية الحالية للمحل وخمس سنوات توفيق الأوضاع بعدها يترك المستأجرون المحلات أو الاتفاق وهذا ظلم كبير لأن لدينا محلات القيمة الإيجارية لها 20 جنيها وخمسة أمثال تقدر بـ100 جنيه وزيادة 15٪ لمدة خمس سنوات وأيضا هذا ظلم كبير ومخيب للآمال لأن المحلات التجارية تكسب بسعر اليوم، ونطالب مجلس النواب بأن تكون القيمة الإيجارية خمسة آلاف جنيه كحد أدنى مع فترة عام لإخلاء المحل أو كتابة عقد جديد مع المالك على القانون المدنى، مناشداً ممثلى الشعب الإحساس بالظلم الذى وقع فعلا على ملاك العقارات القديمة من سنوات واستعادة ولو جزء من الحقوق التى طال انتظارها، ونحن مواطنون عاديون نعيش نفس المشاكل التى يعيشها باقى الشعب وعلى ذلك ننتظر من مجلس النواب خلال الأيام القادمة الانتهاء من قانون الإيجار القديم خصوصا بعد حكم المحكمة الدستورية فى 9 نوفمبر الذى جاء فى حيثياته أن تثبيت القيمة الإيجارية عدوان على قيمة العدل وإهدار للملكية.