الدكتور أحمد زايد يفتتح ندوة “المثاقفة والترجمة والتقارب بين الشعوب” بمكتبة الإسكندرية

افتتح الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية فعاليات ندوة “المثاقفة والترجمة والتقارب بين الشعوب” بالتعاون مع لجنة الترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة، بمشاركة الدكتور حسين محمود؛ عميد كلية اللغات والترجمة بجامعة بدر ومقرر لجنة الترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة، والدكتور أشرف فراج؛ المشرف العام على سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أستاذ العلوم اللغوية المقارنة وعميد كلية الآداب بجامعة الإسكندرية الأسبق، الدكتور. أنور مغيث؛ أستاذ الفلسفة بكلية الأداب بجامعة حلوان، والدكتورة رشا كمال؛ وكيل كلية اللغات والترجمة جامعة بدر، والدكتور سيد رشاد؛ أستاذ مساعد بكلية الدراسات الإفريقية العليا بجامعة الإسكندرية، والدكتور سامي مندور؛ أستاذ اللغة الفرنسية بكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر، والدكتور عاصم العماري؛ أستاذ بقسم اللغة الألمانية وعضو في لجنة الترجمة، والدكتور محمد الجبالي؛ أستاذ الأدب الروسي بكلية الألسن جامعة عين شمس، والدكتورة نهاد منصور؛ الأستاذ بكلية اللغات والترجمة بجامعة بدر، والدكتور هشام درويش؛ رئيس قسم اللغة اليونانية بكلية الآداب جامعة القاهرة، وأدار الندوة الدكتور مصطفى رياض؛ أستاذ اللغة الإنجليزية بكلية الآداب بجامعة عين شمس.
رحب الدكتور أحمد زايد؛ بالحضور في مكتبة الإسكندرية وبمناقشة هذا الموضوع الهام حول المثاقفة والترجمة، مؤكدًا أن الثقافة لها العديد من المعاني والمرادفات، ولكنه يفضل استخدام كلمة “المثاقفة” لأنها تعني التفاعل بين ثقافتين وتوحي بالتفاعل والأخذ والعطاء.
وطرح “زايد” تساؤلاً عما إذا كانت الترجمة تحقق درجة من الثقافة لأنها ترصد أحدث ما ينتجه الفكر الإنساني في المجالات المختلفة أم مازالنا غير قادرين على التثاقف، مؤكدًا إلى الحاجة الماسة لنهضة ثقافية وخاصة في مجال الترجمة لنقل ما يُنتج في الفكر الإنساني.
وفي هذا السياق، أوضح “زايد” إن مكتبة الإسكندرية أطلقت على مدار العامين الماضيين عدد من الجوائز، منها الجائزة العالمية للقراءة والتي تخضع لمعايير دقيقة، ومن المقرر أن تطلق جائزة أخرى تخص الشباب.
فيما تحدث الدكتور أشرف فراج؛ عن مفهوم حرب اللغات والتي بدأت منذ القدم، موضحًا أن الغزو اللغوي أخذ ٣ أشكال؛ الأول الغزو الجبري الذي جاء مع الاستعمار حيث تدخل مفردات وتراكيب جديدة داخل الجسم اللغوي، ولغات قليلة حول العالم فقد نجحت في النجاة والمقاومة مثل اللغة اليونانية القديمة.
وأضاف “إن الشكل الثاني هو الغزو الطوعي، والأخير والأخطر هو الغزو الرقمي الذي بدأ بعد الحرب العالمية الثانية، وبدأ يظهر في المفهوم اللغوي غزو جديد مع قيام الولايات المتحدة الأمريكية بنشر لغتها الإنجليزية الأمريكية في المجتمعات المحلية، ومن نجح في التصدي لها حتى الأن هما فرنسا والصين”.
فيما قال د. أنور مغيث؛ أستاذ الفلسفة بكلية الأداب بجامعة حلوان، إن الترجمة أثرت على الإبداع المصري وخاصة في العصر المعاصر بدأت مع عصر محمد علي، ففي النصف الثاني من القرن التاسع عشر ظهرت الصحافة ودور النشر الخاصة والتي شهدت الانتشار والازدهار، وشهدت الرواية اقبال كبير من الشباب هذه الرغبة التي كانت تقابل بمقاومة من الأهالي، وبعدها بدأ الإبداع المصري يُستَفز وينتج إبداع روائي خاص وهو ما لم يكن ليوجد لولا الترجمة.
وأضاف “أيضًا في المسرح؛ الذي انطلق من مسرح الظل في الأسواق ثم نشأت الفرق المسرحية والتي اعتمدت على الترجمة ولم تكن نصوص مترجمة ولكن تم تمصيرها، ومجال الابداع الثالث هو الشعر، في بداية الأمر تم ترجمة الشعروفقًا للأوزان الشعرية المتعارف عليها في الشعر العربي، ولكن فيما بعد تم التخلي عن الوزن وهو ما أنتج فيما بعد ظهور الشعر الحر”.
بينما قال الدكتو حسين محمود؛ مقرر لجنة الترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة، إن مفهوم المثاقفة موجود في التراث الثقافي العربي، مشيرًا إلى أن الندوة تناقش المثاقفة والترجمة من الجانب الإيجابي بمعنى التقارب وليس بمعنى الغزو والتأثير الثقافي، وموضحًا أن الثقافة لها تعريفات متعددة ولكن حجز الزاوية في شبكة المعاني هو “تثقيف الروح”.
وأضاف “الثقافة في كل لغة كلمة مستخدمة في المعجم اليومي وهناك خلط قديم وكبير بين الثقافة والحضارة، وفي العربية بمعنى “ثقف” وهي كلمة لها جانب سلبي واخر إيجابي”، مشيرًا إلى أن المشكلة عند ترجمة مفاهيم الثقافة لم تكن دقيقة وكان هناك خلطًا بين اكتساب ثقافة داخلية أم اكتساب ثقافة خارجية، لذا لابد من إعادة النظر في ترجمة المصطلحات وتبنى مصطلحات اخرى مثل التثقيف والاقتباس الثقافي بدلا من المثاقفة والمصطلحات الأخرى التي تؤدي إلى الغموض.
ومن جانبها؛ تحدثت الدكتورة رشا كمال؛ وكيل كلية اللغات والترجمة جامعة بدر، عن المثاقفة في سياق الحلم الصيني، مبينه الفرق بين مفهومي المثاقفة واللامثاقفة، حيث حدثت المثاقفة في الصين عبر التواصل مع الحضارات الأخرى وبعضها حدث بدون رغبتها في فترات الاحتلال ففي عشرينيات القرن العشرين كان يحتلها ١٤ دولة، لذا بدأت في نهاية السبعينات وحتى الآن في نشر لغتها مما ساهم في تقدم حركة الترجمة.
وتابعت”ثم حدثت المثاقفة الحديثة بسبب السياحة الوافدة إلى الصين وإطلاق مبادرة الحزام والطريق، حيث ساهم ذلك في تعريف الآخرين بحضارة الصين وصورتها الحقيقية”، مشيرة إلى أن مفهوم “اللامثاقفة” مازال موجود إذ الحواجز اللغوية والثقافية بين الصين والعالم العرب مازالت موجودة رغم أعمال الترجمة.
فيما قال د. سيد رشاد؛ أستاذ مساعد بكلية الدراسات الإفريقية العليا بجامعة الإسكندرية، إن المثاقفة تعني اتصال ثقافتين تتأثر وتؤثر إحداهما في الأخرى، وهي حتمية تفرضها طبيعة الحياة وسعي الشعوب للتحاور والتقارب، وفيها اجتياز للعزلة وكسر لحاجز الصمت والتفاعل البناء وإعادة رؤية للعالم، والترجمة إحدى أهم وسائل المثاقفة فالترجمة هي المفتاح الذي تتفادى به الأمم الانغلاق الفكري وتتخلص به من التبعية المفضلة إلى الذوبان في الآخر.
وأشار “رشاد” إلى التحديات التي تواجه حركة الترجمة من اللغات الأفريقية، منها تعدد اللغات، وهيمنة اللغات الوافدة، وقلة عدد المترجمين المتخصصين، والعائد المادي الضعيف، مضيفًا أن سبل التغلب على هذه التحديات إعادة النظر في برامج ومقرات الترجمة في الجامعات، ومأسسة الترجمة، وتبني سياسات الترجمة، والتوسع في تدريس اللغات الأفريقية الكبرى في مصر، وإيفاد دارسي اللغات الإفريقية إلى مواطن اللغة
وأكد الدكتور سامي مندور؛ أستاذ اللغة الفرنسية بكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر، إن عملية الترجمة تحدث إثراء في اللغة، متحدثًا عن العلاقة الثقافية بين العرب وفرنسا والتي بدأت مع الفتوحات الإسلامية واستمرت بمرور السنوات ومثال على ذلك كتاب وصف مصر، وهذا انعكس على حركة الترجمة المستمرة حتى اليوم، منوهًا أن حركة الترجمة من الفرنسية إلى العربية شارك فيه الأزهر الشريف بدرجة فاعلة.
فيما قال د. عاصم العماري؛ أستاذ بقسم اللغة الألمانية وعضو في لجنة الترجمة، إنه حصل عام ١٩٩٠ على جائزة الترجمة من ألمانيا، وهو ما يبرز اهتمام ألمانيا بالترجمة وبمد جسور التواصل مع العالم العربي، مشيرًا إلى أن الترجمة من الألمانية إلى العربية والعكس بدأ عام ١٩٥٠ عندما قامت ثلاث سيدات ألمان في ترجمة كتب من العربية إلى الألمانية حيث قمن بالتعرف على الثقافة العربية والإسلامية.
وبينما شدد د. محمد الجبالي؛ أستاذ الأدب الروسي بكلية الألسن جامعة عين شمس، إن الترجمة لا تعني بالضرورة اختيار العمل الأفضل ولكن يتم ترجمة الكتب الأكثر انتشارًا بالإضافة إلى الكتب التي تهم الجمهور العربي، مؤكدًا أن الترجمة والتجربة الروسية العربية هي الأكثر ثراءًا نظرًا للتقارب بين روسيا والوطن العربي، وخاصة مصر التي تمتد علاقاتهم إلى مئات السنين حيث ألهمت الحضارة المصرية الروس وكانت مقصدًا للحجاج الروس إلى القدس.
ومن جانبها؛ قالت د. نهاد منصور؛ الأستاذ بكلية اللغات والترجمة بجامعة بدر، إن الترجمة هي أكثر أنواع كتابة النص وضوحًا ومن المحتمل أن تكون الأكثر تأثيرًا، موضحة المشكلات التي تواجه الترجمة الأدبية، ومن بينها أن كثير من الترجمات تقرأ على أنها نصوص أصلية، وتواجد او اختفاء المترجم، الأسلوب المختلف بين المؤلف والمترجم، والأنماط الادبية المستعارة.
وأختتم د. هشام درويش؛ رئيس قسم اللغة اليونانية بكلية الآداب جامعة القاهرة، باستعراض تاريخ ترجمة الأدب في العالم بداية من الحضارة اليونانية مرورًا بالفارسية والعربية والغربية، متحدثًا عن الترجمة والمثاقفة بوصفهما تفاعل ثقافي إنساني.