الجار بوابة الجنة.. الأمن يبدأ من باب بيتك

الجار بوابة الجنة.. الأمن يبدأ من باب بيتك

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق، أن الأمن الاجتماعي يمثل أرقى درجات السلام الحقيقي، وهو ما يدعو إليه الإسلام ليس فقط من خلال الإفشاء الظاهري للسلام، بل عبر سلوك متواصل يعمّق الثقة بين أفراد المجتمع ويجعلهم يأمنون بعضهم بعضًا في القول والفعل.

خير الناس.. من يُرجى خيره

استشهد جمعة بحديث نبوي شريف رواه أبو هريرة رضي الله عنه، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«خيركم من يُرجى خيره، ويؤمن شره، وشركم من لا يُرجى خيره، ولا يُؤمن شره» [رواه الترمذي].

وفي هذا الحديث يوضح النبي صلى الله عليه وسلم أن الخيرية الحقيقية تكمن في استمرار فعل الخير حتى يُؤمن الإنسان شره ويُرتجى نفعه، وهو مقياس يُبنى عليه استقرار المجتمع وتحقيق الأمن بين أفراده.

الجار.. مفتاح السلام ومقياس الأخلاق

وشدد الدكتور علي جمعة على أن السلام مع الجار هو نواة تحقيق السلام في المجتمع ككل، مستندًا إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ورد في صحيح مسلم:«لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه»، أي لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره أذاه وشروره.

وبيّن فضيلته أن الإسلام لا يكتفي بمنع الأذى عن الجار، بل يدعو إلى أعلى درجات الإحسان إليه، موضحًا أن مفهوم الجار في الإسلام واسع وشامل، فهو لا يقتصر على المسلم، بل يشمل كل من يجاورك من الناس: القريب والبعيد، المسلم وغير المسلم، الغني والفقير، القوي والضعيف.

الإمام الغزالي يحدد آداب التعامل مع الجار

ومن جانبه، أورد جمعة ما ذكره الإمام أبو حامد الغزالي في كتابه “إحياء علوم الدين” حول آداب الجوار، ومنها:

بدء الجار بالسلام وعدم إطالته في الكلام بلا حاجة.عيادته عند المرض، وتعزيته في المصيبة، وتهنئته في الفرح.كف الأذى عنه، وعدم التجسس عليه أو التطفل على خصوصياته.مساعدته في الغياب، وحفظ حرمة بيته، وغض البصر عن أهله.الإحسان لأبنائه، وتعليمه ما يجهل من أمور دينه ودنياه.الأمن يبدأ من باب البيت

أوضح فضيلة الدكتور أن الإسلام جعل العلاقة الطيبة مع الجار أساسًا لبناء مجتمع آمن، حيث تبدأ الرحمة والتعاون داخل الحي وبين المنازل، وتُغرس القيم من التعامل اليومي بين الجيران، فتُبنى الثقة وتزول المخاوف، وتنتشر الطمأنينة في النفوس.

وفي ختام حديثه، دعا الدكتور علي جمعة إلى العودة إلى أخلاق النبي في التعامل مع الناس، وخصوصًا الجيران، باعتبارها الأساس لتحقيق السلام الحقيقي الذي يسبق الأمن المادي والسياسي، ويصنع إنسانًا يبعث على الطمأنينة في كل مكان يتواجد فيه.