قنبلة «الإيجار القديم» فى طريقها للانفجار

الملاك: ننتظر القانون بفارغ صبر.. وإخلاء الشقق خلال 3 سنوات والمغلقة فورًا
اﻟﻤﺴﺘﺄﺟﺮون: ﻣﻄﻠﻮب ﻣﺮاﻋﺎة اﻷﺑﻌﺎد اﻻﺟﺘﻤﺎعية
الإيجار القديم قضية تشغل بال ملايين المصريين، وهى حديث الساعة الآن فى الشارع المصرى، عقب تقديم الحكومة مشروع قانون جديدًا لتنظيم الإيجارات القديمة للبرلمان، لما لهذا القانون من تأثير مباشر على حياة ملايين الأسر فى كل ربوع مصر، ذلك القانون الذى ينتظره الجميع سواء الملاك أو المستأجرون خاصة بعد أن أعلنت الحكومة والبرلمان مرارا خلال السنوات الأخيرة اقتراب إصدار هذا القانون بعد مراجعته وتعديله، بعد أن تم بالفعل إصدار القانون الخاص بالوحدات غير السكنية للشخصيات الاعتبارية، والآن جاء الدور على الوحدات السكنية والتجارية والإدارية الخاصة بالأشخاص الطبيعيين.
وبدأت لجنة الإسكان بمجلس النواب، جلسات الحوار المجتمعى لمناقشة قانون الإيجار القديم، وستظل فى انعقاد دائم حتى 19 مايو المقبل، حيث تستمع إلى المستأجرين لمعرفة رأيهم ومطالبهم من مشروع القانون الجديد، ثم الملاك ومقترحاتهم.
جاء ذلك بعد تكليف المستشار الدكتور حنفى جبالى رئيس مجلس النواب، لجنة مشتركة بالاستماع إلى آراء أساتذة القانون المدنى والخبراء وجميع الآراء العلمية المتصلة بملف الإيجار القديم، وإتاحة الفرصة كاملة للملاك والمستأجرين للتعبير عن آرائهم ومواقفهم تجاه مشروع القانون الجديد بمنتهى الوضوح والشفافية.
وأكد جبالى، أن هذا القانون لن يخرج من المجلس إلا بصيغة تشريعية متوازنة تضمن حقوق طرفى العلاقة الإيجارية وتحقق العدالة بينهما.
وقد نص مشروع القانون المقدم من الحكومة على أن الإيجارات القديمة الدائمة المدة ستنتهى بشكل نهائى بعد 5 سنوات من تاريخ بدء العمل بالقانون، ما لم يتم الاتفاق بين الطرفين على غير ذلك، كما ألزم المستأجر أو من يمتد إليه العقد بإخلاء الوحدة السكنية فى نهاية الفترة المحددة بالقانون، والتى تبلغ خمس سنوات.
وفى حال امتناع المستأجر عن الإخلاء، يحق للمالك التوجه إلى قاضى الأمور الوقتية بالمحكمة المختصة لإصدار أمر بطرد المخالف، دون الإخلال بحق المطالبة بالتعويض، ويُسمح للمستأجر برفع دعوى موضوعية لاحقة دون أن توقف تنفيذ أمر الطرد.
ولتخفيف الأثر على المستأجرين، نص مشروع القانون على توفير وحدات بديلة سواء بنظام الإيجار أو التمليك ضمن مشروعات الدولة، وذلك وفقًا لضوابط وشروط يحددها رئيس مجلس الوزراء، لتأمين انتقال آمن للمواطنين المتضررين.
كما سيتم إلغاء العمل بجميع قوانين الإيجار القديم نهائيًا بعد مرور 5 سنوات من تاريخ تفعيل القانون.
حكم الدستورية
وخلال أول اجتماعات لجنة الإسكان فى البرلمان، أكد المستشار محمود فوزى، وزير شئون المجالس النيابية، أن حكم المحكمة الدستورية العليا الأخير أعاد فتح الباب أمام المشرّع لإعادة تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، موضحا أن القرار الدستورى الخاص بتحديد الأجرة الدورية لا يمنع تعديل العلاقة الإيجارية بما يتوافق مع الدستور.
وأضاف أن الحكومة لا تملى على البرلمان قوانين جاهزة، بل تطرح رؤيتها وتعرض الحقائق أمام النواب، لافتا إلى أن ما يحدث هو حوار تشريعى طبيعى يجرى وفقا لأعراف برلمانية مستقرة فى أعرق الديمقراطيات.
فيما طمأن المهندس شريف الشربينى، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، النواب والمواطنين بأن الدولة تضع فى حسبانها البعد الإنسانى والاجتماعى عند تطبيق أى مادة تؤدى إلى إنهاء العلاقة الإيجارية، مؤكدا أنه لا أحد سيُترك فى الشارع.
وأوضح الشربينى، أن الوزارة تجرى تقييما لحوالى 2.5 مليون وحدة إيجارية قديمة لتحديد المستحقين للتعويض أو للإخلاء، مع التأكيد على أن عقود الإيجار ستُمدد للحالات المستحقة، أو يتم توفير سكن بديل قبل تنفيذ أى قرار بالإخلاء.
وأضاف أنه تم تشكيل فرق عمل حكومية لتطبيق المادة السابعة الخاصة بتوفير البدائل السكنية، فيما ستتم مناقشة المادة الخامسة المتعلقة بإنهاء العلاقة الإيجارية بعد خمس سنوات بطريقة تشمل جميع وجهات النظر.
وأكد أن تحرير العلاقة الإيجارية لن يتم إلا بعد ضمان توفير بديل مناسب لكل مستأجر متضرر، مشددا على أن الدولة لن تتنصل من مسئولياتها الاجتماعية.
ومع نهاية الجلسة، اتفق معظم النواب، بمن فيهم المؤيدون لتحرير العلاقة الإيجارية، على ضرورة إدخال تعديلات جوهرية على المواد محل الجدل، ولاسيما تلك المتعلقة بمدة الإخلاء، وآلية توفير البدائل السكنية، وتعويضات المستحقين.
وتعهد رئيس لجنة الإسكان، النائب محمد عطية الفيومى، بأن تأخذ اللجنة وقتها الكافى للاستماع إلى كافة الآراء، وعقد جلسات استماع موسعة تشمل خبراء ومواطنين وجهات تنفيذية، قبل إعداد الصيغة النهائية التى تُعرض على الجلسة العامة للمجلس.
مخاوف
من جهته، قال المستشار ميشيل حليم، المستشار القانونى لرابطة المستأجرين، إن مواد مشروع القانون الجديد لم تراع الأبعاد الاجتماعية.
وأضاف حليم، أن هناك مستأجرين لا ينامون بسبب القانون الجديد، وخاصة كبار السن والمطلقات والأرامل وأصحاب المعاشات، مشيرا إلى أن هؤلاء يجب ألا يتحملوا عبء السكن مع الأعباء الأخرى التى يتحملونها.
وأوضح المستشار القانون لرابطة المستأجرين، أن تقدم الحكومة بمشروع القانون للبرلمان كان أمرا حتميا ولا بد منه، احتراما لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى نوفمبر 2024، والذى تناول عدم دستورية ثبات القيمة الإيجارية فقط، كما تناول مسألة الامتداد القانونى لمن لهم الحق وحدد الفئات المستفيدة من ذلك، ولذلك نحن نحترم أحكام المحكمة.
وتابع، «إلا أن مشروع القانون الجديد ضرب بأحكام المحكمة الدستورية العليا السابقة عرض الحائط، عندما نص على إنهاء العلاقة الإيجارية بعد 5 سنوات، لأن المادة 224 من الدستور الحالى 2014 تنص على أن كل ما قررته القوانين واللوائح قبل صدور الدستور يبقى نافذا ولا يجوز تعديلها أو إلغاؤها وفقا للإجراءات المقررة فى الدستور، وتلتزم الدولة بإصدار القوانين المنفذة لأحكام هذا الدستور»، إذن أحكام المحكمة الدستورية العليا سواء فى 2002 أو 2024 بخصوص الإيجار القديم يجب احترامها.
وأشار إلى أن حكم المحكمة فى 2002 تعرض إلى الفئات المستفيدة من الامتداد، إلا أن مشروع القانون المقدم من الحكومة ويناقش فى مجلس النواب حاليا، والذى يقضى بانتهاء العلاقة الإيجارية بعد 5 سنوات، لم ينص على الطريقة التى يتم بها ذلك، وكيف نطالب المستأجر الأصلى الذى ما زال على قيد الحياة وعمره 70 سنة بأن يترك الوحدة السكنية بعد 5 سنوات.
ولفت «حليم»، إلى أن المادة 7 من مشروع القانون الجديد تقر بحق الامتداد للأبناء ومع ذلك تنص على أن يكون للمستأجرين أولوية فى الحصول على وحدات الإسكان التى تطرحها الدولة، وهذا البند قد يفتح الباب للتلاعب بين بعض ضعاف النفوس.
وأكد أن كبار السن وأصحاب المعاشات لا يمتلكون أموالا لنقل ممتلكاتهم لوحدات أخرى بعد 5 سنوات، لافتا إلى أن المستأجرين لهم حقوق وأموال دفعوها للملاك عند التعاقد، ويجب مراعاة ذلك فى القانون الجديد، كما أنهم قاموا بتشطيب الشقق وإدخال المرافق وغيرها من النفقات.
وذكر أن هناك عدم تدرج تشريعى فى مسألة وضع 20 ضعفا على المستأجرين فى الوحدات السكنية، ففى الوقت الذى كان هناك إيجار قديم فى الفترة من عام 1990 إلى 1995 وقيمة الإيجار تتراوح بين 100 و200 جنيه وتزيد سنويا بنسبة معينة، وقد تكون هذه الإيجارات وصلت الآن إلى 800 و900 جنيه فإن هؤلاء المستأجرين ستزيد أجرتهم بنفس النسبة خلال السنوات المقبلة، بينما المستأجرون قبل هذا التاريخ سيطبق عليهم الـ٢٠ ضعفا وبالتالى ستصل إيجاراتهم إلى ٣ و٤ آلاف جنيه، قائلا، «هذه القيمة لم يتم دراستها جيدا وتمت مساواة الجميع فيها، فلا يمكن مساواة من تقدر إيجاراتهم بالجنيهات بمن تصل إيجاراتهم إلى مئات الجنيهات».
واختتم حليم حديثه قائلا: «نحن مع إصدار القانون تنفيذا لأحكام المحكمة الدستورية العليا، لكن مع مراعاة الأبعاد الاجتماعية والحقوق السابقة للمستأجرين، ومطلوب من مجلس النواب مراعاة الأحكام الدستورية، والاعتبارات الاجتماعية وحقوق المستأجرين، ومعرفة نسبة مستأجرى الإيجار القديم ممن هم تحت خط الفقر».
الملاك
وقال الدكتور أحمد البحيرى، المستشار القانونى لرابطة ملاك الإيجار القديم، إن الملاك لا ينامون ومنهم أصحاب معاشات وأرامل ومن ينتظرون هذا القانون بفارغ الصبر حتى ترد عليهم أملاكهم بعد 100 عام.
وأضاف البحيرى، أنه كان من المفترض تقديم هذا القانون منذ سنوات، مشيرا إلى أن حكم المحكمة الدستورية الصادر فى 2002 غير ملزم لمجلس النواب طبقا لمبدأ الفصل بين السلطات فى الدستور، ومن حق البرلمان إصدار قانون جديد للإيجار القديم وإلغاء القانون الحالى.
وأشار المستشار القانون لرابطة ملاك الإيجار القديم، أن ما يقال عن تقديم المستأجرين مبلغ «خلو» للشقق أمر عار من الصحة، لأن هذه الأموال كان يتم خصم نصفها من الإيجار واستفاد منها المستأجر طوال السنوات الماضية.
وأوضح «البحيرى»، أنه يجب طمأنة المستأجر محدود الدخل غير القادر، بأنه لن يتم المساس به، وإنما المقصود بالقانون الجديد هم الأغنياء الذين يختبئون فى عباءة الفقراء، مشيرا إلى أن 90% من المستأجرين أغنياء ويمتلكون قصورا وفيلات، كما أن الملاك سوف يراعون المستأجرين المحترمين الذين تربطهم بهم علاقة طيبة.
وتابع، «لا بد أن يكون هناك أولويات فى مسألة الإيجار القديم، فلا يصح أن يكون المالك لديه ابن يسكن فى شقة إيجار بآلاف الجنيهات، ولا يستطيع أن يقيم معه فى بيته الذى يسيطر عليه المستأجرون، فى حين أن هؤلاء المستأجرون مقتدرون وأغنياء، ولذلك من الممكن إدخال تعديلات على مشروع القانون تراعى المستأجر الفقير وليس الغنى المقتدر».
ولفت «البحيرى»، إلى أن الملاك معترضون على إنهاء العلاقة الإيجارية بعد 5 سنوات، ويريدون أن تكون خلال 3 سنوات فقط، لأن هناك مبانى آيلة للسقوط تصل إلى 250 ألف عقار معظمها إيجار قديم ولا يتم صيانتها، ويجب التعامل معها.
وذكر أنه بعد إصدار القانون لا بد أن يتم النص على تقديم كل مستأجر إقرار ذمة مالية خلال 6 أشهر، ومن خلال هذا الإقرار سوف نتعرف على المستأجر الفقير والغنى، وسيتم دعم المستأجر الفقير بنوعين من الدعم، الأول: الاستمرار فى الوحدة السكنية إذا كان كبيرا فى السن وتقديم دعم له من خلال صندوق تنشئه الحكومة، والثانى توفير مسكن خارجى من خلال وحدات الإسكان حسب اختيار المستأجر.
وطالب «البحيرى»، مجلس النواب بمراعاة المستأجر الفقير محدود الدخل، والإخلاء الفورى للوحدات المغلقة، والحفاظ على أرواح المواطنين من العقارات الآيلة للسقوط.