اكتشاف مادة غامضة استخدمت في كتب العصور الوسطى

أعلن العلماء عن اكتشاف مذهل يتعلق بمادة غامضة استخدمت في صنع أغلفة الكتب في العصور الوسطى، حيث تبين أن هذه الأغلفة كانت مصنوعة من جلد الفقمة.
وبحسب صحيفة “اندبيدنت” البريطانية، أثار هذا الكشف تساؤلات حول الروابط التجارية بين الأديرة الأوروبية وشعوب الفايكنج، ويمنحنا لمحة عن شبكة التجارة الواسعة في العصور الوسطى.
أغلفة كتب العصور الوسطى: مادة غريبة تكشف أسراراً جديدة
على الرغم من أن المخطوطات من العصور الوسطى نادرة جدًا في تجليداتها الأصلية، إلا أن بعض الكتب قد تم الحفاظ عليها بعناية في المكتبات السيسترسية، مثل مكتبة دير كليرفو في فرنسا.
وكان العلماء قد حاولوا لفترة طويلة معرفة المادة المستخدمة في تغليف هذه المخطوطات، والتي تعرف بالقمصان. ومع ذلك، فقد تم الكشف أخيرًا عن أن هذه الأغلفة كانت مصنوعة من جلد الفقمة.
التقنيات الحديثة تكشف سر المادة الغامضة
استخدم العلماء تقنيات متطورة مثل مطيافية الكتلة وتحليل الحمض النووي القديم لفحص أغلفة 12 كتابًا من العصور الوسطى.
وعند تحليل 13 “كتابًا مشعرًا” آخر من الأديرة الفرعية السيسترسية في فرنسا وإنجلترا وبلجيكا، اكتشفوا أن الجلد المستخدم في تغليف هذه الكتب يعود إلى أنواع الفقمة المرفأية، القيثرية، واللحية، والتي يُحتمل أنها جاءت من المناطق الاسكندنافية مثل اسكتلندا وأيسلندا وجرينلاند.
التجارة النوردية وراء استخدام جلد الفقمة
يشير هذا الاكتشاف إلى أن السيسترسيين كانوا على صلة بشبكات تجارية واسعة مع أحفاد الفايكنج.
وربما كان الرهبان يحصلون على جلد الفقمة عبر تجارة الفراء مع تلك المجتمعات، ولا توجد سجلات مكتوبة توضح لماذا اختار الرهبان تغليف كتبهم بجلد الفقمة، مما يجعل الأمر غامضًا من ناحية الرمزية أو القيمة التي قد يكونوا قد منحوا إياها.
اختفاء استخدام جلد الفقمة مع تغير المناخ
بحلول عام 1300، توقف استخدام جلد الفقمة في تغليف الكتب، ويعتقد الباحثون أن السبب قد يكون مرتبطًا بالعصر الجليدي الصغير، الذي أثر بشكل كبير على الحياة في المناطق النوردية، بما في ذلك اختفاء بعض المستوطنات في جرينلاند.
كما يشير العلماء إلى أن أساليب الصيد التقليدية للنورسيين لم تكن قادرة على التكيف مع الظروف البيئية الجديدة بسبب التغير المناخي.
الرمزية الغامضة لجلد الفقمة في العصور الوسطى
من المثير أن الثدييات مثل الفقمات كانت نادرًا ما يتم تصويرها في الفن في العصور الوسطى، ولم يكن لها دور بارز في علم شعارات النبالة.
ويفسر هذا النقص في التمثيل لماذا كان من الصعب على المعاصرين التعرف على جلد الفقمة كمادة مميزة، مما يزيد من غموض هذا الاكتشاف.
استنتاجات العلماء: شبكة تجارية متطورة في العصور الوسطى
ويعزز الكشف عن استخدام جلد الفقمة في تجليد كتب العصور الوسطى الفكرة بأن هناك شبكة تجارية واسعة في تلك الفترة، والتي تجاوزت الحدود المحلية لتشمل مناطق بعيدة مثل الشمال الاسكندنافي.
كما يسلط هذا الاكتشاف الضوء على الروابط الاقتصادية بين الأديرة الأوروبية وشعوب الفايكنج النورسيين، وهو ما يعكس مدى تعقيد وثراء التجارة في العصور الوسطى.