«السيسى» و«ماكرون» وشراكة السلام الاستراتيجية

«السيسى» و«ماكرون» وشراكة السلام الاستراتيجية

لم تكن الزيارة التى قام بها الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون على مدار ثلاثة أيام لمصر هذا الأسبوع ولقائه مع الرئيس عبدالفتاح السيسى مجرد زيارة عادية تحكمها وتغلفها قواعد البروتوكولات السياسية بين الزعماء ورؤساء الدول، ولكن الزيارة التى أحدثت دويًا هائلًا على مستوى العالم كانت بمثابة رسالة سلام مباشرة وواضحة لكل من يشعلون النار، ويسفكون ويستحلون دماء الأبرياء ليس فى غزة وحدها ولكن فى منطقة الشرق الأوسط كلها، تلك المنطقة التى تحولت بالفعل فى أماكن كثيرة منها إلى بؤرة للاضطرابات والقلاقل والصراعات. وفى اعتقادى أن زيارة ماكرون لمصر هى أهم زيارة لرئيس واحدة من أكبر دول العالم ربما من سنوات لسببين، السبب الأول هو التوقيت، والانتهاكات الوحشية التى ترتكبها إسرائيل فى غزه وتجاهلها لكل رسل السلام فى المنطقة والعالم، والسبب الثانى، هو الحرب التجارية العالمية التى تسبب فيها الرئيس الأمريكى ترامب بعد فرضه رسوما جمركية ضخمة على عدد كبير من بلدان العالم من بينها مصر، وشتان الفارق بين ما فعله ويفعله الرئيس السيسى، والرئيس الفرنسى لإحلال السلام والأمن مكان القتل والتدمير، والاعتداء على الأرض والعرض، وبين ما يفعله الرئيس الأمريكى الذى يجعل من الخسائر والمكاسب الاقتصادية العنصر الحاكم والفاصل فى موقفه من عدد كبير من القضايا والأحداث حتى وإن كانت تتعلق بإبادة بشر كل قضيتهم أنهم يدافعون عن أرضهم وأحلامهم.. نعود لزيارة «ماكرون» لمصر ونؤكد عدة حقائق بالغة الأهمية وهى:

أولا: إن اصطحاب الرئيس السيسى لضيفه الكبير إلى أماكن سياحية مزدحمة بالقاهرة العتيقة مثل خان الخليلى والتقاط الصور التذكارية مع الناس، أبلغ رسالة للعالم أن مصر ستظل رمزًا للسلام والأمان والاستقرار.

ثانيًا: حالة البهجة والسعادة التى ظهر عليها الرئيس الفرنسى سواء من الاستقبال الحافل من جانب الرئيس السيسى وشعبه، أو اندهاشه بعظمة وعبقرية مصر خلال زيارته للمتحف الكبير تعد بمثابة واحدة من أكبر حملات الترويج للسياحة المصرية خاصة فى الدول الفرانكوفونية الناطقة بالفرنسية حول العالم وإلى تضم 80 دولة على رأسها فرنسا بالطبع، وكذلك جذب الاستثمار الأجنبى خاصة فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، وانخفاض الدخل من النقد الاجنبى.

ثالثًا: أن اتفاق مصر وفرنسا على رفع درجة العلاقات بين البلدين إلى درجة الشراكة الاستيراتيجية يعد اعترافًا واضحًا.

من إحدى أهم الدول المؤسسة للاتحاد الأوروبى، وأكبر مستثمر أوروبى فى مصر وفقًا لأرقام الوكالة الفرنسية للتنمية بمكانة وعظمة مصر على كافة الأصعدة.

رابعًا: الزيارة التى قام بها الرئيس السيسى و«ماكرون» إلى مدينة العريش التى تبعد بنحو 50 كيلو متر عن الأحداث فى غزة، واللقاءات التى أجروها مع عدد كبير من المصابين، والموظفين بالهلال الأحمر المصرى ستعزز من الموقف العالمى وعلى رأسه الموقف المصرى الرافض لتهجير أهالى غزة من أراضيهم.

خامسًا: أن مشاهدة الرئيس الفرنسى لبعض المشروعات المصرية العملاقة سواء فى البنية التحتية، أو الخط الثالث لمترو الأنفاق سيكون له دور كبير فى تقوية العلاقات الاقتصادية المستقبلية بين القاهرة وباريس.