إسرائيل تنفذ مخططاً لـ«الإبادة».. ومصر تقود المعركة لإنقاذ القضية

«فى غزة، أصبح كوب الماء يكلف كوباً من الدم، وأصبحت وجبة طعام متواضعة تكلف الفلسطينى حياته وما تبقى لديه من مال».. بهذه الكلمات المؤلمة الممزوجة بمرارة الظلم وجبروت عدو نزع من قلبه كل معالم الإنسانية تحدث السفير مهند العكلوك المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى جامعة الدول العربية، مطلقا صرخة للضمير العالمى للوقوف بقوة ضد الاحتلال الإنسانى واسترجاع هيبة القانون ومبادئ الإنسانية التى داس عليها الاحتلال بجبروته.
وفى تصريحات خاصة لصحيفة «تواصل»، أكد السفير مهند العكلوك على هامش اجتماع الدورة غير العادية للمجلس الاقتصادى والاجتماعى أن مصلحة الشعب الفلسطينى يجب أن تكون فى مقدمة أولويات الجميع، مشددًا على أهمية بقاء الشعب الفلسطينى على أرضه.
وقال: «على حركة حماس أن تضع فى اعتبارها أن إسرائيل لديها هدف الصهيونية العالمية والذى يهدف لتهجير الشعب الفلسطينى وبالتالى يجب أن يكون هناك قاعدة لاتفاق وحوار وطنى أساسه الحفاظ على بقاء الشعب الفلسطينى.. الحفاظ على صموده، الأمر لا يتعلق بتكتيكات هنا وهناك..الأمر يتعلق بعدوان استراتيجى على شعب مهدد بإبادته وتهجيره من أرضه».
وأكد العكلوك على أهمية الاجتماع الاقتصادى العربى فى دورته غير العادية، وقال إن هذه الدورة تأتى فى إطار التحضير للقمتين العربيتين المرتقبتين: القمة العربية العادية (34) والقمة التنموية العربية الاقتصادية والاجتماعية (5)، المقررتين فى العاصمة العراقية بغداد خلال مايو المقبل، مؤكدًا ضرورة تعزيز التعاون الاقتصادى العربى وتبادل التجارة، مشيرًا إلى أن القرارات يجب أن تُنفذ وليس فقط تُتخذ. قائلا «نأمل أن تكون القمة القادمة فى بغداد نموذجًا لتقوية الاقتصاد العربى ضد التحديات».
كشف السفير مهند العكلوك النقاب عن المخطط الإسرائيلى الخطير الرامى إلى «التهجير القسرى» للشعب الفلسطينى، قائلا: «إن إسرائيل أنشأت هيئة حكومية خاصة باسم مضلل تحت اسم التهجير الطوعى لتسهيل عملية التهجير ولكن الجميع يرى ويعلم بأنه ليس هناك تهجير طوعي بل هناك إبادة، هناك قتل، هناك تجويع، هناك انهيار متعمد للمنظومة الصحية هناك قتل للمسعفين الذين يحاولون إنقاذ الحياة فبالتالى هذه كلها مقدمات لتهجير حقيقى»، مؤكداً أن أى عملية تهجير للفلسطينيين ستكون جريمة مكتملة الأركان، ليس فقط ضد حقوق الشعب الفلسطينى، وإنما أيضاً ضد الأمن القومى العربى، خاصة للدول المجاورة لفلسطين.
وقال العكلوك «إسرائيل لا تريد فقط ترحيل الفلسطينيين، بل تسعى لتصفية القضية بأكملها.. حيث إن الاحتلال ينفذ سياسة ممنهجة تشمل التجويع المتعمد، تدمير البنية التحتية، مشيرا إلى أن إسرائيل تفرض حصاراً كاملاً منذ أكثر من 35 يوماً، دون دخول أى مساعدات غذائية أو طبية، مما أدى إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة»، مؤكدا أن هذا ليس حصاراً عادياً، بل هو أداة ضغط لتنفيذ التهجير القسرى تحت شعار «الطوعى».
مصر رسمت خطاً أحمر ضد التهجير
أشاد السفير الفلسطينى بالموقف المصرى الثابت قائلاً: «منذ اللحظة الأولى، وقف الرئيس عبدالفتاح السيسى وقال كلمته التاريخية: مصر لن تسمح بتهجير الفلسطينيين، ولن تسمح بتصفية القضية».
وتابع العكلوك: «وجدنا ثباتاً من الموقف المصرى على مدار 18 شهرا من الإبادة الجماعية ومنع التهجير القصرى لأن التهجير القصرى أو حتى التهجير الطوعى هو تصفية للقضية الفلسطينية»، مضيفا أن مصر لا تتعامل مع القضية الفلسطينية كقضية عابرة، بل كجزء من أمنها القومى، مشيراً إلى أن القاهرة قدمت خطة عربية شاملة للتنسيق مع فلسطين فى مجالات الإغاثة وإعادة الإعمار، لكن إسرائيل ردت باستئناف العدوان بشكل أكثر وحشية.
رسائل للدول العربية
وجه العكلوك رسالة قوية للدول العربية، محذراً من أن الإدانة والاستنكار لم يعودا كافيين، وقال: «لابد من التحرك اليوم.. إسرائيل لا تفهم كما قلنا مراراً وتكراراً لا الإدانة ولا الاستنكار ولا الشجب ولا المطالبة ولا الدعوة… إسرائيل لا تفهم إلا لغة العقوبات والضغوط الملموسة».
وناشد العكلوك بـقطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل من قبل الدول العربية التى لا تزال تربطها بها علاقات، ومنع الطيران الإسرائيلى من استخدام المجالات الجوية العربية، مقاطعة أى نشاط رياضى أو ثقافى يشمل إسرائيل، وتنفيذ قرارات القمم العربية السابقة بكسر الحصار وإدخال المساعدات. وقال «نحن لا نريد قرارات نمطية.. نريد تحركاً عربياً موحداً ينقذ شعبنا قبل فوات الأوان».
ووجه رسالة قوية للدول العربية قائلا «إسرائيل لا تهدد الأمن القومى العربى فقط، بل تعتدى عليه مباشرة، مشيراً إلى احتلال إسرائيل لأجزاء من سوريا وجنوب لبنان، وتهدد بضم 60 إلى 80% من الضفة الغربية، وتقوم بانتهاكات المسجد الأقصى المبارك». محذرًا: «إذا سكت العالم اليوم على تهجير الفلسطينيين، فغداً سيدفع الجميع الثمن».
البنود المقدمة من فلسطين
وأوضح أن دولة فلسطين قدمت عدة بنود تهدف إلى دعم الشعب الفلسطينى، منها بند خاص بدعم وإيواء الأسر النازحة نتيجة الحرب، وبند لمشروع محطات الطاقة الشمسية فى المخيمات الفلسطينية، بالإضافة إلى بند يتعلق بالاستثمار فى الموارد البشرية.
وأشار «العكلوك» إلى أن هناك أملًا فى أن تتولى الحكومة الفلسطينية مسئوليات الحكم فى قطاع غزة، فى إطار وحدة سياسية وجغرافية تشمل كافة الأراضى الفلسطينية المحتلة وعاصمتها القدس. وقال: «توافقت الحكومة الفلسطينية مع الحكومة المصرية على تشكيل لجنة إدارية لقطاع غزة تكون مرجعيتها الحكومة الفلسطينية، مع تحديد مرحلة انتقالية لمدة معينة».
الدعم الدولى
وفى سياق حديثه عن التضامن العالمى على المستوى الشعبى أو الدبلوماسى، أشار «العكلوك» إلى أن هذا التضامن لم يكن كافيًا لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، قائلا: «كل هذا التضامن لم يستطع إدخال شربة ماء إلى قطاع غزة، والشعب الفلسطينى يذبح ويقتل ويجوع على الهواء مباشرة».
وطالب «العكلوك» الاتحاد الأوروبى باتخاذ إجراءات حقيقية لوقف العدوان الإسرائيلى، مؤكدًا أن ما يحدث يتنافى مع القيم الإنسانية والديمقراطية والقانون الدولى. داعيًا الدول العربية والمجتمع الدولى إلى اتخاذ إجراءات فعالة لضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة، مشدداً على ضرورة الوفاء بالالتزامات الواردة فى قرارات القمم العربية السابقة.
وقال: «إن السكوت على حرق إسرائيل للنازحين أحياء فى خيامهم، وتطاير أجساد الأطفال فى الهواء بسبب القنابل الإسرائيلية، هو تواطؤ فى جريمة ضد الإنسانية»، وأضاف «العكلوك» أنه يأمل فى تنفيذ الخطة التى اعتمدتها القمة العربية، والتى طرحتها جمهورية مصر العربية بوقف إطلاق النار وتقديم الدعم الكامل لفلسطين فى مجالات الإغاثة والتعافى وإعادة الإعمار، لمواجهة التهجير القسرى.
انتقادات للمجر
وعن تخاذل بعض الدول مع القضية الفلسطينية، أدان العكلوك انسحاب المجر من المحكمة الجنائية الدولية، معتبرًا ذلك تواطؤًا مع مجرمى الحرب. وقال: «ما قامت به المجر من انسحابها من المحكمة الجنائية الدولية من أجل عيون مجرم الحرب نتنياهو الذى أصدرت محكمة العدل الدولية مذكرة اعتقال بحقه وبحق وزير العدوان الإسرائيلى السابق ومع الأسف قامت دولة عضو فى الاتحاد الأوروبى بالانسحاب من التزام الدولى من التزام بإنصاف الضحايا ومعاقبة المجرم واستقبلت المجرم وانسحبت من النظام الدولى نظام العدالة الدولية..هذا الأمر مدان ويجب أن يُدان داخل الاتحاد الأوروبى».
واستعرض العكلوك الفظائع التى يتعرض لها الشعب الفلسطينى، حيث قال: «تقف الكلمات عاجزة عن وصف الآلام والظلم والعذاب الذى يتجرعه الشعب الفلسطينى، جراء جرائم العدوان والإبادة الجماعية والتطهير العرقى التى ترتكبها إسرائيل بحقه».
أكد أن إسرائيل تستمر فى ارتكاب الجرائم، وقال «على مدار 550 يوماً، تسفك دماء الأطفال والنساء وتدمر الحياة بكل أشكالها فى قطاع غزة، بلا هوادة أو رحمة». واستعرض السفير العكلوك إحصائيات مروعة، حيث ذكر أن: «عدد الشهداء تجاوز 51 ألف شهيد، وجرح أكثر من 115 ألف جريح، معظمهم من الأطفال والنساء».
ووصف «العكلوك» الوضع الإنسانى فى غزة بأنه كارثة، قائلاً: «الأمم المتحدة عبرت عن أن ما دخل إلى غزة من مساعدات مجرد قطرة فى بحر الاحتياجات، والبرنامج الغذائى العالمى صرح بأن آخر الطرود الغذائية ستوزع خلال يومين..قطاع غزة يعانى من أعلى مستويات المجاعة الموثقة فى العصر الحديث، مع تسجيل وفيات بين الأطفال بسبب الجوع».